من الصحافة الإيرانية: الفرصة الأخيرة

النقطة الإيجابية بالنسبة لإيران هي أن ترامب على الرغم من تهديده بإيران بالهجوم العسكري، إلا أنه، على عكس تعاملاته القاسية والإهانات التي وجهها لقادة الدول الأوروبية وكندا وغيرها، كان قد اتبع نبرة مهذبة بشكل عام تجاه إيران والمسؤولين الإيرانيين.

ميدل ايست نيوز: إن تأييد خبر دونالد ترامب بشأن بدء المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة من قبل الدكتور عباس عراقجي يجب أن يُؤخذ بتفاؤل، ويُعتبر بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، وكذلك في المفاوضات النووية، وبشكل عام في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية. مع هذا القرار الصائب الذي تم اتخاذه، سنكون على موعد مع مفاوضات صعبة ومتقلبة بين إيران والولايات المتحدة. إن تولي وزارة الخارجية هذه المفاوضات يعد أمرًا مشجعًا، ومن المتوقع أن تقوم الوزارة بإعداد خطط أساسية ومنطقية تتماشى مع الظروف الراهنة، وأن تقف بوجه أصحاب المصالح الخاصة والأشخاص ذوي النفوذ والمتوهمين.

نظرًا لطبيعة ترامب وسياسته الخاصة في التعامل منذ بداية ولايته الثانية، كان من غير المرجح أن يكون موافقًا على المفاوضات غير المباشرة. المفاوضات المباشرة هي الأسلوب الشائع في التعامل بين الدول، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا معقدة وتتطلب الوصول إلى اتفاق مكتوب بشأن موضوعات ذات أبعاد سياسية وقانونية وفنية معقدة. من الطبيعي أن تفرض المفاوضات غير المباشرة قيودًا كبيرة على الطرفين، وهي تناسب فقط بعض الأمور مثل إطلاق سراح الرهائن أو الهدنات المؤقتة وما شابه.

علاوة على ذلك، ليس من المؤكد أن الوسطاء يمتلكون القدرة على فهم المحتويات والمفاهيم المعقدة والتفاصيل المهمة، وقدرتهم على نقلها بشكل صحيح للطرفين. بالطبع، هذا في حال لم يكن لدى الوسطاء نوايا سيئة وكانوا غير مركزين على مصالحهم الشخصية. كما أن قرارات ترامب هي قرارات شخصية واندفاعية، وليست ناتجة عن العمليات الدبلوماسية التقليدية.

ما هي العوامل التي ساعدت في تشكيل المفاوضات؟

كان حضور ترامب قد وصل بالصراع بين إيران والولايات المتحدة إلى ذروته، وفي الوقت نفسه خلق فرصة غير مسبوقة للتسوية بين البلدين. من جهة، يبدو أن المواجهة التي استمرت لعقود بين إيران، باعتبارها أكبر قوة محتملة في المنطقة، والولايات المتحدة، باعتبارها أكبر قوة عسكرية واقتصادية في العالم، قد وصلت إلى نقطة حرجة، ومن غير المرجح أن تستمر كما كانت سابقًا. بجانب هذه المواجهة الطويلة في أحد النقاط الجيوسياسية الهامة في العالم، دخلت العديد من العوامل الأخرى في المعادلة في هذه اللحظة الزمنية، مما جعل من الضروري التوصل إلى تسوية كاملة للأزمة أو تقليل مستوى التوتر بشكل فعال.

من بين هذه العوامل كانت حادثة 7 أكتوبر التي وضعت سياسة جديدة على جدول أعمال الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي أدت حتى الآن إلى نتائج هامة مثل تضعيف حلفاء إيران الإقليميين وانهيار حكومة بشار الأسد والهجمات الواسعة على الأصول العسكرية السورية ومحاولة تحويل الأخيرة إلى ساحة خلفية لإسرائيل، وحتى محاولة إخراج تركيا من سوريا.

النقطة الإيجابية بالنسبة لإيران هي أن ترامب على الرغم من تهديده بإيران بالهجوم العسكري، إلا أنه، على عكس تعاملاته القاسية والإهانات التي وجهها لقادة الدول الأوروبية وكندا وغيرها، كان قد اتبع نبرة مهذبة بشكل عام تجاه إيران والمسؤولين الإيرانيين. علاوة على ذلك، كان وجود البيت الأبيض والكونغرس تحت سيطرة الجمهوريين عاملاً هامًا في تسهيل التوصل إلى اتفاق شامل بين إيران والولايات المتحدة، بل وفي تصديق مثل هذا الاتفاق كمعاهدة ملزمة في مجلس الشيوخ.

أضف إلى هذا، كان الوضع الاقتصادي والاجتماعي في إيران عاملا هاما شجع إيران على قبول المفاوضات مع هدف تخفيف التوتر مع أمريكا. الوضع الحالي في إيران مختلف تمامًا عن فترة الأربعة أعوام الأولى تحت حكم ترامب. الظروف الحالية للبلاد من حيث الفجوات في المجالات المختلفة لا يمكن مقارنتها بالظروف في عام 2021. لقد جعلت هذه الفجوات المتزايدة في مختلف المجالات الحكومة تواجه صعوبات متزايدة. والشاهد على هذا هو ارتفاع أسعار سوق طهران للأوراق المالية وانخفاض سعر الدولار بعد الإعلان عن بدء المفاوضات (يوم الثلاثاء 8 أبريل 2025).

حساسية المفاوضات المقبلة

المفاوضات التي من المقرر أن تبدأ يوم السبت 12 أبريل ستواجه بعض القضايا الشكلية والمحتوياتية. أحد القضايا الشكلية هو صيغة المفاوضات. في السابق، كانت المفاوضات تتم في إطار 1+5. علاوة على ذلك، كانت إيران في الماضي ترفض دائمًا التفاوض ثنائيًا مع الولايات المتحدة. الآن، مع موافقة إيران على التفاوض مع الولايات المتحدة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، يطرح السؤال حول ما سيكون دور البلدان الخمسة الأخرى، بما في ذلك روسيا والصين والدول الأوروبية الثلاث.

خلال المفاوضات، يجب على الطرفين مراعاة نقطتين: بالنظر إلى مسألة آلية الزناد، فإن هناك نافذة زمنية محدودة للطرفين للوصول إلى اتفاق. لا شك أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فسيقوم الغرب بتفعيل آلية الزناد بهدف إعادة قرارات الأمم المتحدة ضد إيران. ومع تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فإن استمرار المفاوضات لفترة طويلة ليس في صالح إيران.

ثانيا، يجب أن يضع الطرفان في اعتبارهما أن التيارات المتطرفة في إسرائيل واللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة سيبحثون عن فرصة لإفساد المفاوضات.

على الرغم من أن وزير الخارجية الإسرائيلي قال إنه ليس لديه مشكلة في مفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، لا شك في أن أكبر قلق لدى صناع الحرب الإسرائيليين هو أن تتوصل إيران والولايات المتحدة إلى اتفاق من خلال المفاوضات. في هذه الحالة، سيكون من الممكن استئناف البرنامج النووي الإيراني مع بعض القيود، وسيكون هذا بمثابة هزيمة لأولئك الذين يريدون أن يجروا الولايات المتحدة إلى الحرب ضد إيران ويقضون على برنامجها النووي.

كوروش أحمدي
دبلوماسي إيراني سابق

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى