ما أهداف إدارة ترامب من العدوان على اليمن؟

طرح العدوان الأميركي على اليمن أسئلة عن أهداف إدارة ترامب منه، وسط تفسيرات متعددة لذلك، بين من يرى فيها رسالة إلى إيران، وبين من يحصرها بالسعي لتقويض قدرات الحوثيين.

ميدل ايست نيوز: بات العدوان الأميركي على اليمن والأول في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأوسع والأكبر منذ أن بدأت واشنطن شن غارات جوية وهجمات صاروخية على مواقع للحوثيين في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة مطلع العام الماضي، رداً على هجمات الجماعة ضد سفن الشحن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي.

هذا العدوان الذي بدأ مساء السبت الماضي استهدف ثماني محافظات يمنية خاضعة لسيطرة الحوثيين، وهي صنعاء وصعدة والحديدة ومأرب والجوف وذمار والبيضاء وحجة. كما أن هذه الجولة من العدوان الأميركي على اليمن هي الأعنف من حيث القوة التدميرية للأسلحة المستخدمة في تنفيذ الغارات، وكذا من حيث عدد الضحايا الذين سقطوا نتيجة العدوان، علماً أن وزارة الصحة في حكومة الحوثيين أعلنت مساء الأحد وصول عدد الضحايا إلى 53 شهيداً بينهم 5 أطفال وامرأتان، بالإضافة إلى 98 جريحاً بينهم 18 طفلاً وامرأة.

ويطرح العدوان الأميركي على اليمن أسئلة عن أهداف إدارة ترامب منه، وسط تفسيرات متعددة لذلك، بين من يرى فيها رسالة إلى إيران ضمن سياسة الضغوط القصوى التي تنتهجها واشنطن، وبين من يحصرها بالسعي لتقويض قدرات الحوثيين على استهداف الملاحة الدولية.

العدوان الأميركي على اليمن… نهج أكثر عدوانية

وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن مسؤولين أميركيين أن ترامب أذن باتباع نهج أكثر عدوانية من الإدارة السابقة تجاه الحوثيين. في المقابل، قال البيت الأبيض إن هجمات الحوثيين على الشحن البحري منذ عام 2023 “أثرت سلباً على أمننا الاقتصادي والتجارة العالمية”، وإن عدد السفن التجارية في البحر الأحمر انخفض من 25 ألفاً سنوياً إلى نحو 10 آلاف بسبب هجمات الحوثيين. وأضاف أن هجمات الحوثيين تسبّبت في تحويل مسار نحو 60% من السفن إلى أفريقيا بدلاً من عبور البحر الأحمر، وأن الحوثيين هاجموا السفن الحربية الأميركية 174 مرة والسفن التجارية 145 مرة منذ عام 2023.

وفي إطار تأكيد الإدارة الأميركية الاستمرار في الهجمات على اليمن، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، الاثنين الماضي، إرسال ثلاث حاملات طائرات تابعة للبحرية الأميركية إلى منطقة الشرق الأوسط. وكان ترامب قد قرر في 22 يناير/كانون الثاني الماضي، عقب استلامه للسلطة بيومين فقط، إدراج جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) على قائمة “المنظمات الإرهابية الأجنبية” وهو القرار الذي دخل حيز التنفيذ مطلع مارس/آذار الحالي.

في المقابل، وفي سياق رد جماعة الحوثيين على العدوان الأميركي على اليمن قال زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأحد الماضي، إن “حاملة الطائرات والقطع الحربية الأميركية ستكون هدفاً لنا، وقرار حظر الملاحة سيشمل الأميركي طالما استمر في عدوانه”، وإن جماعته ستواجه التصعيد بالتصعيد، لافتاً إلى أن “هدف العدوان الأميركي على اليمن وقف إسنادنا للشعب الفلسطيني”.
بالتزامن مع ذلك، أعلن المتحدث العسكري للجماعة العميد يحيى سريع، الأحد الماضي، أن القوات المسلحة اليمنية لن تتردد في استهداف كافة القطع الحربية الأميركية في البحرين الأحمر والعربي رداً على العدوان الأميركي على اليمن، كما جدد التأكيد على الاستمرار في فرض الحصار البحري على العدو الإسرائيلي في منطقة العمليات المعلنة حتى إدخال المساعدات لغزة.

