من الصحافة الإيرانية: تحديات معقدة أمام البيت الأبيض لإنهاء الأزمة في الشرق الأوسط

بينما تسعى إدارة البيت الأبيض إلى إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ويأمل ترامب في تحقيق تقدم في هذا الصدد، فإن البيت الأبيض يواجه تحديًا أكثر تعقيدًا في منطقة الشرق الأوسط.

ميدل ايست نيوز: بينما تسعى إدارة البيت الأبيض إلى إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ويأمل ترامب في تحقيق تقدم في هذا الصدد، فإن البيت الأبيض يواجه تحديًا أكثر تعقيدًا في منطقة الشرق الأوسط. تتمثل المشكلة الرئيسية في أن المنطقة تضم العديد من الأطراف الفاعلة التي لكل منها مطالب مختلفة.

وحسب تحليل نشر في صحيفة “هم ميهن” الإيرانية، هذا يجبر واشنطن على التفاوض مع كل دولة بشكل منفصل، وقد تؤدي نتائج هذه المفاوضات إلى عواقب غير متوقعة للدول الأخرى.

إسرائيل

يتمثل القلقين الرئيسيين لإسرائيل في خلق الاستقرار في قطاع غزة وتأمين الجناح الشمالي لها، خاصة في سوريا. أما فيما يتعلق بغزة، تتفق الولايات المتحدة وإسرائيل على أن حماس يجب ألا تحتفظ بالسيطرة في أي سيناريو بعد النزاع، ولكن لا يزال من غير الواضح أي هيكل حكومي يجب أن يحل محل حماس. في حين مارست الولايات المتحدة ضغوطًا على المملكة العربية السعودية لتولي قيادة الملف الفلسطيني بالتنسيق مع إسرائيل.

أدت الهجمات التي شنتها حماس في 7 أكتوبر 2023 إلى تعطيل الجهود السابقة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، إلا أن التفاعل لا يزال في صالح إسرائيل. مع ذلك، تعلم الأخيرة أن السعودية ستتعامل مع غزة بشكل غير مباشر من خلال مصر والأردن. كما أن إسرائيل تشك في قدرة السعوديين واستعدادهم السياسي لإدارة غزة. ما يزيد الوضع تعقيدًا هو أن السلطة الفلسطينية، المعترف بها دوليًا، تعاني من حالة إفلاس، مما يزيد من خطر أن يؤدي عدم اليقين بشأن مستقبل غزة إلى مزيد من عدم الاستقرار في الضفة الغربية، التي كانت بالفعل غير مستقرة.

تركيا

أدى الصراع بين إيران وإسرائيل وسقوط الأسد إلى خلق فرصة تاريخية لتركيا. فأنقرة التي لا تخضع للقيود التي فرضتها طهران، تتحرك بسرعة لتعزيز نفوذها في سوريا وفي النهاية في كامل المنطقة الشمالية للشرق الأوسط. خلال عدة أسابيع فقط، ضغطت تركيا على الحكومة المؤقتة في دمشق للتوقيع على اتفاقية لتقاسم السلطة مع الأكراد السوريين، الذين كانت تركيا في صراع طويل معهم.

كما تسعى تركيا الآن للحصول على دعم طويل الأمد من الولايات المتحدة من أجل تحقيق الاستقرار في سوريا وإعادة بناء جيش هذا البلد. هذه العملية ستكون معقدة وقد تستغرق عدة عقود. كما أن تركيا ترغب في منع إيران من تقويض خططها، خاصة في ظل أن العراق، كجار لتركيا، من المحتمل أن يبقى تحت النفوذ القوي لإيران.

ونظرًا لتدهور العلاقات بين تركيا وإسرائيل خلال الخمسة عشر عامًا الماضية، طلبت أنقرة وساطة الولايات المتحدة، مما ربما دفع ترامب إلى اقتراح نتنياهو التفاوض مع تركيا.

السعودية

أثار النفوذ المتزايد لتركيا في سوريا مخاوف المملكة العربية السعودية أيضًا. إذ ترى الرياض أن رؤية الإسلام السياسي السني المدعوم من تركيا، والذي يحل محل الإسلام السياسي الشيعي المدعوم من إيران، لا يختلف كثيرًا. وعلى الرغم من أن السعودية، على غرار إسرائيل، لا تتمتع بإمكانية وصول عسكري إلى تركيا، إلا أن لديها أداة ضغط مالية كبيرة ضدها، خاصة بالنظر إلى المشاكل الاقتصادية التي تواجهها تركيا. كما أن أنقرة تراقب كيف عززت واشنطن من صورة السعودية الدبلوماسية، خصوصًا من خلال استضافة محادثات بين الولايات المتحدة وروسيا على الأراضي السعودية.

تعتبر إدارة ترامب أن المملكة العربية السعودية هي القيادة الحقيقية للعالم العربي، وتسعى إلى أن تقود السعودية الاستقرار الإقليمي، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. لكن الرياض قد تجنبت تاريخيًا التدخل العميق في هذه القضية.

من أجل تقليل تدخل واشنطن المباشر في أمن المنطقة، يجب على الولايات المتحدة أن توازن بين السعودية وتركيا، وبين السعودية وإسرائيل. ومع ذلك، فإن التحدي الرئيسي سيكون في تعزيز قدرة السعودية على القيادة. قد يستغرق الأمر وقتًا طويلًا قبل أن تتمكن الرياض من تحمل عبء القيادة في شؤون العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط الكبير.

إيران

في وسط هذه الشبكة المعقدة من المفاوضات، تأمل إدارة ترامب أيضًا في التوصل إلى اتفاق يسد الطريق أمام إيران للحصول على السلاح النووي. هذا الموضوع يتجاوز مجرد تخصيب اليورانيوم ليشمل أيضًا برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية وشبكة القوات المدعومة من إيران في المنطقة. وعلى الرغم من الإخفاقات الأخيرة، لا تزال طهران تتمتع بنفوذ كبير في العراق واليمن من خلال الحوثيين.

قد يوفر تخفيف العقوبات فرصة لتخفيف الأعباء الاقتصادية على إيران ويقلل قليلاً من السخط العام. لكن المشكلة تكمن في أن أي تسوية مع واشنطن قد تؤدي إلى تعميق الانقسامات داخل النخب الحاكمة في إيران.

وفي هذا السياق، فإن المخاطر على الولايات المتحدة أكبر. فأي اتفاق من شأنه أن يثبت النظام الإيراني قد يعيد تنشيط الدفع الإقليمي لهذا البلد، وهو سيناريو غير مقبول من قبل إسرائيل وتركيا والسعودية. فهذه الدول الثلاث تخشى من إيران المتجددة وتتحفظ تجاه أي اتفاق لا يمكنه كبح أهداف إيران الطويلة الأمد.

سيكمن الاختبار الحقيقي أمام واشنطن في قدرتها على ضمان اتفاق لا يقتصر فقط على تقييد البرنامج النووي الإيراني، بل يشمل أيضًا تعديل سلوك إيران في المنطقة بشكل عام. في هذا السياق، يُعتبر التوصل إلى اتفاق مع إيران أمرًا بعيد الاحتمال، إلا إذا قبلت الولايات المتحدة بالخسارة المحتملة لبعض شركائها الإقليميين. وفي النهاية، تتنافس القوى الأربع – إسرائيل، تركيا، السعودية وإيران – على فرض نفوذها في المنطقة، ما يجعل الأهداف الاستراتيجية لكل منها متناقضة بطبيعتها، وأي توازن بين هذه القوى سيكون هشًا في أفضل الأحوال.

 

كامران بخاري
أستاذ في الأمن الدولي في جامعة أوتاوا

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 + واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى