وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية: إيران جادة في الوصول إلى الاتفاق ولا تضيع الوقت
رغم هذه الأجواء الإيجابية النسبية، ما تزال المحادثات تتأثر بعمق التعقيدات السياسية وسجل التوتر بين البلدين.

ميدل ايست نيوز: تعيد تصريحات رئيس الولايات المتحدة بشأن “إضاعة الوقت” من جانب إيران أجواء “لعبة اللوم” إلى المفاوضات رغم مؤشرات جدية طهران.
وحسب تقرير لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الإثنين، والتي اتهم فيها إيران بـ”إضاعة الوقت”، مجددًا ظلال “لعبة اللوم” (Blame Game) على أجواء المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، رغم وجود مؤشرات واضحة تعكس جدية إيران، لاسيما في تركيبة فريقها المفاوض في مسقط، وفهمها العميق لأهمية الموعد النهائي في أكتوبر 2025.
وتشكل المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، التي انطلقت في 12 أبريل 2025 في العاصمة العُمانية مسقط، محطة جديدة في المساعي الدبلوماسية الرامية إلى معالجة التحديات المرتبطة بالملف النووي الإيراني. هذه الجولة، التي تركز على إمكانية إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 أو التوصل إلى اتفاق بديل، حظيت بتقييم حذر ولكن إيجابي من كلا الجانبين.
وقالت وكالة إرنا الرسمية إنه رغم هذه الأجواء الإيجابية النسبية، ما تزال المحادثات تتأثر بعمق التعقيدات السياسية وسجل التوتر بين البلدين. وفي حين يُظهر المسؤولون من الطرفين حرصًا على تحقيق مصالحهم الوطنية، إلا أن التجارب السابقة، خاصة تلك المرتبطة بمسار إحياء الاتفاق النووي، تُظهر أن غياب الثقة المتبادلة والضغوط السياسية الداخلية والخارجية يمكن أن تعيق تقدم المباحثات.
وفي هذا السياق، جاءت تصريحات ترامب في 14 أبريل، خلال لقائه مع رئيس السلفادور، لتحذر من أن إيران قد تكون دخلت المفاوضات بهدف “إضاعة الوقت”. هذه التصريحات سرعان ما لقيت صدى في الأوساط الدبلوماسية، وأعادت مجددًا خطاب “لعبة اللوم” إلى واجهة المشهد التفاوضي.
تركيبة الوفد الإيراني: مؤشر على الجدية
تعكس مشاركة وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى جانب كل من نائبه للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي، ونائب الشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، بوضوح مدى الجدية التي تتعامل بها طهران مع هذه الجولة من المحادثات. إذ يرافقهم فريق من الخبراء المخضرمين في وزارة الخارجية، ممن سبق لهم لعب أدوار رئيسية في التوصل إلى اتفاق 2015، ما يبعث برسالة واضحة إلى الطرف المقابل: إيران مستعدة لمباحثات تقنية ومعمقة، وتولي أهمية خاصة لتحقيق نتائج ملموسة ضمن إطار قانوني ودبلوماسي يحفظ مصالحها الوطنية.
وتُظهر تركيبة الوفد الإيراني، التي تجمع بين خبرات سياسية وقانونية وفنية، استعداد طهران لمناقشة القضايا الشائكة التي قد تفتح الطريق أمام إحياء الاتفاق أو بلورة اتفاق جديد. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجولة لا يعتمد فقط على جاهزية إيران، بل أيضًا على مدى جدية الطرف الأميركي واستعداده لإبداء مرونة دبلوماسية حقيقية.
من جانب آخر، تدرك طهران جيدًا أن أكتوبر 2025 يمثل موعدًا حاسمًا لانتهاء العديد من البنود الأساسية في القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن، وهو ما يفسر الجدية والحساسية البالغة التي تتعامل بها إيران مع هذه الجولة من المحادثات. ولا تقتصر أهمية هذا الموعد على إيران وحدها، بل تمثل أيضًا تحديًا للطرف الأميركي والأوروبي، حيث إن غياب اتفاق جديد قد يجعل المشهد أكثر تعقيدًا بالنسبة لهم.
ومع انتهاء صلاحية آلية “سناب باك” (العودة التلقائية للعقوبات)، ستفقد الأطراف الغربية أداة ضغط مركزية، في وقت تبقى فيه طهران ملوحة بخيار الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية (NPT)، وهو ما قد يفتح فصلًا جديدًا من التوتر، رغم أن الانسحاب لا يعني بالضرورة السعي نحو التسلح النووي.
في المحصلة، تظل المفاوضات غير المباشرة الجارية في مسقط رهينة تحديات عميقة الجذور ناتجة عن غياب الثقة وتضارب الأولويات بين الطرفين. كما أن تصريحات بعض المسؤولين الغربيين، مثل اتهام ترامب لإيران بـ”إضاعة الوقت”، تعكس استمرار استخدام تكتيكات “لعبة اللوم”، التي طالما أضعفت فرص تقدم المفاوضات في مراحل سابقة.
هذه التصريحات لا تنسجم مع الجدية التي تبديها إيران، وقد تقوض الجهود المبذولة لبناء الثقة، وهي عنصر محوري لنجاح أي تقدم في المسار الدبلوماسي.