تركيا تعتزم إجراء مفاوضات للتنقيب عن النفط في العراق

تسعى تركيا إلى توسيع استثماراتها في قطاع الطاقة في وقت يشهد فيه العالم تحولات كبيرة بمصادر الإمداد واتجاهات السوق.

ميدل ايست نيوز: تسعى تركيا إلى توسيع استثماراتها في قطاع الطاقة في وقت يشهد فيه العالم تحولات كبيرة بمصادر الإمداد واتجاهات السوق، وفقاً لما أعلنه وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، مشيراً إلى تقدم كبير تحرزه بلاده في مشاريع التنقيب عن الغاز في البحر الأسود، إلى جانب نية أنقرة إجراء محادثات للتنقيب عن النفط والغاز في العراق ودول أخرى.

وقال بيرقدار، في حديث صحافي، إن الشركة التركية المملوكة للدولة (بتروليري أورتاكليجي) تعتزم إجراء محادثات مع العراق للتنقيب عن النفط والغاز، مشيراً إلى احتمالية توقيع تركيا اتفاقية مع شركة أجنبية غير محددة خلال الشهر المقبل، للبحث عن الطاقة في الجزء البلغاري من البحر الأسود. مشيراً كذلك إلى اهتمام الشركة التركية بليبيا، التي أطلقت أول مناقصة استكشاف منذ أكثر من 17 عاماً في مارس/آذار الماضي، إلى جانب الحقول في العراق.

ويمتلك العراق احتياطياً ضخماً من الغاز الطبيعي يُقدَّر بنحو 130 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب، ما يضعه في موقع مثالي لتطوير هذه الموارد، على الرغم من أن البلاد ما تزال في طور السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز.
ووفقاً لمصدر حكومي عراقي، فإن تركيا تحتفظ بعلاقات اقتصادية وثيقة مع العراق، ما يسهم في تسهيل التعاون بين البلدين في عدة مجالات، من بينها قطاع الطاقة.

وأوضح المصدر، لـ”العربي الجديد”، أن العراق يمتلك احتياطيات ضخمة من الغاز لم يتم استثمارها بالكامل بعد، ويُعد الغاز المصاحب للنفط من أبرز المصادر التي يمكن استغلالها لتلبية احتياجات السوق المحلية ودعم خطط الاكتفاء الذاتي.

وأضاف أن العراق منفتح على التعاون مع الجميع فيما يحقق مصالحه الاقتصادية، مع الحفاظ على سيادته وتحقيق أهدافه الوطنية، مشدداً على سعي بغداد إلى تعزيز التعاون مع كافة الشركاء الإقليميين والدوليين بما يخدم الاقتصاد الوطني ويعزز استقراره ونموه المستدام.

وأشار المصدر، إلى ترحيب العراق بالاستثمارات التركية في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية، الزراعة، والصناعة، مبيناً أن السوق العراقية منفتحة على المنتجات والخدمات التركية، فقد بلغ حجم الاستيراد الشهري من تركيا نحو 1.2 مليار دولار، في مؤشر على متانة التبادل التجاري بين البلدين.

وأكد المصدر أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تقوم على المصالح والشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد، إذ تعتمد تركيا على النفط العراقي عبر خط أنابيب جيهان، بينما ينظر العراق إلى تركيا بوصفها شريكاً محتملاً في تصدير الغاز مستقبلًا، ضمن مساعيه لتطوير قطاع الغاز الطبيعي.

وأشار، إلى أن التعاون مع تركيا لا يقتصر فقط على قطاع الطاقة، بل يشمل أيضاً مشروع “طريق التنمية”، الذي يُعد من أكبر المشاريع اللوجستية في المنطقة، ويهدف إلى ربط موانئ الجنوب العراقي بتركيا وأوروبا عبر شبكة سكك حديد وطرق سريعة حديثة، بما يعزز التكامل الاقتصادي ويحوّل العراق إلى بوابة تجارية محورية تربط الخليج بأوروبا.

وفي هذا السياق، أشار المختص بالشأن الاقتصادي التركي، جلال بكار، إلى أن تركيا تمتلك مقومات الدولة الريادية في محيطها الإقليمي، ما يعزز فرصها للعب دور اقتصادي واستراتيجي فاعل في المنطقة، خاصة في العراق. وقال بكار في حديثه لـ”العربي الجديد”، إن تركيا لم تعد مجرد دولة عبور للطاقة، بل أصبحت شريكاً استراتيجياً يمتلك أدوات القوة الاقتصادية، والعسكرية والسياسية، ما يمنحها موقعاً تفاوضياً قوياً في أي شراكات إقليمية، لا سيما في مجال الطاقة.

وأشار إلى أن تركيا تنتج أكثر من 64% من احتياجاتها من الطاقة من مصادر نظيفة، كما أنها تمتلك خبرات متقدمة في مجال استكشاف الغاز، إلى جانب شبكة من الاتفاقيات مع روسيا ودول أخرى تجعل منها محوراً حيوياً في منظومة الإمداد الإقليمي.

ورأى بكار، أن التعاون مع العراق قد يواجه بعض التحديات السياسية، وعلى رأسها ملف حزب العمال الكردستاني، الذي قد يتقاطع مع المصالح الأمنية والاستراتيجية لتركيا، بالإضافة إلى قضايا عقائدية كانت سبباً في مضايقات وتهديدات واجهتها شركات تركية عاملة داخل العراق خلال الأشهر الماضية.

وخلص بكار، إلى أن الشراكة التركية العراقية في مجال الطاقة ستكون ذات جدوى اقتصادية للطرفين، شرط أن تتم عبر قنوات رسمية تضمن الاستقرار السياسي والتعاون طويل الأمد. من جانبه، يرى الباحث الاقتصادي، علي عواد، أن فرص التعاون بين العراق وتركيا في هذا المجال كبيرة، لكنها تواجه تحديات سياسية وأمنية ناتجة عن وجود الفصائل المسلحة المرتبطة بالمصالح الإيرانية في شمال العراق، والتي قد تهدد المصالح التركية.

وأوضح عواد، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن بعض القضايا السياسية العالقة بين البلدين قد تؤثر في آليات التعاون، مشيراً إلى أن شركات تركية تعرضت خلال الأشهر الماضية لتهديدات ومضايقات من جماعات مسلحة، ما ينعكس سلباً على بيئة الاستثمار. وبحسب تقديرات عواد، فإن الاستفادة المثلى من الاحتياطيات الغازية العراقية يمكن أن تدر على العراق عائدات مالية سنوية تتراوح بين ستة إلى ثمانية مليارات دولار، ما يتطلب فتح مجالات الاستثمار تقديم الفرص الاستثمارية اللازمة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر + 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى