امتلاك السلاح النووي أم عدمه.. تصريحات لاريجاني تثير انقساما في إيران
قال عضو هيئة رئاسة مجلس الشورى الإسلامي إن سلوك ترامب وتصريحاته خلال ولايته الأولى تجاه كوريا الشمالية تثبت أن امتلاك القنبلة النووية جلب الأمن لهذا البلد.

ميدل ايست نيوز: أثار علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى الإيراني وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، مجددًا قضية إنتاج السلاح النووي، ما أعادها بسرعة إلى دائرة الاهتمام الإعلامي ومنصات التواصل الاجتماعي.
وحذَّر علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، من تغيير مسار برنامج إيران النووي إذا تعرَّضت لهجوم من الولايات المتحدة. وقال أمس الاثنين، في حديث للتلفزيون الرسمي إن «فتوى المرشد تحرِّم السلاح النووي، لكن إذا أخطأت أميركا، قد يضطر الشعب الإيراني إلى المطالبة بتصنيعه».
وأضاف لاريجاني: «عقلاؤهم (الأميركيون) أنفسهم أدركوا أنهم إذا هاجموا إيران، فسيدفعونها نحو السلاح النووي».
وحظي هذا الجزء من تصريحات علي لاريجاني بأكبر قدر من التفاعل. وفي هذا السياق، نشر الحساب الرسمي لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على تويتر منشورًا رأى البعض أنه جاء ردًا على تصريحات لاريجاني.
وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن طهران لا تسعى أبدا وتحت أي ظرف من الظروف إلى امتلاك أو تطوير أو حيازة أي أسلحة نووية.
وقال عباس عراقجي في تدوينة على شبكة X: قد لا يُعجب الاتفاق النووي لعام ٢٠١٥ الرئيس الأمريكي. لكنه يتضمن التزامًا حيويًا واحدًا من إيران لا يزال قائمًا، والذي استفادت منه حتى الولايات المتحدة – بعد انسحابها من الاتفاق.
وأضاف عراجي: “تؤكد إيران مجددًا أنها لن تسعى أبدًا، تحت أي ظرف من الظروف، إلى امتلاك أو تطوير أو حيازة أي أسلحة نووية”.
وتابع وزير الخارجية الإيراني أنه بعد عشر سنوات من توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة – وسبع سنوات من انسحاب الولايات المتحدة الأحادي منها – “لا يوجد دليل واحد على أن إيران انتهكت هذا الالتزام، حتى مديرة الاستخبارات الوطنية غابارد أوضحت ذلك مؤخرًا بجلاء”.
وأكد: لقد نجح التعاون الدبلوماسي في الماضي، ولا يزال بإمكانه أن ينجح. ولكن، يجب أن يكون واضحًا للجميع أنه – بحكم التعريف – لا يوجد ما يُسمى “خيارًا عسكريًا”، ناهيك عن “حل عسكري”. إن الإخفاقات الكارثية في منطقتنا، والتي كلفت الإدارات الأمريكية السابقة أكثر من 7 تريليونات دولار، خير دليل على ذلك.
هذا وأعلن نائب المسؤول السياسي في الحرس الثوري الإيراني يد الله جواني أن تداعيات الرد الإيراني في حال تعرض البلاد لأي هجوم ستفتح فصلا جديدا في معادلات الإقليم والعالم.
وقال جواني: “هناك نقطة مهمة وأساسية، وهي أن بعض المسؤولين في الجمهورية الإسلامية أعلنوا أنه في حال تنفيذ التهديدات ضد البرنامج النووي، فإن إيران ستعيد النظر في عقيدتها الدفاعية وطبيعة برنامجها النووي. إن معنى هذه المراجعة واضح جدا”.
وأضاف: “إن التهديد بالشر والعمل العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية وغيرها من المراكز الحيوية والمهمة هو من بين القضايا التي يلوح بها المسؤولون الأمريكيون والصهاينة مرارا هذه الأيام. ولكن تنفيذ هذه التهديدات على أرض الواقع ليس مؤكدا ويبقى مجرد احتمال، ولكن في مقابل هذا الاحتمال هناك ثلاثة احتمالات محددة ينبغي لأصدقاء وأعداء الأمة الإيرانية أن يأخذوها في الاعتبار”.
دعوات لامتلاك سلاح النووي
أحمد نادري، النائب عن طهران وعضو هيئة رئاسة مجلس الشورى الإسلامي، كان من بين الشخصيات السياسية التي تفاعلت مع هذه التصريحات. وكتب في حسابه على “تويتر”: “سلوك ترامب وتصريحاته خلال ولايته الأولى تجاه كوريا الشمالية تثبت أن امتلاك القنبلة النووية جلب الأمن لهذا البلد. منذ فترة طويلة، يطالب العديد من النخب والمخلصين للبلاد والثورة باختبار وإعلان امتلاك القنبلة النووية. لو كنا نمتلك سلاحًا نوويًا، لما تجرأ ترامب على التهديد بالقصف.” وأثار استشهاده بكوريا الشمالية كحالة مرجعية اهتمام المراقبين.
هل كانت التهديدات ستستمر لو امتلكنا القنبلة؟
من جهته، طرح حسن رحيم بور أزغدي، الخطيب المعروف بتوجهاته الأصولية، تساؤلًا عبر “تويتر”، حيث اعتبره البعض تعليقًا غير مباشر على هذه القضية. وكتب: “خلال الأسابيع الماضية، سألني بعض الأشخاص: لو كانت إيران تمتلك قنبلة نووية، هل كان ترامب سيتجرأ على تهديدها مرارًا بالهجوم؟”
فتوى المرشد في مواجهة الدعوات النووية
في المقابل، تناول عباس صالحي، وزير الثقافة الإيراني وصاحب الخلفية الحوزوية، قضية امتلاك السلاح النووي من منظور فتوى المرشد الأعلى. وكتب في “تويتر”: “استنادًا إلى قراءتي لفتوى قائد الثورة حول تحريم السلاح النووي، فإنها ليست مجرد فتوى فقهية في المسائل الفرعية، بل تستند إلى مبادئ دينية ثابتة وغير قابلة للتغيير، ولا تخضع للمتغيرات الاجتماعية أو الظروف الطارئة. نحن نرى الإسلام دين سلام يضمن بقاء البشرية، وليس دينًا يقبل التهديد الدائم للإنسانية.”
وفيما يتعلق بفتوى آية الله خامنئي حول تحريم أسلحة الدمار الشامل، التي كانت دائمًا نقطة أساسية في دبلوماسية إيران وبيانات المسؤولين حول مسألة تصنيع السلاح النووي، تعرض علي لاريجاني لانتقادات من بعض الإيرانيين من هذا المنظور.
وأشاد وحيد يامين بور، الإعلامي والناشط السياسي الأصولي، بموقف لاريجاني وكتب على تويتر: “الكثير من الشخصيات السياسية كانوا سيتهمون بالتحريض على الحرب أو المبالغة إذا تم طرح إمكانية توجه الجمهورية الإسلامية نحو السلاح النووي. طرح هذه المسألة من لسان الدكتور لاريجاني كان خيارًا صائبًا وتضحية في الوقت المناسب من جانبه.”
القنبلة تصبح عديمة الفائدة بعد الهجوم
ارتكزت تصريحات علي لاريجاني على فكرة أنه في حال حدوث خطأ من قبل أميركا أو إسرائيل، فإن إيران ستضطر في النهاية إلى صناعة السلاح النووي. وهنا أكد جزء من منتقديه أن تصنيع السلاح النووي بعد الهجوم الأمريكي لن يكون ذا فائدة لإيران. وذكّروا أن الردع لا يتحقق بحيازة السلاح النووي فقط، بل لابد أن يكون هذا السلاح في حوزة الدولة قبل حدوث أي تهديدات، لا أن يكون تهديدًا بامتلاك السلاح إذا وقع الهجوم.
مطالبة شعبية؟
الجزء الأساسي من رأي لاريجاني كان يرتكز على أن الشعب الإيراني سيتعرض لضغط للمطالبة بإنتاج السلاح النووي. هذه الفكرة أثارت نقاشًا في الساحة السياسية، حيث تساءل العديد من المستخدمين في مواقع التواصل الاجتماعي حول ما إذا كان بالفعل تصنيع السلاح النووي هو مطلب شعبي. وقد أطلق جواد إمام، المتحدث باسم جبهة الإصلاحات، استطلاعًا عبر تويتر حول هذا الموضوع، حيث أظهرت نتائج الاستطلاع أن 29% فقط من المشاركين كانوا مؤيدين لصناعة السلاح النووي، بينما 71% كانوا ضدها.
القنبلة بدلًا من الشعب
تُظهر الآراء المؤيدة لتصنيع السلاح النووي في إيران أن حيازة هذه الأسلحة ضرورية لضمان الأمن الوطني ولإحداث ردع أمام التهديدات الخارجية. بينما يرى آخرون أن امتلاك السلاح النووي لا يضمن الأمن، بل أن أساس المسألة يتعلق بالوحدة الوطنية وتماسك المجتمع.