إيران.. تعزيز الدبلوماسية المتعددة الأطراف عشية الجولة الثالثة من المحادثات مع واشنطن
تعد زيارة عراقجي إلى الصين جزءًا من استراتيجية الدبلوماسية متعددة الأطراف التي تتبعها إيران، والتي يبدو أن هدفها هو تعزيز موقف طهران في المفاوضات مع واشنطن.

ميدل ايست نيوز: في الوقت الذي يتابع فيه العالم عن كثب التحولات الدبلوماسية المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، يتوجه وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اليوم الثلاثاء إلى بكين للتشاور مع كبار المسؤولين الصينيين بشأن سير المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن. وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي يسبق الاجتماع المقرر لخبراء إيران والولايات المتحدة يوم الأربعاء وقبل الجولة الثالثة من المفاوضات بين طهران وواشنطن يوم السبت، ما يعكس جهود إيران لتعزيز موقفها من خلال الدبلوماسية متعددة الأطراف في هذه المرحلة الحساسة، وهي المفاوضات التي قد تحدد مصير الملف النووي الإيراني والعقوبات الاقتصادية واستقرار المنطقة.
وتعد زيارة عراقجي إلى الصين جزءًا من استراتيجية الدبلوماسية متعددة الأطراف التي تتبعها إيران، والتي يبدو أن هدفها هو تعزيز موقف طهران في المفاوضات مع واشنطن. وتعتبر البيان الصادر عن اجتماع بكين في مارس 2025 بمثابة إجماع بين إيران والصين وروسيا حول مبادئ أساسية مثل إلغاء العقوبات غير القانونية واحترام قرار مجلس الأمن رقم 2231 ودعم حق إيران في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية. كما يسلط البيان الضوء على أهمية التعاون الثلاثي ضمن أطر مثل منظمة شنغهاي للتعاون ومنظمة البريكس، وهي خطوة قد تساعد إيران على تعزيز دعمها في مواجهة الضغوط المحتملة من الولايات المتحدة وحلفائها.
مع ذلك، يرى بعض المحللين أن هذه التحركات قد تكون رمزية أكثر منها عملية، ويعتقدون أن تأثيرها الحقيقي على سير المفاوضات قد يكون محدودًا. قال أحد المحللين في قناة “العربية”: “تسعى إيران من خلال زيادة اتصالاتها مع الصين وروسيا، إلى إرسال رسالة للغرب مفادها أنه في حال فشل المفاوضات، لديها خيارات أخرى”. ويعكس هذا الرأي استراتيجية إيران الرامية إلى خلق توازن في مواجهة الضغوط المحتملة، رغم أن نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك مرونة الطرف الآخر.
دعم بكين أم مصالح موسكو؟
على الرغم من دعم الصين وروسيا لمحادثات إيران والولايات المتحدة، إلا أن هذا الدعم يُعتبر إلى حد كبير جزءًا من مصالحهما الوطنية. فالصين، بوصفها أكبر شريك تجاري لإيران وأحد المشترين الرئيسيين للنفط الإيراني، تستفيد من استقرار المنطقة في الشرق الأوسط، إلا أن علاقاتها المعقدة مع الولايات المتحدة تعيق دورها في المفاوضات بشكل أكثر نشاطًا. من جهة أخرى، رحبت روسيا، التي عمقت علاقاتها مع إيران بعد حرب أوكرانيا، بتخفيف التوترات بين طهران وواشنطن، لأنها يمكن أن تقلل من الضغوط الدولية على موسكو. ومع ذلك، أظهرت كلتا الدولتين في الماضي أنه في حال الضرورة، فإن مصالحهما قد تكون أولويات على دعم إيران.
في هذا السياق، أكد حشمت الله فلاحت بيشه، النائب السابق وأستاذ الجامعة، في تحليله حول التمييز بين علاقات إيران مع الصين وروسيا، أن روسيا تبذل كل جهدها لمنع حل أي أزمة قبل أزمة أوكرانيا، حيث أن ذلك يصب في مصلحة طموحات بوتين. وأشار فلاحت بيشه، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني السابق، إلى أنه يجب على إيران ألا تسمح بأن تكون مفاوضاتها مشروطة بمصالح روسيا، كما حدث في حين توقفت عملية إحياء الاتفاق النووي بسبب حساسيات روسيا تجاه علاقات إيران مع الغرب. وأوضح المحلل أن “إيران قد تأثرت عدة مرات من فرض شروط على المفاوضات لمصلحة روسيا، بينما لم تتأثر من عمل السوق الطبيعي”.
من جهة أخرى، يرى فلاحت بيشه أن علاقات إيران مع الصين تختلف، ويعتقد أن “الصين، على عكس روسيا، كانت أقل عائقًا في علاقات إيران مع الغرب، وتستقبل استقرار المنطقة بشكل إيجابي، خاصة في ظل علاقاتها الكبيرة مع الدول العربية وحاجتها إلى آليات دبلوماسية إيجابية لتأمين مصالحها الاقتصادية، مثل شراء النفط الإيراني”. كما أضاف “إبعاد روسيا عن مفاوضات إيران والولايات المتحدة كان قرارًا أمريكيًا وليس إيرانيًا، لكن طهران يجب أن تستغل هذه الفرصة لتحقيق مصالحها”.