هل تنوي إدارة ترامب تكرار سيناريو النووي الليبي في إيران؟

هل يتكرر سيناريو ليبيا في إيران أم أنّ تلويح الإدارة بالمواجهة قد لا يكون أكثر من مجرد تهويل لإجبار هذه الأخيرة على تقديم تنازلات نووية كبيرة لإبرام اتفاق يُسجَّل إنجازاً من العيار الثقيل للرئيس ترامب؟

ميدل ايست نيوز: في مقابلة معه أمس الأحد، قال مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز، إنّ على إيران “التخلي” عن برنامجها النووي، وإلّا “فإنّ الخيارات كافّة على الطاولة”.

كلامه مع السياق الذي جاء فيه، استحضر سيناريو النووي الليبي؛ ففي عام 2001، حين بعث الرئيس جورج بوش الابن برسالة إلى نظيره الليبي معمر القذافي، وضعه فيها أمام خيارين: “إما أن تتخلّى عن أسلحة الدمار الشامل، وإما أن تقوم أميركا بتدميرها، وكذلك تدمير كل شيء من دون نقاش”.

في الحالتين العبارة ذاتها، وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد كشف قبل أسبوعين عن الرسالة التي وجهها إلى القيادة الايرانية، طالباً منها الرد خلال شهرين على أحد هذين الخيارين. الزعيم الليبي حسم بالخيار المعروف في 2003، فما عساه أن يكون الخيارُ الإيراني؟

التصعيد والوعيد في خطاب الرئيس ترامب عن برنامج إيران النووي، لغة مألوفة، لكن الجديد فيه هذه المرة أنه يطالب طهران بتفكيك برنامجها على غرار ما جرى في الحالة الليبية، يعزّز هذا التفسيرَ أنّ البيت الأبيض أمر السبت بتوجّه حاملة طائرات ثانية إلى المنطقة، إذ بدت هذه الخطوة وكأنها متلازمة مع مطلب “التخلي”، وصبّ في ذات المجرى ما ذُكر في اليومين الأخيرين، بأن واشنطن أعربت عن استعدادها “لمساعدة طهران في بناء مشروع نووي للأغراض المدنية”، لو تخلت هذه الأخيرة عن منشآتها التي تقوم بتخصيب اليورانيوم بدرجة 60% وبكميات تقارب 30 كيلوغراماً شهرياً، حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، وهي نوعية “لا تحتاجها المنشآت النووية المصممة للاستعمالات المدنية”.

لكن ما عدا هذه الاشارات، بقيت الإدارة تتحدث عن هذا الموضوع بلغة قابلة للتأويل، إما بغرض التمويه، وإما لحفظ خط الرجعة، فالرئيس ترامب قال منذ البداية إنه يفضّل “حل هذه المسألة بالدبلوماسية”، معرباً عن استعداده “للتوقيع على اتفاق” في هذا الخصوص، ثم فرَض عقوبات إضافية استهدفت قطاع النفط الإيراني ومبيعاته التي تحصل من وراء العقوبات السابقة.

وفي الأيام الأخيرة، أمر بتكثيف الغارات الجوية على المواقع الحوثية في اليمن، رداً على “نيرانها الإيرانية”. البيت الأبيض بقي ينوه كما وزارة الخارجية، بإعطاء الأفضلية للدبلوماسية، وهكذا المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، الذي قال السبت إنه “لا حاجة لحل كل الأمور بالطرق العسكرية”، مستدركاً بأن “استخدام القوة له ظروفه”.

إلى جانب هذا الالتباس المقصود، كان من اللافت أن يتزامن هذا التصعيد مع تزايد التخبط والانكشاف في تطبيق الأجندة المحلية بإشراف الملياردير إيلون ماسك، فالاعتراض المتزايد على الصلاحيات التي يتحرك بموجبها، وضع البيت الأبيض في موقع محرج، والضجة على الإجراءات غير المسبوقة في إعادة تركيب الأجهزة الإدارية والفنية والمهنية في وزارات الدولة ومؤسساتها، بدأت تنعكس سلباً على صورة الإدارة، خصوصاً بعد دخول القضاء على الخط للبتّ في طوفان الدعاوى التي رُفعت أمام المحاكم، اعتراضاً على عمليات الشطب الواسع للوظائف في دوائر الدولة، وتخوفاً من تداعياتها، خاصة المتعلقة بالضمانات الاجتماعية والحريات وغيرها.

فالعملية كبيرة، ولها أبعاد بدأت تلامس تخوم الأزمة الدستورية، خاصة بعد مطالبة الرئيس بعزل بعض القضاة الذي جاؤوا بأحكام ترفض الكثير من الخطوات التي اتخذها ماسك.

فهل في ذلك ما يدفع باتجاه أزمة خارجية من شأنها تحويل الاهتمام والأضواء عن الأزمة الداخلية التي قد تكون مكلفة إذا ما توالى الجدل والانقسام حولها، ولو أن ترامب رفع منذ البداية شعار وقف الحروب؟ هل يتكرر سيناريو ليبيا في إيران أم أنّ تلويح الإدارة بالمواجهة قد لا يكون أكثر من مجرد تهويل لإجبار هذه الأخيرة على تقديم تنازلات نووية كبيرة لإبرام اتفاق يُسجَّل إنجازاً من العيار الثقيل للرئيس ترامب؟

 

فكتور شلهوب

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى