كيف غيرت الأزمة الاقتصادية وجهات سفر الإيرانيين خلال النوروز؟
لم يؤثر وصول سعر الدولار في إيران إلى أكثر من 100 ألف تومان وتجاوز معدل التضخم 40% فقط على السفر، بل أيضًا على موائد نوروز.

ميدل ايست نيوز: لم يؤثر وصول سعر الدولار في إيران إلى أكثر من 100 ألف تومان وتجاوز معدل التضخم 40% فقط على السفر، بل أيضًا على موائد نوروز. عندما لا تكفي منحة العيد البالغة 3 ملايين تومان (30 دولارا) للموظفين و14 مليون تومان (140 دولارا) للعمال حتى لمشتريات ليلة العيد، يضطر البعض إلى إلغاء السفر والترحال أثناء أيام العيد من خططهم، بينما يلجأ آخرون إلى رحلات أقل تكلفة مقارنة بالسنوات السابقة.
لم يمض وقت طويل منذ أن بدأت إعلانات السفر إلى طاجيكستان وأربيل العراق وباكستان بالظهور لدى الإيرانيين في مواقع التواصل الاجتماعي. هذه الوجهات الجديدة أصبحت بديلًا للبعض عن دول مثل تركيا ودبي، وحتى عن وجهات أبعد مثل تايلاند والهند وأوروبا.
وأشار أرشك مسائلي، عضو هيئة التدريس في معهد التراث الثقافي والسياحة، في مقابلة مع صحيفة اعتماد إلى أن: من كان يسافر إلى أوروبا الغربية أصبح يتجه إلى صربيا والدول المجاورة. من كان يزور تركيا والدول المحيطة بها قد يتجه إلى السياحة الداخلية في إيران. من كان يقوم برحلات داخلية عدة مرات في السنة، بات يقلل عدد رحلاته.
ويحذر الخبراء من أن هذا التغير لا يؤثر فقط على الحالة النفسية للمواطنين، بل يمتد إلى قطاع السياحة والاقتصاد المحلي والمناطق التي تعتمد على السياحة.
المسافرون ينفقون أقل على الإقامة
بحسب مصطفى فاطمي، أمين اللجنة المركزية لتنسيق خدمات السفر في إيران، فإن المحافظات الأكثر استقطابًا للسياح خلال نوروز 2025 ستكون خراسان الرضوية، مازندران، وهرمزغان، وذلك بناءً على الحجوزات في التطبيقات والمواقع السياحية. ومع ذلك، فإن العديد من المسافرين يبيتون في الخيام أو في منازل الأقارب لتوفير التكاليف.
كشف أمير بويا رفيعي شاد، رئيس مجلس إدارة رابطة مكاتب السفر في طهران، في مقابلة مع اعتماد عن أرقام تشير إلى أن 60% من المسافرين إلى الوجهات السياحية الرئيسية عام 2024 لم يدفعوا مقابل الإقامة، مقارنة بـ 42% في عام 2018. كما انخفضت الخدمات المتاحة في المراكز الترفيهية والسياحية في 10 محافظات رئيسية (من بينها خراسان الرضوية، مازندران، فارس، طهران، وأصفهان) من 29% إلى 23%.
توقعات بانخفاض حاد في عدد الرحلات خلال نوروز 2025
وأضاف رفيعي شاد: في عام 2024، بلغ عدد الرحلات 7.2 مليون رحلة، مقارنة بـ 13 مليون رحلة عام 2018. في ربيع 2024، قامت 52.4% من الأسر الإيرانية برحلات، مقابل 69% في عام 2016. يتوقع الخبراء انخفاض الرحلات بنسبة 50% إلى 60% في نوروز 2025.
واستناداً إلى هذه الإحصائيات، يقول رئيس مجلس إدارة رابطة مكاتب السفر في طهران إن عدد الرحلات انخفض إلى النصف تقريباً خلال السنوات الثماني الماضية.
وأشار إلى أن الأدلة والإحصائيات الأولية تشير إلى انخفاض حاد في السفر خلال نوروز 2025، مضيفًا: الإقبال مقارنة بالسنوات السابقة أقل بكثير، ولكن بما أن الرحلات لم تنتهِ بعد، لا يمكننا تحديد أرقام دقيقة. ومع ذلك، هناك احتمال كبير أن نشهد انخفاضًا يتراوح بين 50% إلى 60% في السفر خلال نوروز العام الجاري.
شراء الرحلات مقدمًا عبر البطاقات الائتمانية
أدى ارتفاع تكاليف السفر إلى انتشار ظاهرة “الجولات السياحية بالأقساط”. في السابق، كانت القروض تُستخدم غالبًا لتمويل الرحلات الدينية أو تُقسم التكاليف على دفعات. لكن بعض المواقع السياحية بدأت الآن بتقديم بطاقات سفر ائتمانية تتراوح قيمتها بين عدة ملايين إلى عشرات الملايين من التومانات، مع فائدة 4%.
يمكن استخدام هذه البطاقات فقط لحجز خدمات السفر من الشركات التي توفرها. فترة السداد تتراوح بين 6 أشهر إلى سنة، ويُطلب دفع نسبة مئوية من إجمالي تكلفة الرحلة كدفعة مقدمة، والتي قد تصل أحيانًا إلى 50%. يتم أخذ شيكات ضمان من العملاء، بحيث يبدأ استحقاقها بعد فترة قصيرة من عودتهم من الرحلة.
وأدى تزامن نوروز 2025 في إيران مع شهر رمضان إلى تغيّر شكل الرحلات هذا العام، حيث يُعرف نوروز تقليديًا بـ “ربيع السياحة”. ورغم أن الإحصائيات السياحية لهذا العام قد لا تكون قابلة للمقارنة بسبب الظروف الخاصة، فإن معدل التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية سيؤديان إلى تسريع الاتجاه التنازلي في ميزانية السفر العائلية، وهو اتجاه مستمر منذ سبع سنوات.