غروسي في طهران.. نقطة تحول حاسمة في الدبلوماسية النووية

تتجاوز زيارة غروسي في هذه المرحلة الحساسة الطابع الفني، لتكتسب أبعادًا سياسية. فمن جهة، يمكن اعتبارها محاولة لإعادة بناء الثقة بين إيران والوكالة ومن جهة أخرى، تنطوي الزيارة على رسالة واضحة إلى كل من الولايات المتحدة وأوروبا مفادها أن "إيران ما زالت ملتزمة بالتعاون البنّاء.

ميدل ايست نيوز: بحسب ما أعلنه كاظم غريب آبادي، مساعد وزير الخارجية الإيراني، من المقرر أن يصل رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى طهران بعد ظهر اليوم (الأربعاء). وتأتي هذه الزيارة في وقت تجري فيه مفاوضات حساسة بين إيران والولايات المتحدة ضمن أجواء هشّة، ما يجعل من حضور غروسي إلى إيران محور اهتمام دبلوماسي متزايد.

وكانت الجولة الأولى من هذه المفاوضات قد عُقدت في سلطنة عمان، على أن تبدأ الجولة الثانية يوم السبت المقبل؛ وهي مفاوضات قد تعيد توجيه الملف النووي الإيراني نحو مسار جديد. في هذا السياق، تستعد أوروبا لتفعيل “آلية الزناد” كورقة ضغط على طهران، ما يضفي على هذه الزيارة طابعًا حاسمًا في سياق التحولات الدبلوماسية الراهنة. كما أن اقتراب انعقاد الاجتماع الفصلي لمجلس محافظي الوكالة يضيف أهمية إضافية لهذه الزيارة، التي تحوّلت إلى محطة مفصلية في العلاقات بين إيران والوكالة الدولية.

وتتجاوز زيارة غروسي في هذه المرحلة الحساسة الطابع الفني، لتكتسب أبعادًا سياسية. فمن جهة، يمكن اعتبارها محاولة لإعادة بناء الثقة بين إيران والوكالة، التي ابتعدت في السنوات الأخيرة، تحت تأثير الضغوط الغربية، عن حيادها المفترض وتحولت إلى أداة تخدم أجندات سياسية. ومن جهة أخرى، تنطوي الزيارة على رسالة واضحة إلى كل من الولايات المتحدة وأوروبا مفادها أن “إيران ما زالت ملتزمة بالتعاون البنّاء، لكن هذا التعاون مرهون بحسن النية المتبادلة”.

إلا أن تهديد أوروبا بتفعيل “آلية الزناد” كوسيلة للحفاظ على نفوذها في المفاوضات يضفي مزيدًا من التعقيد على أجواء الحوار. فالاتحاد الأوروبي، غير الراضي عن تهميشه في المفاوضات الثنائية بين طهران وواشنطن، يسعى من خلال هذا التهديد إلى تعزيز دوره في العملية التفاوضية.

ويزيد الاجتماع المقبل لمجلس محافظي الوكالة من تعقيد المشهد. فالتقرير الذي سيقدمه غروسي بعد زيارته، والذي يُعتقد أنه قيد الإعداد، سيكون له دور حاسم في تحديد نبرة وتوجه هذا الاجتماع. وإذا ما جاء التقرير سلبيًا وتحت تأثير الضغوط الغربية، فقد يمهّد الطريق نحو إصدار قرار ضد إيران، ما من شأنه تعقيد مسار المفاوضات في عمان. أما إذا استطاعت إيران أن تبدي بعض درجات التعاون لإظهار حسن النية، فقد يشكل الاجتماع فرصة لخفض مستوى التوتر.

وفي خضم هذه التفاعلات، يجد غروسي نفسه مضطرًا إلى تحقيق توازن دقيق بين دوره الفني كمراقب للبرنامج النووي الإيراني، والضغوط السياسية الغربية. وسيعتمد نجاح هذه الزيارة ليس فقط على قدرته على إدارة هذا التوازن، بل أيضًا على الإرادة السياسية للأطراف المعنية لتفادي التصعيد.

في المحصلة، يمكن أن تتحول هذه الزيارة إلى عامل محفّز يدفع بالمفاوضات إلى الأمام، أو إلى عائق جديد في طريق الدبلوماسية، إذا ما أعقبتها تقارير حادة من قبل الوكالة. ويبقى مستقبل هذه التطورات رهينًا بما ستُفضي إليه قرارات الأيام المقبلة، ونتائج اجتماع مجلس المحافظين، الذي قد يرسم المسار المقبل للدبلوماسية النووية، نحو التهدئة أو التصعيد.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى