من الصحافة الإيرانية: أين تقف أوروبا في محادثات طهران وواشنطن؟

لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى ستطلع واشنطن أوروبا على محتوى ونتائج محادثاتها مع طهران، لكن من الواضح أن ترامب يعتبر نفسه ملزمًا بنقل معلوماته إلى تل أبيب، ولا يتردد في إعلان ذلك علنًا.

ميدل ايست نيوز: أين تقف أوروبا في مسار المحادثات المتسارعة بين طهران وواشنطن؟ وهل تركت الساحة للابتكارات التي تقودها واشنطن كما في الأمم المتحدة في غزة ولبنان وسوريا، وحتى بدرجة كبيرة في أوكرانيا؟ أم ترغب في أن تكون مجرد مراقب لمشهد لا يزال مستقبله غامضًا؟ هل اختارت القارة العجوز أن تتبع سياسة الجمود بقيادة “الترويكا البريطانية-الفرنسية-الألمانية”؟ أم أنها، عبر الحذر وبالاحتفاظ بملاحظاتها الانتقادية على سياسات “دونالد ترامب”، تفضل اتباع سياسة “الجلوس والمراقبة” بدلاً من أي رد فعل فوري؟

على أي حال، ما هو واضح هو أن أوروبا وممثليها الرئيسيين، أي “الترويكا الأوروبية”، ليس لديهم مكانة واضحة في مسار المحادثات المتسارعة بين طهران وواشنطن. في حين أن أوروبا تعارض بشدة أي عودة لروسيا إلى المجتمع الدولي، فإننا نشهد تزايدًا في دور موسكو في المحادثات التي لم تكن الأوروبيون قد نجحوا في إجرائها سابقًا. يبرز هذا الفشل بشكل أكبر عندما تكون العلاقات بين طهران وبروكسل (مقر الاتحاد الأوروبي) قد شهدت توترًا غير مسبوق، حتى وصلت إلى حافة تهديد تنفيذ “آلية الزناد”. لكن هناك حدث آخر قد يثير مزيدًا من الغضب في أوروبا، وهو سبب آخر لعزم ترامب على تهميش أوروبا، وهو عقد الجولة الثانية من المحادثات بين طهران وواشنطن في روما. هذا يعني تجاهل الترويكا الأوروبية، وبالتالي الاتحاد الأوروبي؛ بينما يتم تسليط الضوء على الحكومة الإيطالية كإحدى الحكومات المتوافقة مع سياسات ترامب في عزل الأوروبيين الذين لا يتماشون مع سياساته.

تتزايد هذه التباينات في السياسات، ليس فقط في القضايا المتعلقة بالتعريفات الجمركية، ولكن أيضًا في الانتقادات التي يوجهها ترامب للتحالف المشترك في الناتو وبرامج المناخ والطموحات الإقليمية لإسرائيل في غزة ورام الله، والتنازلات تجاه “فلاديمير بوتين” لفرض شروط الهدنة في أوكرانيا، والنزاعات الحدودية مع كندا والمكسيك، واستقلالية القناة السويسية… كل يوم تتعمق هذه الخلافات.

حتى في محادثاته الفنية مع طهران حول التكنولوجيا النووية، لم يحدد ترامب مكانة واضحة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويظهر هذا بوضوح في الحضور الغامض لـ “رافائيل غروسي” في روما أثناء عقد الجولة الثانية من المحادثات بين طهران وواشنطن.

لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى ستطلع واشنطن أوروبا على محتوى ونتائج محادثاتها مع طهران، لكن من الواضح أن ترامب يعتبر نفسه ملزمًا بنقل معلوماته إلى تل أبيب، ولا يتردد في إعلان ذلك علنًا. يريد أن يسجل كل إنجاز تحققه المحادثات باسمه ويعرضه للجمهور داخل الولايات المتحدة وخارجها.

لكن هل ستستمر أوروبا في هذا الوضع؟ أم أنها ستظل تترقب الفرصة لتظهر دورها في الوقت المناسب؟ الترويكا الأوروبية لا تزال تحتفظ بتهديد تفعيل “آلية الزناد” وتفضل حل الخلافات مع طهران في إطار المحادثات الفنية مع الوكالة النووية والمحادثات السياسية مع جميع الأطراف الغربية. ولم تتراجع عن شعار “التوافق على كل شيء” أو “عدم التوافق على شيء”، أو على الأقل لم تعبر عن أي موقف جديد في هذا الصدد.

بدورها، تبنت طهران نهجًا واقعيًا لقبول المحادثات مع واشنطن. بمعنى آخر، دخلت طهران المحادثات مع الولايات المتحدة وهي تؤمن بأن أي اتفاق أو عدمه سيكون ممكنًا فقط من خلال الدور المباشر لواشنطن.

وفي هذا السياق، تأتي تطمينات طهران من الدعم الذي تتلقاه من موسكو وبكين. ولكن المفاوضين الإيرانيين يجب أن يكونوا حذرين للغاية وألا يضعوا جميع بيضهم في سلة واحدة قد تنكسر في أي لحظة. الحفاظ على العلاقات مع أوروبا وفتح نوافذ لإصلاح العلاقات معها يعد أمرًا مهمًا، أولاً؛ لتعديل مطالب واشنطن المتزايدة. ثانيًا؛ لإبقاء النوافذ مفتوحة للحفاظ على العلاقات مع المجتمع الدولي.

إجراءات التحريض من واشنطن ضد أوروبا لا تعني بالضرورة أن طهران تتماشى مع هذا التوجه. من الطريف أن “ماركو أنطونيو روبيو”، وزير الخارجية في حكومة ترامب، طلب في سفره إلى باريس قبل بدء الجولة الأولى من محادثات طهران-واشنطن تفعيل “آلية الزناد” من قبل الترويكا الأوروبية. واعتبر هذا الطلب بمثابة تهديد ضد طهران في حالة فشل المحادثات.

على أي حال، في وسط المحادثات المتسارعة بين طهران وواشنطن، يبرز السؤال الكبير: أين تقف أوروبا في هذه العملية؟

جلال خوش جهره
صحفي وكاتب إيراني

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى