من الصحافة الإيرانية: خلاف استراتيجي علني بين إسرائيل والولايات المتحدة حول كيفية التعامل مع إيران
كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن تسريب خطير لخطة إسرائيلية تستهدف شنّ هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، مما يزيح الستار عن توتر متصاعد واختلاف استراتيجي عميق بين واشنطن وتل أبيب.

ميدل ايست نيوز: عقب انعقاد الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، يوم السبت 19 أبريل 2025 في العاصمة الإيطالية روما، كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن تسريب خطير لخطة إسرائيلية تستهدف شنّ هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، ما أزاح الستار عن توتر متصاعد واختلاف استراتيجي عميق بين واشنطن وتل أبيب.
هذا التسريب، الذي وصفه مسؤولون إسرائيليون بأنه من “أخطر حالات تسريب المعلومات في تاريخ البلاد”، سلّط الضوء على تباين واضح بين مقاربة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحالية التي تركز على الحوار والدبلوماسية، وبين السياسات الإسرائيلية التي تميل إلى التصعيد العسكري ضد إيران.
ترامب بين التشدد والمرونة: تحوّل في الموقف الأمريكي
على خلاف الصورة النمطية لترامب كرئيس متشدد في الملف الإيراني، جاءت تصريحاته الأخيرة يوم الخميس الماضي لتكشف تحولًا في لهجته. إذ قال للصحفيين: “لا أريد أن تحصل إيران على سلاح نووي، لكنني لست في عجلة للهجوم”، مضيفًا: “أعتقد أن إيران تريد الحوار، وآمل أن يكون ذلك صحيحًا… لا نريد إيذاء أحد، ولا نرغب في أخذ أرضهم أو صناعتهم”.
هذه التصريحات تعكس رغبة واضحة لدى واشنطن في تفضيل المسار الدبلوماسي، في تناقض مباشر مع نزعة تل أبيب نحو الخيار العسكري. ويشير هذا التحول إلى تغيير محتمل في السياسة الخارجية الأمريكية خلال الولاية الثانية لترامب، مقارنة بخطوته الأحادية في عام 2018 حين انسحب من الاتفاق النووي، مما أدى إلى تصعيد واسع النطاق.
ردود فعل غاضبة في إسرائيل… واتهامات داخلية
أثارت تسريبات الصحيفة الأمريكية ردود فعل حادة في الأوساط الإسرائيلية، حيث رأى مسؤولون أمنيون أن كشف الخطة أضرّ بالعلاقات مع واشنطن وقلّص من هامش المناورة الإسرائيلي تجاه إيران. في الوقت نفسه، وجّه سياسيون إسرائيليون أصابع الاتهام إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مشككين في دوافعه.
وكتب وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان على منصة “إكس”: “كنا محظوظين لأن نتنياهو لم يكن رئيسًا للوزراء عندما قصفنا المفاعلين النوويين في سوريا والعراق”. وانضم إليه في الانتقادات كل من بني غانتس ونفتالي بينيت ويائير لابيد، في وقت يتصاعد فيه الجدل الداخلي بشأن حدود التصعيد مع طهران.
من جانبهم، ألمح مسؤولون إسرائيليون إلى أن مصدر التسريب هو داخل الإدارة الأمريكية، وتحديدًا من معارضي أي عمل عسكري ضد إيران، سواء كان من جانب الولايات المتحدة أو إسرائيل، ما يعكس خلافًا داخليًا في صفوف حلفاء واشنطن.
مسار جديد نحو التهدئة… هل تنجح الدبلوماسية؟
تزامنًا مع هذه التطورات، يبرز في الأفق مسار جديد يركّز على تهدئة التوترات وإعادة إحياء الحوار. إذ تُعدّ مواصلة المفاوضات في روما مؤشراً على رغبة إدارة ترامب في تجنّب المواجهة والانخراط في حل تفاوضي، رغم تعقيدات المرحلة وسوء الإرث الناتج عن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018.
إلى جانب ذلك، تلعب دول مثل سلطنة عمان دورًا محوريًا في الوساطة، كما يدعم الحلفاء التقليديون لطهران، مثل روسيا، هذا التوجه. حيث أكدت موسكو في لقاء جمع نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مع مسؤولين روس، على استمرار الشراكة الاستراتيجية مع إيران ودعمها للحوار.
وتمثل التباينات بين الولايات المتحدة وإسرائيل في هذا التوقيت الحرج فرصة لإعادة ضبط العلاقات الثنائية بما يخدم استقرار الشرق الأوسط، لا سيما إذا استمرت واشنطن في تغليب منطق الحوار وتراجعت تل أبيب عن خططها التصعيدية. في المقابل، تظل إمكانية نجاح المسار التفاوضي مشروطة بالإرادة السياسية والالتزام المتبادل من جميع الأطراف.
مالك مصدق
صحفي إيراني