موازنة العراق 2025: تأخير الإقرار يهدّد الأسواق ويؤخّر المشاريع

بعد إقرار موازنة العراق الثلاثية للأعوام 2023-2025، كان من المفترض أن تسير العملية المالية بسلاسة، إلّا أن تعقيدات تنفيذ بنود الموازنة، وضرورة التصويت على مخصصات عام 2025، أوجدت عقبات جديدة.

ميدل ايست نيوز: بعد إقرار موازنة العراق الثلاثية للأعوام 2023-2025، كان من المفترض أن تسير العملية المالية بسلاسة، إلّا أن تعقيدات تنفيذ بنود الموازنة، وضرورة التصويت على مخصصات عام 2025، أوجدت عقبات جديدة.

ومع استمرار الجدل حول آليات الإنفاق وأولويات الصرف، انعكس التأخير مباشرةً على المشاريع الاستثمارية ورواتب الموظفين ومستحقات القطاع الخاص، ما أدى إلى حالةٍ من الركود والقلق في السوق العراقية. وتشير التقديرات إلى أن حجم موازنة 2025 سيبلغ نحو مئتي مليار دولار، مع تسجيل عجز مالي كبير بسبب التراجع الحاد في الأرصدة الاستراتيجية، ونقص السيولة المالية الناجم عن الإنفاق الحكومي المتزايد.

وما يزيد من الأزمة اعتماد سعر النفط في الموازنة عند 70 دولاراً، فيما تتجه الأسعار العالمية إلى الهبوط بسبب التعرِفات الأميركية. ورجّح مستشار الحكومة العراقية مظهر محمد صالح، سبب التأخير في إرسال جداول الموازنة لمجلس النواب إلى التعديلات التشريعية التي أجراها البرلمان على قانون الموازنة الاتحادية رقم 13 لسنة 2023، التي شملت المادة 12 المتعلقة بعقود نفط إقليم كردستان.

وأوضح صالح أن التعديلات تستهدف تعيين جهة استشارية دولية لاحتساب كُلَف إنتاج ونقل النفط في الإقليم، وتعزيز الإيرادات الاتحادية، بما يتيح لشركة تسويق النفط العراقية “سومو” استخدام منافذ تصدير النفط بكفاءة أعلى.

وأشار إلى أن الحكومة تعمل على إعادة تكييف الإيرادات والنفقات في الجداول المالية الجديدة، مُتوقعاً أن تُعرَض الموازنة على البرلمان قريباً، مضيفاً أن تأخّر إرسال الجداول لم يؤثر حتى الآن على الإنفاق العام بشقيه؛ التشغيلي والاستثماري، وأن الحكومة تحافظ على توازن مالي يسمح بتغطية المصروفات الأساسية.

إلى جانب ذلك، أضاف صالح أن هناك أسباباً أخرى أسهمت في التأخير، من أبرزها الاختلافات حول توزيع الإيرادات المالية بين المحافظات، خاصّة فيما يتعلق بالإيرادات النفطية وعقود الإقليم، فضلاً عن التحديات التقنية المتعلقة بتحديث وتكييف البيانات المالية في ضوء التطورات الاقتصادية الأخيرة، خصوصاً في ظل التراجع في أسعار النفط. وأكد صالح أن الحكومة تعمل على عرض الموازنة على البرلمان في أسرع وقت، مع أنّ تأخر الجداول المالية ليس له تأثير على استمرارية المشاريع الحكومية الحالية، لكن من المهم الإسراع في إقرار الموازنة لضمان الاستقرار المالي.

المماطلة في إقرار موازنة العراق

من جانبه، اتهم عضو اللجنة المالية في البرلمان جمال كوجر، الحكومةَ بالمماطلة في إرسال جداول الموازنة، مشيراً إلى أن غياب الالتزام بالقوانين، وعدم وجود مساءلة حقيقية، ساهما في استمرار هذا التأخير. وأوضح كوجر أن الحكومة تستفيد من الصلاحيات التي تتيح لها الاستمرار في الصرف وفق موازنات 2023 و2024، ما يجعلها غير مضطرة للإسراع في تقديم الجداول الجديدة، رغم المطالبات المتكرّرة من البرلمان.

وأشار إلى أن التأخير مرتبط أيضاً بالخلافات السياسية والصراعات الحزبية التي تعيق إقرار القوانين المهمة، ومنها الموازنة، لافتاً إلى أنّ نظام المُحاصصة كان له دور كبير في تعطيل هذا الملف، ما أدى إلى تباطؤ عجلة التنمية وتأخير تنفيذ المشاريع الاستثمارية.

وأضاف كوجر، أنّ الأزمة تمتد إلى رواتب الموظفين والعاملين في المشاريع المتعاقدة، ما يزيد الأعباء الاقتصادية على المواطنين، خصوصاً الشرائح الفقيرة، مؤكداً أن الحكومة تتجاهل المخاطبات الرسمية للبرلمان بشأن الموازنة. ورأى الباحث الاقتصادي علي العامري، أن استمرار تأخر إقرار موازنة 2025 سيترك تأثيراً مباشراً على السوق العراقية، وحركة الاستثمار والإنفاق العام، لا سيّما في ظل انخفاض أسعار النفط، مما قد يعيق تحقيق معدلات نمو اقتصادي مستقرة.

وأوضح العامري أنّ عدم اليقين المالي الناتج عن التأخير يؤدي إلى تراجع ثقة المستثمرين، ما يدفع العديد من الشركات المحلية والأجنبية إلى تجميد أو تأجيل المشاريع التنموية، وإعادة النظر في خططها الاستثمارية داخل العراق. وأضاف، أن العراق يعتمد كثيراً على الإنفاق الحكومي لتحفيز النشاط الاقتصادي، ومع غياب الموازنة، تتوقف العديد من المشاريع الحكومية، ما يسبب ركوداً اقتصادياً، ويؤثر تحديداً على المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على العقود الحكومية مصدراً رئيسياً للدخل.

وأشار العامري، إلى أن تأثير التأخير لا يقتصر على القطاع العام، بل يمتد إلى القطاع الخاص، إذ يُعاني التجار والمقاولون من تراجع الطلب على السلع والخدمات، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة، وتآكل القدرة الشرائية للمواطنين.

وأكد، أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة، ما يهدد الاستقرار المالي في البلاد، ويزيد الضغوط على الحكومة في تمويل التزاماتها الأساسية، مثل رواتب الموظفين، وتمويل المشاريع الخدمية، فضلاً عن تأثيره على احتياطات البنك المركزي وسعر صرف الدينار.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − سبعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى