مفاوضات روما النووية: الالتباسات والاحتمالات

ميدل ايست نيوز: أخيراً وبعد أسبوع من الغموض والتغيير، حسموا الأمر باختيار روما لعقد جولة المباحثات الثانية المقررة، السبت، بين الولايات المتحدة وإيران. في البداية كانت مسقط مرجحة، ثم فجأة برزت روما. وبعدها بقيت تتأرجح بين الاثنتين، إلى أن جرى البت فيها يوم الخميس. الخلاف حول المكان بدا وكأنه ينطوي على خلافات أعمق تتعلق بجوهر المفاوضات.

انعكس ذلك خلال الأيام القليلة الماضية، في خطاب الإدارة المتقلّب وغير المنسجم مع مقاربتها الأولية للملف النووي الإيراني. ثم جاء ما كشفته، الأربعاء، صحيفة “نيويورك تايمز” حول وجود تباين بين الإدارة وإسرائيل، ليسلط الضوء على الالتباس في موقف الأولى وبما يتركه مفتوحاً إما على التغيير نحو التلاقي في نهاية المطاف مع الموقف الإسرائيلي وإما على الافتراق وربما التصادم معه ولو أن الاحتمال الأخير مستبعد الآن.

الإدارة الأميركية أعطت في الأيام الأخيرة إشارات ضبابية ومتأرجة بين التشدد والليونة بخصوص جدول أعمال المفاوضات. مرة تصرّ على صفقة كاملة تشمل النووي وسلاح الصواريخ وأذرع إيران في المنطقة. ومرة تتحدث عن النووي وحده. وفي هذا الأخير تطرح أكثر من صيغة تراوح بين مطلب تفكيك المشروع وبين وجوب خفض تخصيب اليورانيوم، مروراً ببرنامج التخصيب الذي “لا يمكنها الاحتفاظ به” كما قالت تامي بروس، الناطقة الرسمية في وزارة الخارجية الأميركية، الثلاثاء الماضي. وعندما سئلت عما إذا كان ذلك يعني أن على إيران تفكيك مشروعها، قالت “لا يسعني أن افترض ذلك”. وأضافت “الخط الأحمر لدينا، أن إيران لن تمتلك السلاح النووي. كيف سيتحقق ذلك؟ لا أدري”.

في إطاره العام، لا يخرج هذا الخطاب عن ذلك الذي اعتمدته إدارة أوباما في تسويقها آنذاك لحيثيات اتفاق 2015. تركيز وتفصيل واضح لحل يقوم على تسوية مبنية على تجميد مؤقت للمشروع الإيراني. الرئيس ترامب كرر أكثر من مرة وكان آخرها، الأربعاء، بأنه “يفضّل” الخيار الدبلوماسي الذي يفضي إلى تسوية مقبولة، لم يحدد حتى الآن خطوطها الرئيسية بوضوح وبصورة جازمة. المتداول أن الإدارة تتطلع إلى صفقة “أفضل وأقوى” من اتفاقية 2015. لكن من دون تفاصيل.

ويسود الاعتقاد لديها بأن أوضاع إيران المعروفة، توفر الإمكانية لتمرير مثل هذه الصفقة ولو اقتضى الأمر تدوير الزوايا بما يحفظ وجه القيادة الإيرانية. والترجيح في القراءات أن الأمور سائرة في هذا الاتجاه، ولا سيما أن الرئيس ترامب ليس فقط “غير ميّال إلى الحروب”، بل أيضاً لأن طبق متاعبه المحلية يفيض بالتحديات الكبيرة وبما يشغله عن التورط في نزاعات خارجية إذا كان بالإمكان الاستعاضة عنها بتسويات مقبولة. ولا يستبعد أن يكون تسريب معلومات العملية العسكرية إلى “نيويورك تايمز”، قد جرى بنية حمل طهران على ملاقاة الرئيس ترامب الذي لجم إسرائيل ومنعها من اللجوء إلى الخيار العسكري.

لكن في المقابل، قد يكون لهذا التسريب غاية على النقيض من هذا التفسير، بحيث يمكن أن يظهر كبح ترامب لإسرائيل وكأنه ترجمة لعزوفه أصلاً عن العمل العسكري وبما يحمل إيران من ثم على التصلب الذي من شأنه أن يدفع الرئيس ترامب باتجاه خيار إسرائيل العسكري.

ويُشار إلى أن فريق الصقور المتشددين في واشنطن، يواصل التذكير بالتناغم مع إسرائيل، بأن إيران اليوم “مكشوفة وفي أضعف حالاتها”، وتالياً فإن العملية العسكرية ضد منشآتها النووية طريقها سالكة ولو أن هناك تحذيرات من أن الضربة الجوية “لا تقوى على أكثر من تأخير المشروع لمدة زمنية معينة”، وليس تدميره بالكامل.

والجدل في هذا الإطار جارٍ في أوساط الخبراء والمعنيين وكذلك ضمن فريق الأمن القومي في الإدارة “المنقسم” حول جدوى الخيار الإسرائيلي. وهذا الواقع مع الالتباسات التي أحاطت بجولة روما، معطوفاً على احتمال قيام إسرائيل بعمل ما للتخريب على عملية المفاوضات، قد يفرض إعادة النظر في الحسابات وبما قد يؤدي إلى إشعال الوضع. الرئيس ترامب عازم حتى الآن على المضي في التفاوض. لكن نتنياهو لا يبدو أقل عزماً في الدفع باتجاه ترجمة البديل عن التفاوض.

 

فكتور شلهوب

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 − 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى