الحياة تدب في جسد التحالف الكردستاني.. ما علاقته بالصراع الأمريكي الإيراني؟
يقترب التحالف الكردستاني الموحد من العودة إلى الواجهة، بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية المقبلة، بعد تشتت للقرار الكردي في بغداد دام لسنوات.

ميدل ايست نيوز: يقترب التحالف الكردستاني الموحد من العودة إلى الواجهة، بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية المقبلة، بعد تشتت للقرار الكردي في بغداد دام لسنوات، ورجح الحزبان الحاكمان في أربيل والسليمانية الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيان، قرب عودة الحياة إلى تحالفهما البرلماني بسبب الظروف والتحديات الإقليمية، وسط ترحيب من الإطار التنسيقي بهذه الخطوة.
وكانت تقارير سابقة قد كشفت عن كواليس لقاءات بين مسؤولين من كلا الحزبين، تضمنت شرط إعادة إحياء التحالف الكردستاني في الانتخابات البرلمانية الاتحادية المقبلة، وأن يعمل الكرد معا في بغداد، لحل الملفات العالقة مع الحكومة الاتحادية.
وبهذا الصدد، يؤكد عضو الحزب الديمقراطي ريبين سلام، أن “أوضاع المنطقة وتطورات الصراع في الشرق الأوسط، والتهديدات التي تواجه العراق، تضع الكرد أمام تحديات كبيرة، تدعوهم لضرورة إحياء التحالف الكردستاني، وإنهاء حالة التشتت التي أضرت بالكرد”.
ويضيف سلام، أن “المواطن الكردي هو الآخر بات يضغط لغرض إحياء التحالف الكردستاني وإنهاء الحرب الباردة والصراع بين الحزبين، وعلى الأقل أن يبقى هذا الصراع داخليا، وأن لا يخرج للعلن، ويؤثر على إقليم كردستان”.
ويتابع أن “الكرد أمام تحديات كبيرة، والأفضل بالنسبة لهم أن يوحدوا مواقفهم، لأنه تم اتخاذ قرارات مجحفة ضد إقليم كردستان خلال السنوات السابقة، بسبب تفرق الكرد”.
وبخصوص دخول المعارضة الكردية في هذا التحالف، يشير إلى أنه “سيقتصر كخطوة أولى على الحزبين (الاتحاد والديمقراطي) وبعض القوى الأخرى داخل الإقليم”، متهما بعض قوى المعارضة لحكومة الإقليم بـ”تنفيذ أجندة خارجية تضر بمستقبل الإقليم، وغرضها المعارضة، وليس الإصلاح”.
ولم تطرأ أي تغييرات ملحوظة على خريطة التحالفات السياسية في إقليم كردستان خلال الدورات الانتخابية الماضية، على الرغم من أن الساحة السياسية في الإقليم شهدت بروز أحزاب وحركات سياسية جديدة، فقد استحوذ الحزبان الرئيسان في إقليم كردستان، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيان، بتحالفهما الاستراتيجي على الخريطة السياسية طيلة الدورات الانتخابية السابقة قبل أن تشاركهما حركة التغيير في تشكيل الحكومة خلال الدورة الانتخابية السابقة عام 2018.
لكن التحالف الكردستاني في بغداد، عانى من التشتت خلال الدورة الانتخابية الأخيرة، حيث انقسم إلى شقين، الأول ذهب مع الإطار التنسيقي، والثاني ذهب باتجاه التحالف الثلاثي، مع التيار الصدري، ورئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي.
ونتيجة لهذا التشتت، يعتقد الكرد أن بغداد أصدرت الكثير من القرارات التعسفية ضد إقليم كردستان، من بينها ما أصدرته المحكمة الاتحادية، من إيقاف تصدير نفط الإقليم، وحل برلمان كردستان، والإشراف على الانتخابات، وتوطين رواتب الموظفين، وقضايا أخرى.
من جهته، يشير القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، حسن آلي، إلى أن “تشكيل التحالف الكردستاني هو رغبة من الاتحاد نفسه، لغرض إنهاء حالة التشتت الكردي التي عانينا منها خلال السنوات الماضية”.
ويوضح آلي، أن “هذا التشتت أثر على وضع الكرد وعدد مقاعدهم، وخاصة في المناطق المتنازع عليها، وخسرنا مقاعد في كركوك وديالى ونينوى، بسبب تشتت الأصوات، ونحن أحوج ما نكون في تلك المناطق، لاستغلال أي صوت، يزيد من حظوظنا وعدد مقاعدنا”.
ويضيف أن “إحياء التحالف الكردستاني خطوة مهمة للذهاب إلى بغداد بفريق تفاوضي واحد، وعدم تكرار تجربة الدورات السابقة، وما حصل فيها من تشظ وانقسام، يضر بالمواطن الكردي، ولا يخدم مفاوضاتنا وقوتنا في بغداد، ولذا فإن الاتحاد الوطني سيكون داعما لإنشاء التحالف الكردستاني، ونأمل أن لا يختصر على الحزبين الرئيسين فقط، ويضم كل القوى الكردية الأخرى”.
وتحقق تقارب ملموس بين الحزبين الرئيسين على صعيد تشكيل حكومة الإقليم أواخر آذار مارس الماضي، بعدما بقيت عقدة تشكيل حكومة إقليم كردستان عالقة، بالرغم من مرور 6 أشهر على إجراء الانتخابات في الإقليم، فلم يعقد البرلمان سوى جلسة واحدة، أدى فيها الأعضاء الجدد اليمين القانونية، ورفعت الجلسة، بعد الإخلال بنصابها.
من جهته، يشير عضو الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، إلى أنه “لا توجد أية مشكلة لدى الإطار في تشكيل التحالف الكردستاني أو أي تحالف سياسي آخر، يخدم العملية السياسية وسرعة تشكيل الحكومة المقبلة”.
ويرى الفتلاوي، أن “وحدة الأطراف السياسية وإجماعها على مرشح واحد للمناصب الرئيسية المخصصة للمكونات، خطوة جيدة، تُسرع من تشكيل الحكومة، وعدم تكرار تجربة الانسداد السياسي التي حصلت خلال الدورة الماضية، بسبب تأخر الاتفاق على مرشح رئاسة الجمهورية”.
وكان القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي، وصف منتصف الشهر الماضي محاولات إعادة إحياء التحالف الكردستاني بـ”الأمنيات”، وفيما أكد أن حزبه مع نزول الكرد بقائمة واحدة في الانتخابات، أشار إلى أن القوائم المتعددة ساهمت في خسارة الكرد في كركوك مقعدين خلال الانتخابات الأخيرة، وأكثر من مقعدين في نينوى، ومقعدا في ديالى.
إلى ذلك، يعتقد الكاتب والباحث السياسي شيرزاد مصطفى، أن “الضغوط الدولية، وخاصة الأمريكية، وراء محاولة إحياء التحالف الكردستاني، فواشنطن ترغب بتحجيم النفوذ الإيراني في العراق، وتعتقد بأن كردستان جزء من هذه المعادلة”.
ويردف مصطفى، أن “الاتحاد الوطني مقرب من إيران، ورأينا خلال الدورة الماضية أن وقوفه مع الإطار التنسيقي، وتنفيذه للرغبة الإيرانية، هو من أنهى حلم التحالف الثلاثي في تشكيل الحكومة العراقية، لذا نرى رغبة دولية في تحجيم النفوذ، ودخول الكرد كقوة واحدة، وعدم ذهاب طرف مع رغبة طهران”.
وفي الانتخابات الأخيرة التي جرت في العشرين من تشرين الأول من العام الماضي، الخاصة بانتخابات برلمان كردستان، حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 39 مقعدا، والاتحاد الوطني على 23 مقعدا، والجيل الجديد على 15 مقعدا، والاتحاد الإسلامي على 7 مقاعد، وتيار الموقف على 4 مقاعد، وجماعة العدل الإسلامي على 3 مقاعد، وجبهة الشعب تحصلت على مقعدين، وحركة التغيير نالت مقعدا واحدا، وتحالف كردستان على مقعد، بينما تحصلت المكونات على 5 مقاعد.