رسالة إلى إيران؟

وقال الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، مراد العريفي،  إن الهجمات الأخيرة للولايات المتحدة ضد الحوثيين تأتي ضمن مرحلة من التصعيد الأميركي الواضح ضمن استراتيجية “فرض القوة لتحقيق السلام”، موضحاً أن “إدارة ترامب ترى أنها معنية بدرجة أساسية بتقديم صورة مختلفة تماماً عن سياسات إدارة جو بايدن السابقة، وهذا ما كان واضحاً في تصريحات ترامب مع الضربات الأولى، وفي العملية الجوية التي قد تكون استهدفت قيادات الجماعة خلافاً للضربات التي كانت في عهد بايدن والتي اتخذت الطابع الوقائي أكثر من الهجومي”.

ولفت العريفي إلى أن “الأمر المثير للانتباه هو أن تحرك واشنطن الجديد بدا بعيداً عن تحالف “حارس الازدهار” الذي أنشأته ضد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وهذا مؤشر على أن الولايات المتحدة لديها أهداف تتعلق باستراتيجيتها العسكرية التي تعتمد على السيطرة والحضور في البحر، وهذا بات أكثر أهمية في سياق المواجهة مع الصين، لذا فإن العمليات ضد الحوثيين أصبحت احتياجاً أميركياً في سياق التنافس والحضور في الإقليم أكثر مما هو تأمين للبحر الأحمر”.

وتابع أن “الضربات الجوية كانت رسالة صريحة لإيران ضمن سياسة الضغوط القصوى التي تنتهجها إدارة ترامب ضد طهران، لذا يبدو أن واشنطن وجدت أن العمل بشكل منفرد يمنحها مساحة أكبر للتحكّم في التصعيد، من دون أن تتورط في التزامات طويلة الأمد مع شركائها الذين قد لا يكونون متحمسين لهذا التصعيد”.

وأشار العريفي إلى أن الرد الحوثي حتى الآن يظهر من خلال الهجوم المكثف على حاملة الطائرات الأميركية “يو إس إس هاري ترومان” في شمال البحر الأحمر، وطبيعة هذا الرد سيكون المحدد للعملية الأميركية، والذي لن يغلب عليه الطابع الدفاعي كما كان في السابق، بل سيكون رداً عنيفاً.

واعتبر أن “الجماعة لن تكترث بهذا الفعل في ظل أنها صارت أكثر تحصيناً لقدراتها العسكرية وفي مساحة واسعة سيكون من الصعب على الولايات المتحدة تتبّع هذه الأهداف، لذلك قد نشهد تصعيداً كبيراً بين الطرفين، وهذا ما سيكون تبعاً لأن الحرس الثوري الإيراني يجد في الحوثيين رأس حربة يمكن المناوشة بها مع خسائر معدومة”.

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد شوقي أحمد، إن “هذه الضربات تأتي في سياقين، الأول هو إشغال الرأي العام الأميركي عن التداعيات الاقتصادية للإجراءات التي اتخذتها حكومة ترامب في ما يتعلق بالرسوم الجمركية، والثاني هو تنفيذ بعض التعهدات الأميركية تجاه الحلفاء في المنطقة في ما يتعلق بتقويض أذرع إيران بغرض تحريك الاتفاقات الاقتصادية مع هذه الدول التي وعدت بتقديم استثمارات سخية في الولايات المتحدة”.

ولفت إلى أن “قيام الإدارة الأميركية بهذا الهجوم منفردة يؤكد ما أشرنا إليه حول التعهدات المتبادلة مع بعض حلفائها في المنطقة، إضافة إلى أن هذه الضربات تهدف فقط إلى تقويض الجماعة وليس التمهيد لمعركة شاملة، فمثل هذه الهجمات تلجأ إليها الولايات المتحدة عبر تحالفات دولية”.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي أن الهدف من العدوان على اليمن لا يتجاوز تقويض قدرات الحوثيين على استهداف الملاحة الدولية وربما قدرتها على توجيه ضربات انتقامية تجاه بعض دول الإقليم.

وعن الرد الحوثي، أشار إلى أنه “ينطوي على استثمار للدعاية الأميركية حول أن هذه الضربة وُجّهت ردا على الموقف الحوثي المعلن في دعم غزة عبر استهداف الملاحة البحرية، ويهدف الحوثي من ذلك إلى خلق التفاف شعبي وعربي وإيراني حوله في هذه الظروف لدعمه في الصمود أكثر، وفي الوقت نفسه إظهار الثبات والقدرة على التكيّف أمام الضربات الأميركية، وبما يخلق حالة من التردد لدى دول التحالف العربي والإقليم إزاء المواجهة العسكرية مع الحوثيين”.

 

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى