سوق السيارات الإيرانية يشهد تقلبات حادة في عام 2025 وسط صعود جنوني للأسعار
يشهد سوق السيارات في إيران خلال الأسابيع الأولى من العام الإيراني الجديد واحدة من أكثر فتراته تقلبًا.

ميدل ايست نيوز: يشهد سوق السيارات في إيران خلال الأسابيع الأولى من العام الإيراني الجديد واحدة من أكثر فتراته تقلبًا، حيث سجّل ارتفاعًا حادًا وغير مسبوق في أسعار السيارات المحلية والمستوردة، الأمر الذي أثار قلقًا واسعًا لدى المواطنين والمحللين الاقتصاديين.
ويُرجع عدد من الخبراء هذه القفزة السعرية إلى السياسات الاقتصادية غير الفعالة وارتفاع الضرائب الحكومية والتضخم المزمن والزيادة المستمرة في سعر صرف الدولار، إلى جانب احتكار السوق من قِبل شركات صناعة السيارات المحلية.
وبحسب التحقيقات، شهدت أسعار السيارات المستوردة في إيران ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأسابيع الماضية. فعلى سبيل المثال، بلغ سعر أرخص سيارة مستوردة مستخدمة في السوق الحرة حوالي 1.8 مليار تومان، فيما تجاوزت أسعار بعض سيارات الدفع الرباعي المستخدمة حاجز 4 مليارات تومان. وقد زادت أسعار بعض السيارات الأجنبية بما يصل إلى 400 مليون تومان خلال 20 يومًا فقط منذ بداية العام الجديد، رغم حالة الركود الكامل التي يشهدها السوق حسب تأكيدات الناشطين في هذا المجال.
أما سوق السيارات المحلية، فليس في حال أفضل. فبحسب رصد الأسعار، ارتفع سعر سيارة “بيجو 206” تيب 2 من نحو 600 مليون تومان في نهاية العام الماضي إلى ما يزيد عن 720 مليون تومان حاليًا. كما ارتفعت سيارة “ساينا EX” بنحو 20 مليون تومان في غضون أربعة أيام لتصل إلى 445 مليون تومان، فيما تجاوز سعر “شاهين” – إحدى أرخص سيارات شركة سايبا – حاجز 600 مليون تومان في السوق الحر.
وما يزيد من غضب الإيرانيين هو الهوة الشاسعة بين هذه الأسعار ودخل الطبقات العاملة. فوفقًا للقرارات الرسمية، يبلغ الحد الأدنى لأجور العمال هذا العام نحو 11 مليون و100 ألف تومان، وهو مبلغ لا يكفي حتى لتغطية أقساط سيارة محلية زهيدة السعر، ما يجعل حلم امتلاك سيارة بالنسبة للموظف والعامل في إيران أشبه بالمستحيل.
أسباب الارتفاع المفرط لأسعار السيارات
يرى الخبراء أن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار السيارات في إيران هو التضخم المزمن والاضطراب الاقتصادي، حيث يتأثر هذا القطاع مباشرة بأي تغير في سعر الصرف وسط غياب سياسات مالية ونقدية شفافة ومستقرة.
كما يُعتبر احتكار الإنتاج أحد أبرز العوامل المؤثرة، إذ يهيمن على السوق شركتان حكوميتان كبيرتان هما “إيران خودرو” و”سايبا”، إلى جانب شركات تابعة لهما، بينما يتم الحد من دخول السيارات الأجنبية بشكل صارم، ما يعرقل المنافسة ويؤدي إلى رفع الأسعار دون تحسن يُذكر في الجودة أو المواصفات.
إضافة إلى ذلك، أدى التقييد في استيراد السيارات، خاصة الاقتصادية منها وذات الكفاءة العالية في استهلاك الوقود، إلى تعميق الأزمة. فعلى عكس الدول الأخرى التي تلجأ إلى سياسات استيراد متوازنة، تواجه السوق الإيرانية عقبات وتعرفة مرتفعة تعرقل الاستيراد، حتى في الفترات القصيرة التي سُمح بها بالاستيراد، كانت السيارات المستوردة مرتفعة السعر ومحدودة العدد، ولم تؤدِّ إلى تراجع في الأسعار.
ويُعد غياب الرقابة الفعالة أحد الجوانب المهمة للأزمة، حيث إن ارتفاع أسعار السيارات يمس بشكل مباشر حياة ملايين العائلات الإيرانية، بينما تلتزم الجهات التنظيمية بالصمت أو تكرر وعودًا غير قابلة للتطبيق.
وفي هذا السياق، نشر موقع “فرارو” تقريرًا بعنوان: “انفجار أسعار السيارات في عام 2025 أمر جدي”، أكد فيه أن ارتفاع أسعار منتجات شركتي “إيرانخودرو” و”سايبا” يسهم مباشرة في رفع أسعار السيارات في السوق الحرة، كما أنه بات جزءًا من خطط سنوية تقوم بها شركات السيارات. وتبرر هذه الشركات زيادات الأسعار بارتفاع سعر الدولار وزيادة تكلفة اليد العاملة، حسب مزاعمها.