أزمة دوائية في إيران.. أسعار باهظة ونقص حاد في العلاجات الأساسية
تصدرت في الآونة الأخيرة تقارير ارتفاع أسعار مختلف أنواع الأدوية في إيران بنسبة تتراوح بين 50٪ و400٪ عناوين الصحف ووسائل الإعلام في البلاد.

ميدل ايست نيوز: تصدرت في الآونة الأخيرة تقارير ارتفاع أسعار مختلف أنواع الأدوية في إيران بنسبة تتراوح بين 50٪ و400٪ عناوين الصحف ووسائل الإعلام في البلاد، وما يثير قلق الأطباء بشدة هو التأثير طويل الأمد الذي تسببه التقلبات في قطاع الأدوية على صحة الإيرانيين.
وكتب صيدلي مقيم في طهران على منصة إكس حول ارتفاع أسعار الأدوية: عندما كان سعر دواء ما يصل إلى 500 ألف تومان عندما كان سعر الصرف 4 آلاف تومان، فمن الطبيعي أنه مع ارتفاع سعر الصرف إلى 60 ألف تومان، سيتضاعف سعر الدواء 15 مرة، واستمرار زيادة الأسعار بهذا الشكل سيجعل تحمل التكاليف الباهظة للأدوية خارج نطاق قدرة العديد من الأسر الإيرانية.
وكتب مستخدم آخر يمتلك صيدلية، أن 60 قرصًا من مضاد الاكتئاب “أسنترا” والذي تنتجه شركة “أكتووركو” الإيرانية، بالإضافة إلى مكمل كالسيوم، صار يكلف مليون تومان.
ويتحمل المرضى في إيران جزءًا كبيرًا من تكاليف العديد من الأدوية من جيوبهم الخاصة.
بالنسبة لـ “الأمراض المستعصية”، يسجل المرضى في نظام التأمين الاجتماعي أو خدمات الرعاية الصحية أو صندوق الصحة الوطني، وبعد الموافقة، يتم “وضع علامة” عليهم، ولكن سقف تكاليف الأدوية لا يتجاوز 200 مليون تومان سنويًا، علما أن دورة العلاج الكيميائي لمرضى السرطان قد تصل إلى مليار تومان.
قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة “محك” مؤخرًا إن البروتوكول العلاجي لطفل مصاب بالسرطان قد يكلف الأسرة ما بين 100 إلى 500 مليون تومان على الأقل، وقد يصل إلى 1 إلى 3 مليارات تومان أو أكثر خلال فترة علاج تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن أحد الصيادلة في طهران قوله بأن شركات التأمين، بما في ذلك خدمات الرعاية الصحية والتأمين الاجتماعي، لا تدفع مستحقات الصيدليات لمدة تصل إلى ستة أشهر، مضيفا أن العام الماضي امتدت فترة عدم الدفع إلى عشرة أو حتى أحد عشر شهرًا، كما أُعيدت بعض الشيكات بدون تغطية، مما دفع بعض الصيدليات إلى التوقف عن قبول الوصفات الطبية المشمولة بالتأمين.
وفقًا للتقارير المنشورة، بلغت قيمة الشيكات المرتجعة للصيدليات في النصف الأول من العام الإيراني الماضي حوالي 4,000 مليار تومان.
نتيجة لذلك، تتحمل الأسر الأعباء المالية الثقيلة لشراء الأدوية، مما أدى إلى تخلي العديد من المرضى عن العلاج أو الحصول على أدويتهم بشكل غير كامل، وهو ما يعرض حياة المرضى، وخاصة المصابين بأمراض قاتلة، للخطر.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن أكثر من 2,500 مريض إيراني مصاب بالهيموفيليا فقدوا حياتهم خلال عام 2024.
وبحسب التقارير الرسمية، يتم تسجيل 141,641 حالة إصابة جديدة بالسرطان في إيران سنويًا، أي حوالي 390 حالة يوميًا.
وفي تصريحات إعلامية قال طبيب مقيم في طهران: بعض مرضاي المصابين بالسرطان أوقفوا علاجهم، ويقولون إنه رغم الصعوبات تمكنوا العام الماضي من تأمين الأدوية، لكن هذا العام لم يعد بمقدورهم ذلك”.
وأضاف: العام الماضي، كانت تكلفة دورة العلاج بدواء السرطان ‘فينتوكلاكس’ حوالي 90 مليون تومان، لكن الآن وصلت التكلفة إلى 190 مليون تومان، وهو مبلغ لا تستطيع معظم الأسر تحمله بسبب الأوضاع الاقتصادية”.
ويبحث الأشخاص المستعدون لدفع أسعار باهظة لإنقاذ حياتهم أو حياة أحبائهم عن الأدوية في مواقع التواصل. هذه المشكلة لا تقتصر فقط على الأدوية النادرة والجديدة، بل تشمل أيضًا الأدوية الشائعة.
وكتب أحد المستخدمين الإيرانيين، الذي كان يبحث عن عقار “أوكسالي بلاتين” لوالدته المصابة بسرطان القولون، أنه وجده أخيرًا بصعوبة، ودفع 8 ملايين تومان لجلسة واحدة من العلاج الكيميائي.
كما كتب مستخدم آخر أن “فيلجراستيم” (نيوبيوجين)، المستخدم لزيادة عدد خلايا الدم البيضاء، غير متوفر في أي صيدلية في طهران.
ارتفاع أسعار الأدوية في إيران حتى أربعة أضعاف وسط تردد شركات التأمين في تغطية التكاليف
نقص اللقاحات الأساسية
بلغ سعر لقاح “غارداسيل 9” المكون من ثلاث جرعات ما يصل إلى 60 مليون تومان، في حين أن السعر الرسمي المحدد من قبل الحكومة هو 6.8 مليون تومان.
يتم استخدام لقاح “غارداسيل” المنتج من قبل شركة “ميرك” في العديد من دول العالم، لكن تقارير أظهرت أنه أصبح نادرًا أو حتى منعدمًا في إيران خلال السنوات الأخيرة.
تحدثت هانية قاسمي، الباحثة في مجال التكنولوجيا الحيوية والناشطة في مجال الصحة، لصحيفة “شرق” عن وجود “تلاعب” في هذا المجال، وقالت إن لقاح “غارداسيل”، الذي يتم توفيره بدعم حكومي ويحمل ملصق وزارة الصحة، يباع في العيادات بأسعار مضاعفة عدة مرات.
وأضافت أنه في يناير الماضي، تم توزيع 5,000 جرعة من اللقاح في طهران، لكن لا أحد يعرف إلى أين ذهبت.
وقام خبراء إيرانيون بتصنيع نوع محلي من هذا اللقاح، حيث أنتجت شركة “نيواد فارمد سلامت” لقاحًا مشابهًا يُسمى “بابيلوغارد”، وهو لقاح مؤتلف لمكافحة سلالات فيروس الورم الحليمي البشري 16 و18.
وصرحت الشركة المنتجة لـ “بابيلوغارد” في فبراير 2024 بأنه رغم قدرتها على إنتاج 10 ملايين جرعة سنويًا، إلا أنها تنتج حاليًا مليون جرعة فقط سنويًا. يُعطى هذا اللقاح على ثلاث جرعات، وسعره للمستهلك هو 950,000 تومان.
في وقت سابق، قال الدكتور شهرام كردستي، أستاذ علم الأورام في كلية كينغز بلندن وخبير أمراض الدم والأورام، إن لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) ليس من أولويات وزارة الصحة الإيرانية، ووصف ذلك بأنه “خطير”، مشيرًا إلى أن انتشاره السريع سيؤدي إلى عواقب “كارثية” فيما يتعلق بظهور أنواع مختلفة من السرطانات.
عدم وجود تخطيط مناسب، وإلقاء اللوم بين المسؤولين، جعل حتى اللقاحات الشائعة، مثل لقاح الإنفلونزا، غير متاحة، مما حرم الفئات الضعيفة والعاملين في المجال الطبي من التطعيم قبل موسم انتشار الفيروسات.
وصرح مسؤول في وزارة الصحة الإيراني بأن هذا العام 2024 تم توزيع 500 إلى 600 ألف جرعة فقط من لقاح الإنفلونزا، وكان جزء منها لقاحًا محليًا، لكنه لم يلقَ إقبالًا كبيرًا.
إقرأ أكثر