رحيل مؤسس البرنامج النووي الإيراني في باريس: نهاية فصل من تاريخ الطاقة النووية الإيرانية

توفي أكبر اعتماد، الفيزيائي الإيراني وأول رئيس لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، والذي يُعرف بلقب "أب البرنامج النووي الإيراني"، يوم الجمعة 11 أبريل 2025.

ميدل ايست نيوز: توفي أكبر اعتماد، الفيزيائي الإيراني وأول رئيس لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، والذي يُعرف بلقب “أب البرنامج النووي الإيراني”، يوم الجمعة 11 أبريل 2025 في العاصمة الفرنسية باريس، عن عمر ناهز 95 عامًا.

ووُلد اعتماد في عام 1930 بمدينة همدان، وأكمل دراساته العليا في مجال الفيزياء النووية في سويسرا. عاد إلى إيران عام 1965، وعُيّن مستشارًا فنيًا لمشروع أبحاث المفاعل النووي، بتكليف من رئيس منظمة التخطيط والموازنة في ذلك الوقت.

في عام 1966، أسس مكتب الطاقة الذرية التابع للمنظمة نفسها، وتولى إدارته حتى عام 1967. وفي عام 1974، كلّفه الشاه محمد رضا بهلوي بوضع وتنفيذ برنامج شامل لتطوير الطاقة النووية في البلاد.

نتج عن ذلك تأسيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، والتي ترأسها اعتماد حتى عام 1979، وتمكن خلال تلك الفترة من إبرام اتفاقيات مع ألمانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة لبناء محطات نووية في إيران.

عقب اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، غادر اعتماد البلاد، وأمضى بقية حياته في فرنسا.

وفي مقابلة مع وكالة “إيسنا” الإيرانية عام 2013، كشف اعتماد أن وفدًا من إيران التقاه في سويسرا بعد نحو 10 سنوات من الثورة، وعرض عليه العودة إلى إيران لاستئناف العمل النووي ضمن إطار منظمة الطاقة الذرية، لكنه رفض ذلك العرض.

وقال اعتماد إن بدايات البرنامج النووي تعود إلى أواخر عام 1973، حين تلقى اتصالًا من الشاه لمناقشة فكرة إطلاق برنامج نووي يرسخ مكانة إيران ضمن الدول المتقدمة.

وكان الشاه قد خلص إلى أن إيران بحاجة إلى تنويع مصادر الطاقة لتلبية الطلب المتزايد نتيجة النمو السكاني. وكلف اعتماد، الذي كان حينها رئيسًا لجامعة بوعلي في همدان، بإعداد دراسة جدوى حول إنشاء عدد من المفاعلات النووية.

وبعد نحو شهر، قدّم اعتماد نتائج الدراسة للشاه، وتم اتخاذ القرار بدخول إيران رسميًا في المسار النووي، وتولى اعتماد قيادة البرنامج.

وضمن خطوات الإعداد، خضع الشاه لدروس أسبوعية على مدى ستة أشهر، ألقاها عليه اعتماد بنفسه، لتعريفه بأساسيات الطاقة والتكنولوجيا النووية، ومساعدته على اتخاذ قرارات مستنيرة.

وخلال هذه الدروس، سعى اعتماد لفهم نوايا الشاه الحقيقية: هل كان البرنامج سلميًا بالكامل أم يشمل أبعادًا عسكرية محتملة؟ ووفقًا لما نقله اعتماد، لم يكن من السهل استنتاج الهدف الحقيقي.

وقال اعتماد إنه طرح السؤال مباشرة على الشاه بعد ستة أشهر من الدروس: “الآن بعد أن أصبحتَ تفهم الفروقات بين بناء مفاعل وصنع قنبلة، وبين التخصيب وإعادة المعالجة، ماذا تريدني أن أفعل؟”

فأجابه الشاه بأن الأولوية هي للطاقة النووية، لكنه لم يستبعد خيار السلاح النووي في المستقبل، قائلاً: “في الوقت الحالي، لسنا بحاجة إلى قنبلة نووية، لأن إيران قوة إقليمية. لكن إذا تغيّر التوازن العسكري خلال 10 أو 20 عامًا، فعلينا أن نكون مستعدين”.

وبناءً على ذلك، وضع اعتماد خطة تضمن إمكانية الاتجاه نحو السلاح النووي إذا تم اتخاذ قرار بذلك مستقبلاً.

مفاوضات دولية ومشاريع الطاقة النووية

وضعت إيران هدفًا ببناء 23 مفاعلًا نوويًا لتوليد 23 ألف ميغاواط من الكهرباء، وبدأت في إجراء مفاوضات مع دول غربية لتحقيق هذا الهدف.

وفي عام 1974، انضمت إيران إلى اتفاقية الضمانات الخاصة بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) ووافقت على عمليات التفتيش الدولية.

وفي العام نفسه، وقّعت إيران عقدًا مع شركة “كرافت‌ ورك‌ يونيون” الألمانية لبناء مفاعلين نوويين في بوشهر، وبدأت مفاوضات مع فرنسا لبناء مفاعلين آخرين.

كما دخلت إيران في مفاوضات مع الولايات المتحدة، حليفتها الكبرى آنذاك. دعمت واشنطن البرنامج النووي السلمي الإيراني، لكنها أبدت تحفظات بشأن رغبة الشاه في إعادة معالجة الوقود النووي.

وفي عام 1978، تم التوصل إلى مسودة اتفاق بين واشنطن وطهران تسمح لإيران بإعادة معالجة الوقود النووي المقدم من الولايات المتحدة، بشرط القبول بعمليات التفتيش، لكن هذا الاتفاق لم يُنفذ.

لكن في نهاية المطاف، أطاحت الثورة الإسلامية عام 1979 بحكم الشاه، ووضعت حدًا لطموحاته النووية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 + 19 =

زر الذهاب إلى الأعلى