من الصحافة الإيرانية: المفاوضات الفنية هي الجزء الأكثر تعقيداً
يظهر أن الطرفين، إيران والولايات المتحدة، يركزان على الوقت نظرًا للحساسية المفرطة تجاه موضوع الملف النووي، خاصة أن هناك احتمالاً لعودة القضية إلى مجلس الأمن إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

ميدل ايست نيوز: قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يوم السبت في ختام الجولة الثانية من المحادثات الإيرانية الأمريكية في روما أن الطرفين اتفقا على انطلاق محادثات فنية على مستوى الخبراء في سلطنة عمان ابتداء من الأربعاء المقبل.
ووصف عراقجي المحادثات غير المباشرة بأنها كانت “جيدة وإلى الأمام” مؤكدا على “التوصل إلى تفاهم أفضل بشأن عدد من المبادئ والأهداف”.
كما أصدرت وزارة الخارجية العمانية بيانا رسميا بعد انتهاء المحادثات جاء فيه: “اتفقت الولايات المتحدة وإيران اليوم على الانتقال إلى المرحلة التالية من المحادثات التي ستسمح بتوقيع اتفاق يضمن خلو إيران من الأسلحة النووية والعقوبات، لكنها ستتمكن من الاستمرار في تخصيب اليورانيوم للأغراض المدنية”.
وأضافت أن الحوار والتواصل الواضح هما السبيل الوحيد لتحقيق تفاهم واتفاق موثوق به يخدم مصلحة جميع الأطراف على الصعيدين الإقليمي والدولي، موضحة بأن الجولة المقبلة من المباحثات سوف تعقد في مسقط خلال الأيام القليلة القادمة.
ومع تسارع وتيرة المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، بدأت تظهر بعض التفاؤلات بشأن نتائج هذه المحادثات. ورغم أن هذه التفاؤلات تُعتبر مبشّرة من قبل بعض الخبراء، إلا أن آخرين يرون أنه من الضروري اتخاذ الحذر في هذا المجال.
وفي هذا السياق، صرح قاسم محب علي، المدير العام السابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإيرانية والسفير السابق لإيران في ماليزيا واليونان، في حديثه مع موقع “فرارو” قائلاً: “المفاوضات العادية تشمل الاتفاقات العامة، مثل أن توافق إيران على تخصيب اليورانيوم إلى مستوى يتم قبوله من قبل الأطراف الأخرى ويعتمده الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما يلتزم الطرف الآخر برفع العقوبات المتعلقة بالقضايا النووية في حال تحقق هذا الأمر. لكن التفاصيل الفنية هي الجزء الأكثر تعقيداً، مثل كيفية تحديد الجدول الزمني وآلية المراقبة وعدد أجهزة الطرد المركزي التي يجب أن تمتلكها إيران، وكذلك مستوى وحجم التخصيب، والهدف من ذلك. وبالمثل، سيكون الحال بالنسبة للعقوبات، حيث يوجد قائمة مفصلة بها يجب تحديد أسباب كل واحدة منها وما إذا كان يمكن رفعها أم لا. لذلك، سنواجه مفاوضات تتطلب فحص تفاصيل دقيقة مشابهة لتفاصيل الاتفاق النووي”.
وأضاف محب علي: “يجب على الخبراء من البنك المركزي والصناعات الخاضعة للعقوبات والنفط والطيران وغيرها، إجراء محادثات مع الأطراف الأخرى لمعرفة كيفية الوصول إلى اتفاق، وبعد التوصل إلى اتفاق، يجب أن تتم مراجعة الوثيقة النهائية من قبل المسؤولين السياسيين لمناقشة القضايا الخلافية والموافقة على النقاط المتفق عليها. إذا كانت هناك خلافات جديدة، يتم إحالتها إلى الخبراء أو إلى المسؤولين الأعلى لتحديد ما إذا كانوا مستعدين للتفاوض حول هذه القضايا. في الولايات المتحدة، يكون الرئيس هو الذي يحدد اتجاه المفاوضات، بينما في إيران، فإن المرشد الأعلى هو الذي يحدد مسارها”.
جهود الطرفين للوصول إلى نتيجة سريعة
وتعليقًا على التفاؤل المتزايد حيال المفاوضات، أشار المدير العام السابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإيرانية إلى أن “أي مفاوضات سياسية لها وجهان: أحدهما التوصل إلى اتفاق، والآخر الفشل في الاتفاق. وإذا فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق، فقد تكون العواقب إما الدخول في صراع شامل يتجسد في إجراءات عقابية، أو أن المفاوضات قد تتحول إلى عملية طويلة ومملة. ومع ذلك، يظهر أن الطرفين، إيران والولايات المتحدة، يركزان على الوقت نظرًا للحساسية المفرطة تجاه موضوع الملف النووي، خاصة أن هناك احتمالاً لعودة القضية إلى مجلس الأمن إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قبل تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الصيف”.
فرص التوصل إلى اتفاق: تعاون الكونغرس مع ترامب
وفيما يتعلق بالمناقشات النووية بين إيران وأمريكا، لفت محب علي إلى أنه “من غير الممكن القول إن التوصل إلى اتفاق سهل، لكن الاتفاق بشأن القضايا النووية هو الأكثر سهولة مقارنة بالقضايا الأخرى. حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق نووي، فإن هناك العديد من القضايا المترابطة التي ستظل عائقاً، مثل العقوبات على الصواريخ والجماعات شبه العسكرية الإقليمية وحقوق الإنسان والدعم الإيراني لروسيا في حربها بأوكرانيا. ورغم رفع العقوبات النووية في حال تم الاتفاق، لا بد من إعادة التفاوض حول القضايا الأخرى، ما يجعل هذه المفاوضات أكثر تعقيداً. أحد الفرص التي قد تسهم في نجاح المفاوضات هو أن الكونغرس تحت سيطرة الجمهوريين، وبالتالي إذا تم التوصل إلى اتفاق، فمن غير المحتمل أن يعارضه الكونغرس”.