من الصحافة الإيرانية: طهران تحافظ على التوازن في منطقة القوقاز في ظل المفاوضات مع الولايات المتحدة

تواصل إيران، بصفتها لاعباً محورياً في جنوب القوقاز، انتهاج سياسة متوازنة في علاقاتها مع كلّ من أرمينيا وجمهورية أذربيجان، حيث لا تقتصر طهران على تعزيز التعاون الثنائي، بل تسعى إلى ترسيخ السلام والاستقرار الدائم في المنطقة.

ميدل ايست نيوز: في ظل تركيز السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية على المفاوضات الحساسة مع الولايات المتحدة، تولي طهران في الوقت ذاته اهتماماً خاصاً بعلاقاتها الإقليمية، وتسعى بحكمة ودقة إلى الحفاظ على توازن استراتيجي في المناطق الجيوسياسية الحساسة، لا سيما في منطقة جنوب القوقاز، التي تحظى بأهمية فائقة في أولويات السياسة الخارجية الإيرانية، نظراً لموقعها الاستراتيجي وحدودها المشتركة مع إيران.

وفي هذا السياق، أفاد موقع “دبلوماسي إيراني” أن إيران، بصفتها لاعباً محورياً في جنوب القوقاز، تواصل انتهاج سياسة متوازنة في علاقاتها مع كلّ من أرمينيا وجمهورية أذربيجان، حيث لا تقتصر طهران على تعزيز التعاون الثنائي، بل تسعى إلى ترسيخ السلام والاستقرار الدائم في المنطقة.

دعم إيراني لاتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان

أكد مجيد تخت روانجي، نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، في مقابلة مع موقع “ريجن مانيتور” نُشرت عبر وكالة الأنباء الأرمنية “أرمن برس”، استعداد إيران لدعم توقيع اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان، مشيراً إلى أن نص الاتفاق أصبح جاهزاً للتوقيع، وأن إبرامه في أقرب وقت يصب في مصلحة جميع الأطراف.

وشدّد تخت روانجي على أن علاقات إيران مع الطرفين قائمة على التوازن والصداقة، موضحاً أن طهران ستدعم جميع الجهود الرامية إلى تسهيل هذا المسار. وأضاف أن إيران ترفض أي تغيير في الحدود الدولية أو المساس بسيادة الدول، مؤكداً على أهمية التعاون الإقليمي القائم على الاحترام المتبادل والقوانين الدولية. كما أعرب عن أمل طهران في إنهاء الصراعات العسكرية في منطقة جنوب القوقاز.

وفي خطوة لافتة، أجرت إيران مؤخراً مناورات عسكرية مشتركة مع أرمينيا في منطقة نوردوز، بهدف تعزيز السلام ومكافحة الإرهاب وتأمين الحدود. وشاركت في المناورات وحدات خاصة من القوات البرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، إلى جانب القوات المسلحة الأرمينية.

وقد اعتُبرت هذه المناورات رسالة سياسية واضحة إلى باكو، مفادها أن طهران تعارض أي محاولة لتغيير الحدود، خاصة في منطقة “سيونيك” الأرمنية المرتبطة بممر “زنغزور”. ووفقاً لخبراء أرمن، من بينهم إدوارد أراكليان وليونيد نرسيزيان، فإن الأهمية السياسية لهذه المناورات تفوق أهميتها العسكرية، واعتبروها مؤشراً على تقدم في العلاقات بين يريفان وطهران، وتنبيهاً لأذربيجان حيال محاولات تغيير الحدود.

وأشار نرسيزيان إلى أن إيران لا تسعى إلى علاقات حصرية مع أي طرف، بل تحرص على التوازن بما يخدم مصالحها مع كلا الجارين.

توسيع التعاون الثنائي مع أذربيجان ورسائل إقليمية متوازنة

من جهة أخرى، تسير العلاقات بين إيران وأذربيجان نحو مزيد من التقدم. وتستعد طهران لزيارة مرتقبة للرئيس الإيراني مسعود بزشکیان إلى باكو، تلبيةً لدعوة من نظيره الأذربيجاني إلهام علييف، في خطوة تعكس إرادة الطرفين لتعزيز التعاون الثنائي.

ووفقاً لما أوردته وكالة “ترند” الأذربيجانية، فإن الزيارة قد تفتح فصلاً جديداً في العلاقات بين البلدين. وكانت باكو قد شهدت، في 8 أبريل، اجتماعاً بين شاهين مصطفى‌ يف، نائب رئيس وزراء أذربيجان، وفرزانه صادق، وزيرة الطرق والتنمية العمرانية الإيرانية، أشار فيه الطرفان إلى نمو التبادل التجاري بنسبة 30% خلال العام الماضي، مؤكدين وجود إمكانات كبيرة في مجالات التجارة، والاستثمار، والنقل، والطاقة.

ومن بين المشاريع الاستراتيجية، برزت مبادرات الربط عبر ممرات النقل “الشمال – الجنوب” و”الشرق – الغرب”، بما يشمل خطوطاً مثل آغبند – كلالة، التي من شأنها ربط الخليج الفارسي بالبحر الأسود. ومن المتوقع أن يشهد عام 2025 زيادة بنسبة 20% في حجم نقل البضائع، و23% في الترانزيت بين البلدين.

أما في قطاع الطاقة، فتلعب المشاريع الإيرانية الأذربيجانية المشتركة دوراً محورياً في أمن الطاقة، لا سيما من خلال بناء سدي “خدا آفرين” و”قلعة‌ دختر” على نهر أرس، وربط شبكات الكهرباء بطاقة 860 ميغاواط. كما يجري العمل على إنشاء خط جديد لنقل الكهرباء يربط منطقة زنغزور الشرقية بمنطقة نخجوان عبر الأراضي الإيرانية، في مؤشر آخر على عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

وتؤكد إيران، من خلال تعزيز علاقاتها المتوازنة مع كلّ من أرمينيا وأذربيجان دون الانحياز لطرف على حساب الآخر، نضجها الدبلوماسي ورغبتها في الحفاظ على التوازن في منطقة تشهد تنافساً محتدماً بين قوى إقليمية مثل تركيا وروسيا وحتى إسرائيل.

وإلى جانب المناورات العسكرية ذات البعد السياسي، تؤكد طهران تمسكها بسيادتها الوطنية، وسعيها إلى السلام والتعاون الإقليمي. ومن خلال اتباع سياسة متعددة الأطراف، تعمل إيران على توسيع نفوذها وتعزيز موقعها في المعادلات الجيوسياسية لجنوب القوقاز.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة + ستة =

زر الذهاب إلى الأعلى