هل فريق ترمب منقسم بشأن إيران؟

ميدل يست نيوز: في غضون أيام قليلة، مدَّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يده لإيران، لكنه في الوقت نفسه حذَّر طهران من أنها تتحمل مسؤولية أية هجمات يشنها الحوثيون في اليمن. وبينما شددت إدارته على ضرورة وقف البرنامج النووي الإيراني، أبدت أيضاً بعض المرونة.

لطالما اعتمد ترامب على التهديد بالقوة بوصفه أداة تفاوضية، لكن بالنسبة لإيران، يرى بعض المراقبين أن نهجه يعكس رسائل متضاربة أكثر من كونه استراتيجية واضحة، ما يعكس حالة من الجدل داخل إدارته حول كيفية التعامل مع خصم تاريخي للولايات المتحدة منذ ما يقرب من نصف قرن.

وقال دبلوماسي غربي، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «هناك تناقضات كبيرة داخل إدارة ترامب بشأن إيران، وفي النهاية، لا بد أن تصل هذه التناقضات إلى ذروتها»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

في 7 مارس (آذار)، أعلن ترامب أنه بعث برسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني، يقترح فيها محادثات بشأن البرنامج النووي المثير للجدل، لكنه في الوقت ذاته حذَّر من إمكانية اللجوء إلى العمل العسكري في حال رفضت إيران، وهو تهديد كررته إسرائيل أيضاً.

كان ترامب قد انسحب في ولايته الأولى من الاتفاق النووي لعام 2015، الذي أبرمه سلفه باراك أوباما، وعاد إلى البيت الأبيض متعهّداً بإعادة استراتيجية «الضغوط القصوى» من خلال العقوبات. لكنه أشار علناً إلى أن هذا النهج جاء تحت ضغط من مستشاريه المتشددين.

من جهته، أشار ستيف ويتكوف، صديق ترامب الذي أصبح مبعوثه العالمي، إلى احتمال التوصل إلى حل وسط مع إيران. ففي مقابلة حديثة مع المعلق المحافظ تاكر كارلسون، تحدَّث ويتكوف عن إمكانية تبنّي «آلية للتحقق»، يضمن عدم سعي إيران لامتلاك سلاح نووي؛ وهو نهج يتوافق مع اتفاق أوباما الذي حظي بدعم الحلفاء الأوروبيين.

لكن مستشار الأمن القومي لترامب، مايك والتز، سارع إلى تأكيد أن الهدف الأساسي لا يزال يتمثل في «التفكيك الكامل» للبرنامج النووي الإيراني.

ورغم أن ترامب هو صاحب القرار النهائي، فإنه لم يظهر تركيزاً واضحاً على الملف الإيراني، في حين أن ويتكوف منشغل أيضاً بالمفاوضات المتعلقة بغزة وأوكرانيا.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الثلاثاء، إنه «لم نردّ بعد على رسالة رئيس الولايات المتحدة، والردّ قيد الإعداد، وسيتم تقديمه قريباً بالطريقة المناسبة».

وأشار عراقجي مرة أخرى إلى موقف طهران الرافض للتفاوض المباشر، في ظل استراتيجية «الضغوط القصوى والظروف الحالية التي تشهد تهديدات عسكرية وزيادة العقوبات الاقتصادية من واشنطن».

وحذَّر علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، الولايات المتحدة من التفكير في السيناريو العسكري، قائلاً: «إذا كانت تهديدات ترامب جدية، فهو يُغامر بحياة الجنود الأميركيين».

ونقلت مواقع إيرانية عن لاريجاني قوله في مقابلة صحافية: «إذا التزم ترامب بالسلام بدلاً من لغته الحالية، وأحدث تغييراً في سلوك الولايات المتحدة، فبإمكانه فتح مسار جديد مع إيران»، لكنه أضاف أن «سلوك ترامب متناقض».

ويواجه المرشد الأعلى الإيراني تحدياً كبيراً في قبول التفاوض مع ترامب، خاصة في ظل تاريخه الحافل بالإجراءات العدائية تجاه طهران، بما في ذلك إصداره أمراً بتوجيه ضربة قضت على مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» الجنرال قاسم سليماني عام 2020.

لكن ألكس وطن خواه، الباحث في معهد الشرق الأوسط، عبَّر عن نظرة أكثر تفاؤلاً، مشيراً إلى أن إيران قد تسعى إلى إبرام صفقة تتماشى مع أسلوب ترامب التفاوضي، مثل تقديم تنازلات اقتصادية، كشراء منتجات أميركية بعد سنوات من العقوبات.

وأضاف: «إذا تصرَّفت إيران بذكاء فقد تستغل هذه الفرصة لتُبرم صفقة جديدة، إذ لدينا رئيس أميركي لا يبدو منخرطاً بعمق في التفاصيل، بل يسعى فقط لتحقيق إنجاز سياسي يفوق ما أنجزه أوباما في 2015».

يأتي عرض ترامب في وقت صعب بالنسبة للجمهورية الإسلامية، إذ تعرضت انتكاسات لنفوذها الإقليمي وسخط داخلي كبير بسبب الاقتصاد.

ويؤكد المحللون أن طهران مضطرة للتفاوض مع ترامب، خصوصاً بعد تراجع «محور المقاومة»؛ نتيجة تفكك حلفائها، وسقوط الرئيس السوري بشار الأسد، الحليف الإقليمي الرئيسي لإيران، وضربات استهدفت «حزب الله» اللبناني.

ويرى ترامب أن تراجع القوة العسكرية الإيرانية جعلها في موقع دفاعي ضعيف؛ ما يزيد من احتمال لجوئها إلى طاولة المفاوضات، بدلاً من التصعيد العسكري.

في الأيام الأخيرة، كثّف ترامب ضرباته العسكرية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، والذين استهدفوا سفناً في البحر الأسود بحجة التضامن مع الفلسطينيين.

وقال ترامب إنه سيُحمل إيران مسؤولية أي هجمات تنفذها جماعة الحوثي.

وفي الأفق، يظل خيار العمل العسكري الإسرائيلي قائماً، خصوصاً بعد أن استهدفت إسرائيل الدفاعات الجوية الإيرانية بضربات مكثفة العام الماضي.

وحذَّرت أجهزة الاستخبارات الأميركية من أن إسرائيل تدرس تنفيذ ضربات كبيرة ضد المنشآت النووية الإيرانية خلال النصف الأول من العام الحالي، مستغلّة حالة الضعف التي تمر بها إيران.

وقال بهنام بن طالبلو، الباحث في مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات»، إن «التهديد العسكري الأميركي والإسرائيلي الجاد ضروري» لإجبار طهران على تقديم تنازلات حقيقية.

وأضاف: «هناك إدراك متزايد داخل الإدارة بأن طهران تُحاول كسب الوقت بالمناورات الدبلوماسية؛ لذا يجب فرض معايير صارمة إذا كان من المقرر أن يكون الحل الدبلوماسي مطروحاً بجدية».