من الصحافة الإيرانية: الإمارات وسيطاً جديداً بين إيران والولايات المتحدة؟

إن إرسال رسالة ترامب عبر الإمارات العربية المتحدة يعد خطوة غير متوقعة. فلطالما لعبت عمان وقطر والعراق أدوار الوساطة في تبادل الرسائل بين طهران وواشنطن.

ميدل ايست نيوز: تتصاعد التحركات الدبلوماسية بشأن الملف النووي الإيراني. فقد عقد أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جلسة غير علنية لمناقشة هذا الموضوع، وفي الوقت نفسه، زار أنور قرقاش، مستشار رئيس الإمارات العربية المتحدة للشؤون الدبلوماسية، طهران لتسليم رسالة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المسؤولين في الجمهورية الإسلامية.

يأتي هذا في وقت عقد اجتماع اليوم الجمعة في بكين بين نواب وزراء خارجية الصين وروسيا وإيران، لمناقشة تطورات الملف النووي الإيراني ومساره المستقبلي.

لكن في خضم هذه التحركات، فإن إرسال رسالة ترامب عبر الإمارات العربية المتحدة يعد خطوة غير متوقعة. فلطالما لعبت عمان وقطر والعراق أدوار الوساطة في تبادل الرسائل بين طهران وواشنطن، ولم يكن للإمارات دور معلن في هذا المجال حتى الآن. لذا، فإن اختيار الإمارات لنقل رسالة ترامب إلى المسؤولين الإيرانيين لا بد أن يكون له سبب خاص.

وأقامت الإمارات علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل في إطار ما يُعرف بـ “اتفاقيات أبراهيم”. في الوقت نفسه، تُعدّ الإمارات منفذاً رئيسياً للتجارة والعلاقات الاقتصادية بين إيران والعالم الخارجي، وهو أمر تغاضت عنه الولايات المتحدة على مدى السنوات الماضية رغم العقوبات المفروضة على إيران، لكن إدارة ترامب تسعى الآن إلى إنهائه.

كما أن للإمارات علاقات وثيقة ومربحة مع كل من روسيا والصين، وهاتان الدولتان توليان أهمية كبيرة لأمن الإمارات، لدرجة أنهما دعمتا مطالبها بإحالة قضية الجزر الإيرانية الثلاث في الخليج إلى محكمة العدل الدولية، حتى على حساب إزعاج طهران.

لذلك، يبدو أن الوفد الإماراتي لم يذهب إلى طهران لمجرد تسليم رسالة ترامب، بل ربما جاء لإجراء مفاوضات جادة بشأن الملف النووي الإيراني والقضايا الأخرى العالقة بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة، مستنداً إلى علاقات بلاده الاقتصادية مع طهران وقربها من القوى العالمية الثلاث.

ومن المرجح أن الإمارات، كغيرها من دول الخليج، بل وربما أكثر منها، تخشى اندلاع مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، لما لذلك من تبعات خطيرة عليها. فهناك إجماع دولي على ضرورة حل القضية النووية الإيرانية عبر الدبلوماسية والمفاوضات.

لكن الجمهورية الإسلامية ترفض أي مفاوضات تهدف إلى تفكيك دورة التخصيب النووي على أراضيها، أو التطرق إلى برنامجها الصاروخي وقضاياها الإقليمية.

في الواقع، أصبح الوضع معقداً للغاية. فترامب، الذي ألغى الاتفاق النووي خلال ولايته الأولى، لا يسعى إلى إحيائه أو تقديم نموذج مشابه له. وهو لا يقبل بأي اتفاق يرفع العقوبات عن إيران ويفتح لها المجال للحصول على العملات الأجنبية، إلا إذا ضمنت واشنطن وأمن إسرائيل وقواتها في المنطقة ضد أي تهديد محتمل من إيران وحلفائها في الشرق الأوسط.

يبدو هذا الشرط بسيطاً ظاهرياً، لكنه يحمل تداعيات سياسية عميقة على الداخل الإيراني، مما يزيد من تعقيد المشهد. ولهذا، فإن تفاصيل العروض المطروحة بشأن البرنامج النووي والصاروخي الإيراني قد تكون أقل أهمية من السياق الأوسع للعلاقات العدائية الممتدة بين طهران وواشنطن.

من المحتمل أن الوفد الإماراتي يسعى لاستكشاف ما إذا كانت طهران مستعدة للخروج من دائرة المواجهة مع الولايات المتحدة. ومن المرجح أن يرد المسؤولون الإيرانيون على ذلك بتحميل واشنطن مسؤولية العداء القائم بين البلدين. لكن ربما يحمل الجانب الإماراتي مقترحاً أمريكياً لضمان أمن إيران في حال تم التوصل إلى تفاهم لإنهاء العداء بين الطرفين.

يبقى موقف المسؤولين الإيرانيين تجاه مثل هذا العرض غير واضح. لكن الأمر المؤكد حتى الآن هو أنه بدون تهدئة حقيقية بين الولايات المتحدة وإيران، لا يمكن التوصل إلى أي اتفاق نووي مستدام. ولهذا، فإن الجهود الدبلوماسية الحالية تتركز بشكل أساسي على تمهيد الأرضية لمفاوضات مباشرة بين طهران وواشنطن لإنهاء عقود من العداء المتبادل، وربما لا تخرج المبادرات الروسية والصينية عن هذا الإطار أيضاً.

أحمد زيد آبادي
محلل سياسي وصحفي إيراني

إقرأ أكثر

من الصحافة الإيرانية: دلالات تعيين أنور قرقاش لإبلاغ رسالة ترامب لإيران

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 − ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى