من الصحافة الإيرانية: هل سينجو الاقتصاد الإيراني من ترامب والحرب؟

أي نوع من التوتر في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب، لن يؤثر فقط على اقتصادات الدول المصدّرة للنفط والغاز مثل الكويت والعراق والسعودية وقطر، بل سيمتد تأثير الأزمة إلى الدول الأوروبية كذلك.

ميدل ايست نيوز: يضم الشرق الأوسط ثلاث نقاط استراتيجية شديدة الأهمية من منظور أمن الطاقة العالمي: مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب. هذه النقاط الثلاث تمثل مجتمعةً نحو نصف التجارة العالمية للنفط المنقول بحرًا. وأي اضطراب في واحدة منها أو فيها جميعًا، يشكل تهديدًا كبيرًا لاستقرار أسواق الطاقة العالمية.

وكتبت صحيفة هم‌میهن في تقرير لها، أن أي نوع من التوتر في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في هذه النقاط الثلاث، لن يؤثر فقط على اقتصادات الدول المصدّرة للنفط والغاز مثل الكويت والعراق والسعودية وقطر، بل سيمتد تأثير الأزمة إلى الدول الأوروبية كذلك، التي ازدادت تبعيتها لمصادر الطاقة الأحفورية في الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

لكن، ما هو الأثر المحتمل لحرب إقليمية على الاقتصاد الإيراني؟ وهل يستطيع الاقتصاد الإيراني تحمّل تداعيات حرب أو قصف محتمل؟ في هذا التقرير، يتم استعراض آراء عدد من الاقتصاديين حول تأثيرات اندلاع حرب في المنطقة على الاقتصاد الإيراني.

مهدی قدوسي، الاقتصادي في معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية، طرح في مقال سؤالًا جوهريًا: هل سينجو الاقتصاد الإيراني من ترامب والحرب؟

بعد استعراضه لسياسات حكومة رئيسي وانعكاساتها على الاقتصاد الإيراني، كتب قدوسي أن بيانات البنك المركزي الإيراني تشير إلى تراجع الاستثمارات خلال العقد الماضي. ففي الفترة ما بين 2012 و2023، بلغ متوسط النمو السنوي لتكوين رأس المال الثابت الإجمالي ناقص 0.04%، فيما بلغ إسهامه في نمو الناتج المحلي الإجمالي ناقص 1.13%. وبالنظر إلى معدل اهتراء رأس المال السنوي البالغ 4%، يتضح أن مخزون رأس المال في إيران – وهو أساس الإنتاج – يتآكل تدريجيًا على مدار السنوات.

ورغم النمو السكاني وزيادة القوة العاملة في تلك الفترة، فإن البيئة الاقتصادية والتجارية المتدهورة والمُسيطر عليها من قبل مؤسسات اقتصادية وسياسية استغلالية، إلى جانب توسع القطاع العام على حساب القطاع الخاص وسوء الإدارة والعقوبات الصارمة وإدراج إيران في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي (FATF)، كلها عوامل أدت إلى إطالة أمد مرحلة الركود التضخمي في البلاد بشكل كبير. وتُظهر الإحصائيات أن أقل من 30% من السكان يعملون بشكل رسمي، وأن معدل مشاركة القوى العاملة (نسبة الأشخاص في سن العمل الذين يشاركون في سوق العمل) بقي دون 43%، ما يعكس هشاشة وضع سوق العمل وطبيعته المحبطة.

وبعد تحليله للوضع التضخمي، أشار قدوسي إلى أن الاقتصاد الإيراني شهد نموًا بمعدل متوسط بلغ 4.51% بين عامي 2021 و2023. وقد كان المحرك الرئيسي لهذا النمو في عام 2023 هو الارتفاع الكبير في صافي الصادرات، لا سيما بسبب العائدات المرتفعة من صادرات النفط. ووفقًا للبيانات الرسمية، فإن قطاع “استخراج النفط والغاز الطبيعي” سجّل أعلى معدلات النمو بنسبة 20.3% مقارنة بالعام السابق. هذا القطاع يشكل 16.4% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، ويصنّف ضمن الصناعات التحويلية، وبالتالي فقد ساهم بشكل كبير في النمو الكلي.

وفي المقابل، شهدت قطاعات صناعية أخرى – مثل “توفير المياه والكهرباء والغاز الطبيعي”، والتي تعاني من تدهور البنية التحتية – نموًا محدودًا أو حتى انكماشًا. ومع ذلك، فإن القطاع الصناعي ككل، الذي يمثل 45.4% من الناتج المحلي، حقق نموًا بنسبة 6.9% خلال العام المالي المنتهي في مارس.

وفي ختام تحليله، خلص قدوسي إلى أنه إذا لم يتلقَ دونالد ترامب إشارة واضحة ومقنعة من إيران تفيد باستعدادها للتفاوض على اتفاق شامل، لا يقتصر فقط على برنامجها النووي بل يشمل أيضًا قواتها الإقليمية الحليفة وبرنامجها الصاروخي الباليستي، فمن المرجح أن يعيد فرض عقوبات ستكون بمستوى العقوبات المفروضة في عام 2019، أو أشد.

مثل هذه العقوبات ستقوّض بشدة قدرة إيران على تصدير النفط، وستؤدي إلى تراجع قيمة العملة الوطنية. وسيؤدي انخفاض إيرادات النفط إلى ضغط كبير على قدرة الحكومة الإيرانية على تمويل واردات السلع الأساسية، مما قد يدفعها إلى طباعة النقود وتوسيع القاعدة النقدية، وهو ما سيزيد من التضخم ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتفاقم الأزمة الاقتصادية.

ويرى الاقتصادي في معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية أن القطاع الحكومي في إيران – الذي يشمل الميزانية العامة للحكومة بالإضافة إلى ميزانيات الشركات والمؤسسات الحكومية – والذي يمثل أكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي بسبب الدعم الواسع للسلع والخدمات، ليس مستعدًا لتحمّل مثل هذه الصدمات الخارجية من دون انفتاح على الغرب.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى