زيارة بزشكيان إلى باكو: بداية فصل جديد في العلاقات الإيرانية الأذربيجانية
طهران وباكو على موعد جديد مع حدث مهم، يتمثل في الزيارة الرسمية التي يقوم بها الدكتور مسعود بزشكيان، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلى جمهورية أذربيجان.

ميدل ايست نيوز: طهران وباكو على موعد جديد مع حدث مهم، يتمثل في الزيارة الرسمية التي يقوم بها الدكتور مسعود بزشكيان، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلى جمهورية أذربيجان، والتي تشكل محطة بارزة في مسار العلاقات الثنائية. فرغم ما شهدته العلاقات بين طهران وباكو من مدّ وجزر، إلا أن إرادة الحكومة الإيرانية الرابعة عشرة تُبشّر ببداية فصل جديد من العلاقات الإيجابية وتعزيز علاقاتها مع الجيران، إلى جانب رغبة أذربيجان في تطوير علاقاتها الودية مع إيران.
وتؤكد زيارة بزشكيان إلى باكو أن البلدين الجارين، اللذين تجمعهما حدود طويلة وروابط صداقة متجذرة وقرابة تاريخية، لا مناص لهما من الارتقاء بعلاقاتهما، وأنهما يريدان وقادران على مواصلة هذا المسار بشكل بنّاء وإيجابي. وعلى الصعيد الثنائي، أظهرت الاجتماعات الأخيرة للجنة الاقتصادية المشتركة، التي عُقدت في باكو بمشاركة وزيرة الطرق وبناء المدن السيدة فرزانه صادق، حجم الفرص الكبيرة المتاحة للتعاون بين البلدين، لا سيما في مجالات النقل والطاقة والتجارة والسياحة والزراعة والقطاع المصرفي، وكذلك التنسيق في مواجهة التحديات والتهديدات الأمنية المشتركة مثل الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات. ومن المتوقع أن تتم مناقشة هذه القضايا خلال لقاء الرئيسين والعمل على تسريع تنفيذها.
من جهة أخرى، تأتي هذه الزيارة في وقت أُزيلت فيه ظلال الحرب التي دامت ثلاثين عامًا بين أذربيجان وأرمينيا، وبعد أن اعترفت كل من باكو ويريفان بسيادة الطرف الآخر على أراضيه، وتمّ حل نزاع قره باغ، ما مهّد الطريق نحو ترسيم الحدود الدولية المعترف بها والسعي إلى سلام دائم. ومن الطبيعي أن يسهم استقرار منطقة جنوب القوقاز، الذي طالما دعمته إيران، في تعزيز التعاون الاقتصادي بين إيران وأذربيجان، ويفتح المجال أمام تطوير علاقات استراتيجية بينهما. وفي هذا السياق، يمكن لطهران وباكو، من خلال نهج عملي وتعاون مبني على الثقة والمصالح المشتركة، أن تحقق مكاسب اقتصادية ملموسة.
من أبرز الملفات التي يُتوقع طرحها خلال زيارة الدكتور بزشكيان إلى باكو: استكمال مشروع خط سكك الحديد بين رشت وآستارا، إزالة العقبات الجمركية والتعريفات لزيادة حجم التبادل التجاري، توسيع التعاون السياحي، البحث في سبل استثمار الحقول النفطية المشتركة في بحر قزوين، والتعاون في إعادة إعمار المناطق المحررة في أذربيجان.
أما النقطة الأخيرة، فهي أن مسؤولي البلدين يدركون جيدًا أن هناك أعداءً لدودين لهذه العلاقات الودية، وعلى رأسهم الكيان الصهيوني، الذي لا يتردد في اتخاذ أي خطوة من شأنها إفساد العلاقات بين طهران وباكو. وقد بدأت، بالفعل، حملات دعائية وحرب نفسية من قبل الإعلام الإسرائيلي وبعض الجهات التابعة له عقب الإعلان عن الزيارة، لكن من المؤكد أن وعي وإدارة مسؤولي البلدين ووسائل إعلامهم كفيل بإحباط هذه المحاولات.
وفي المحصلة، فإن زيارة رئيس الجمهورية إلى أذربيجان تُعد فرصة مهمة وخطوة كبيرة نحو تعزيز العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف، وتشكل مثالًا على نجاح دبلوماسية الحكومة الإيرانية الرابعة عشرة القائمة على البراغماتية والتقارب الإقليمي.