من الصحافة الإيرانية: عواقب تصنيف إيران كـ”أكبر راعٍ للإرهاب في العالم”
يجب على السياسيين الإيرانيين أن يدركوا أن الاستمرار في النهج الحالي سيدفع البلاد نحو العزلة والانهيار الاقتصادي، بل وحتى مواجهة عسكرية.

ميدل ايست نيوز: وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأنها “أكبر داعم للإرهاب”. هذا التصريح، الذي يأتي في إطار سياسة الضغط الأقصى التي تنتهجها الإدارة الأمريكية الجديدة ضد طهران، يشكل إنذارًا خطيرًا لمستقبل إيران.
يجب على السياسيين الإيرانيين أن يدركوا أن الاستمرار في النهج الحالي سيدفع البلاد نحو العزلة والانهيار الاقتصادي، بل وحتى مواجهة عسكرية. في المقابل، فإن قبول اتفاق منطقي مع الولايات المتحدة يمكن أن يخفف هذه التهديدات ويمهد الطريق للاستقرار والتقدم. كما ينبغي على المواطنين الإيرانيين أن يعلموا أن غياب الاتفاق سيعرض حياتهم اليومية لمزيد من المخاطر، وسينتج عنه تداعيات واسعة النطاق على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية في إيران.
1. الانهيار الاقتصادي في ظل استمرار العقوبات
تستعد الولايات المتحدة لحزمة عقوبات جديدة تستهدف ليس فقط المؤسسات الإيرانية، بل أيضًا الجماعات التابعة لها في المنطقة. هذه العقوبات ستحدّ إلى أقصى درجة من وصول إيران إلى الموارد المالية الدولية، وستدفع الشركات الأجنبية إلى تجنب أي تعاون مع طهران. أثبتت التجارب السابقة أن هذه الضغوط، دون تعديل في السياسة الخارجية، لن تؤدي إلا إلى تضخم متسارع وبطالة واسعة وزيادة معدلات الفقر، مما سيؤدي إلى مزيد من انهيار قيمة العملة الوطنية، وسيضعف الأوضاع المعيشية للمواطنين الإيرانيين بشكل أكبر. في ظل هذا الوضع، يمكن للاتفاق مع الولايات المتحدة أن يوقف هذه الحلقة المدمرة ويوفر فرصة لإعادة بناء الاقتصاد.
2. العزلة الدبلوماسية وفقدان الحلفاء
تصنيف إيران كأكبر داعم للإرهاب يعقد الجهود الدبلوماسية لطهران لتحسين علاقاتها مع الغرب وحتى مع دول المنطقة. هذا الاتهام قد يقلل من الحوافز لدى الدول الأخرى للتعاون الاقتصادي والسياسي مع إيران. من المحتمل أن تضطر بعض الدول، تحت الضغط الدبلوماسي، إلى تقليص علاقاتها مع طهران، مما سيؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية. الدول الأوروبية، التي كانت في السابق داعمة لإحياء الاتفاق النووي، قد تبتعد عن طهران تحت ضغط الولايات المتحدة. حتى على المستوى الإقليمي، فإن دولًا مثل السعودية والإمارات قد ترحب بهذه السياسة وتستخدمها لتعزيز تحالفاتها ضد إيران. وبالتالي، فإن السبيل الوحيد لكسر هذه العزلة هو التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة.
3. خطر الحرب وانعدام الأمن في المنطقة
البيان الأمريكي يمهد الطريق لاتخاذ إجراءات عسكرية ضد إيران أو الجماعات المدعومة منها. الهجمات الأخيرة على مواقع الحوثيين في اليمن كانت بمثابة تحذير واضح لطهران. التواجد العسكري الأمريكي في الخليج آخذ في التزايد، وأي خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى اندلاع حرب شاملة. فهل السياسيون مستعدون لتحمل مسؤولية كارثية كهذه؟ وهل يريد الشعب الإيراني أن ينشأ أطفاله في ظل تهديد دائم بالحرب؟ يمكن أن يؤدي الاتفاق مع الولايات المتحدة إلى تهدئة هذه التوترات وإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
4. تصعيد الأزمة الداخلية
على الصعيد الداخلي، تؤدي هذه الضغوط إلى تعزيز نفوذ المتشددين، مما يجعل المناخ السياسي أكثر قمعًا، لكن في الوقت ذاته تزداد حالة السخط الشعبي إلى مستويات غير مسبوقة. التضخم، البطالة، والفقر يؤججون الغضب الشعبي ويؤدون إلى تصاعد الاحتجاجات. الاستمرار في هذا النهج يهدد استقرار البلاد، ويفاقم الضغوط الاقتصادية على المواطنين. في المقابل، يمكن لاتفاق معقول أن يخفف من التوترات الداخلية ويعيد الأمل إلى المجتمع.
5. ضغط عالمي غير مسبوق
بدعم من أوروبا في تفعيل آلية العقوبات، واستعداد إسرائيل لشن ضربات عسكرية، وتعاون دول المنطقة، بل وحتى عبر التقارب مع روسيا والصين، تضيق الولايات المتحدة الخناق على إيران. وهنا، يجب على السياسيين الإيرانيين أن يدركوا أن استمرار السياسة الحالية لن يؤدي إلا إلى خسائر أكبر لإيران، وأن السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو التوصل إلى اتفاق شامل يخفف من هذه الضغوط.
تصنيف إيران على أنها “أكبر داعم للإرهاب” هو جزء من استراتيجية أميركية تهدف إلى شلّ طهران. يجب على القادة الإيرانيين أن يدركوا أن الوقت قد حان لاتخاذ قرار: إما الاستمرار في مسار يؤدي إلى انهيار الاقتصاد والعزلة والحرب، أو قبول اتفاق شامل مع الولايات المتحدة يخفف الضغوط وينقذ الاقتصاد ويضمن الأمن.
يدرك المواطنون الإيرانيون، الذين يطرحون تساؤلات صعبة حول المستقبل الاقتصادي والسياسي للبلاد، أن غياب الاتفاق سيزيد من معاناتهم. ولذلك، يطالبون قادتهم باختيار طريق العقل والمصلحة، لأن الوقت ينفد بسرعة.
مسعد سليتي
محامي قانوني