من الصحافة الإيرانية: ما هو العرض الاقتصادي الذي يمكن أن تقدمه طهران لواشنطن خلال المفاوضات؟

عند النظر في أولويات الطرفين، يتبيّن بوضوح أن ما يُعدّ حيويًا لإيران من الناحية الاقتصادية لا يحظى بأهمية تُذكر بالنسبة لواشنطن في الوقت الراهن.

ميدل ايست نيوز: في خضمّ المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة، يُطرح التساؤل حول ما إذا كان هناك عرض ذو طابع اقتصادي يمكن أن يشكّل عامل جذب مشترك للطرفين. من دون شك، تمثّل الأولوية الإيرانية رفع العقوبات الاقتصادية، فيما تتركّز المطالب الأميركية على ضمانات واضحة تحول دون حصول إيران على السلاح النووي.

وعند النظر في أولويات الطرفين، يتبيّن بوضوح أن ما يُعدّ حيويًا لإيران من الناحية الاقتصادية لا يحظى بأهمية تُذكر بالنسبة لواشنطن في الوقت الراهن. وفي المقابل، فإن المطالب الأميركية الاقتصادية ليست ذات أهمية تُذكر لا للولايات المتحدة نفسها ولا لإيران. بعبارة أخرى، إذا ما تم التوصّل إلى اتفاق، ستحقق إيران مكاسب اقتصادية كبيرة، من دون أن يكون هناك أي ربح اقتصادي مرجوّ للطرف الأميركي.

ومع الأخذ في الاعتبار المنهج السياسي لدونالد ترامب، الذي يعطي الأولوية للمصالح الاقتصادية الأميركية في علاقاته الدولية، فإن اتفاقًا لا يتضمّن منفعة اقتصادية مباشرة لبلاده لن يكون مغريًا له بطبيعته. إلا أن وضع عرض إيراني يتضمن فوائد اقتصادية محتملة للجانب الأميركي من شأنه أن يرفع من جاذبية الاتفاق بالنسبة لترامب ويزيد من فرص تحقيقه.

في هذه الحالة، يمكن القول إن الوفد الإيراني يدخل المفاوضات وهو يمتلك أوراق قوة، ما يمكّنه من تحسين شروط التفاوض لصالحه. وهنا تُطرح المسألة الجوهرية: ما هو العرض الذي يمكن أن تقدّمه طهران ليحمل بُعدًا اقتصاديًا مغريًا لواشنطن؟

وتُظهر تجربة الاتفاق النووي أن الشركات الأميركية الكبرى – ومنها “بوينغ” – كانت تبدي اهتمامًا واضحًا بدخول السوق الإيرانية، وأنها لم تكن لتتردد في الاستثمار هناك لو كانت الأجواء السياسية مواتية. ويُشار هنا إلى أن أحد أبرز ذرائع ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي كان قوله إن فوائده تصبّ في مصلحة إيران وأطراف غير أميركية، فيما حُرمت الشركات الأميركية، بقرار سياسي، من دخول السوق الإيرانية بعد التوقيع على الاتفاق.

وتعد جاذبية الاستثمار في إيران – نظراً لتنوّع الموارد الطبيعية، وتوافر اليد العاملة الشابة والمتعلّمة، إضافة إلى سوق استهلاكية تفوق 90 مليون نسمة – كافية لإغراء المستثمرين الأجانب من دون الحاجة إلى تقديم تنازلات استثنائية.

وعليه، فإن تأكيد الجانب الإيراني، خلال المفاوضات، على فتح الأبواب أمام الاستثمارات الأميركية من شأنه أن يعزّز من فرص التوصّل إلى اتفاق، ويمنحه قوة تفاوضية إضافية في ملفات أخرى. علاوة على ذلك، فإن جذب الاستثمارات الأميركية لن يُسهم فقط في تسريع وتيرة رفع العقوبات، بل سيشكّل خطوة حيوية نحو تلبية الحاجات المالية والتكنولوجية الملحّة التي تواجهها إيران في المرحلة الراهنة.

موسى غني نجاد
أستاذ في جامعة طهران وخبير في شؤون الاقتصاد

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى