انفجار ميناء رجائي: ضربة موجعة للتجارة الإيرانية؟

إن ميناء رجائي ليس مجرد ميناء، بل هو شريان حياة الاقتصاد والتجارة الخارجية لإيران، وأن أي اضطراب، مهما كان صغيرًا، في عملياته قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية جسيمة على المستويين المحلي والدولي.

ميدل ايست نيوز: زاد الانفجار الذي وقع يوم أمس السبت في ميناء رجائي في بندر عباس، من المخاوف بشأن احتمال تعرّض تدفّق السلع الأساسية في إيران لأضرار جسيمة. وفقًا للبيانات المتوفرة، يُشكّل هذا الميناء ما يزيد عن 55% من الصادرات والواردات، وأكثر من 70% من حركة الترانزيت البحري، ونحو 85% من العمليات المينائية الخاصة بالحاويات في البلاد.

وقد تعرّض جمرك رجائي، الذي يُعتبر البوابة الذهبية للدخول إلى العالم وأحد أكبر الجمارك في إيران، لانفجار عنيف وقع في الساعة 13:09 بالتوقيت المحلي. وكان الانفجار شديدًا إلى درجة أن صوته سُمع في المدن المجاورة، وتردد أن الأرض اهتزّت جراءه، كما أدت قوة الانفجار إلى تدمير مبنى إداري بالكامل وسحق عدد كبير من السيارات في المنطقة. وبعيدًا عن الخسائر البشرية والبيئية، فإن ما يُثير القلق حاليًا هو الضرر البالغ الذي طال السلع الأساسية المخزّنة في هذا الشريان الاقتصادي الحيوي. وبحسب إعلان الجمارك، فإن 47% من إيرادات الجمارك في إيران تأتي من جمرك رجائي في بندر عباس.

ووفقًا لما ذكره المدير العام للموانئ والملاحة البحرية في محافظة هرمزغان، فقد بلغت حركة نقل السلع في أكبر ميناء تجاري في إيران خلال العام الماضي أكثر من 77 مليون طن من السلع النفطية وغير النفطية، تم تصدير أكثر من 40 مليون طن منها إلى الدول المستهدفة.

وفي حديثه مع موقع إكوإيران، عبّر الخبير الاقتصادي أمير رضا اعتمادي عن قلقه إزاء تأثير انفجار ميناء رجائي على التجارة الوطنية، وقال: دون الدخول في تفاصيل الحادث، فإن تحليل الآثار الاقتصادية لهذا الاضطراب يحظى بأهمية كبيرة، إذ يُعد ميناء رجائي أكبر ميناء تجاري في البلاد ويمثّل العمود الفقري للتبادلات الخارجية لإيران. ويتميز الميناء بقدرة سنوية على شحن وتفريغ تتجاوز 88 مليون طن من البضائع، ما يمنحه حصة كبيرة في التجارة الخارجية للبلاد.

وأضاف اعتمادي أن أكثر من 55% من صادرات وواردات إيران تمرّ عبر هذا الميناء، وأن أكثر من 70% من ترانزيت إيران البحري يعتمد عليه، كما يتم عبره نحو 85% من عمليات الحاويات في البلاد. وأشار إلى أنه في عام 2024، بلغ حجم مناولة الحاويات في ميناء رجائي حوالي 2.39 مليون حاوية قياسية (TEU).

وأشار أيضًا إلى أن ميناء رجائي لا يلعب دورًا محوريًا على المستوى الوطني فحسب، بل له تأثير حيوي في المعادلات الاقتصادية الإقليمية، موضحا أن أي اضطراب في هذا الميناء قد يؤدي إلى خلل كبير في سلسلة الإمداد في البلاد. وعلى المدى القصير، فإن توقف عمليات الشحن والتفريغ يمكن أن يؤدي إلى تأخير في تأمين السلع الأساسية وزيادة تكاليف الاستيراد ونقص المواد الأولية للصناعات وتقلبات في الأسعار.

وفي المدى المتوسط، يمكن لاستمرار الاضطراب أن يؤدي إلى تكدّس السفن في المياه الإقليمية وزيادة التكاليف وتراجع ثقة الشركاء التجاريين وإضعاف مكانة إيران في الأسواق التصديرية وزيادة تكاليف الشحن والتأمين وعرقلة ترانزيت السلع العابرة إلى الدول المجاورة، مما يضعف القدرة التنافسية اللوجستية لإيران في المنطقة.

وأضاف الخبير الاقتصادي أن هذا الميناء يلعب دورًا لا غنى عنه في تأمين السلع الأساسية والمعدات الصناعية والصادرات غير النفطية، وأن توقف أو تباطؤ نشاطاته قد يؤثر بشكل مباشر على النمو الاقتصادي ومستوى التوظيف.

وفي مقارنة أجراها مع باقي الموانئ الإيرانية، أوضح اعتمادي أن ميناء الإمام الخميني الذي يمتلك طاقة تفريغ وشحن بنحو 54 مليون طن سنويًا يُعد من أهم موانئ الحبوب والسلع السائبة، إلا أنه لا يُقارن من حيث حجم عمليات الحاويات وتنوّع السلع بميناء رجائي. أما ميناء چابهار، وهو الميناء المحيطي الوحيد لإيران، فبالرغم من أهميته الجيوسياسية، لا يزال من حيث البنية التحتية وحجم العمليات دون مستوى ميناء رجائي، إذ تبلغ طاقته الحالية حوالي 10 ملايين طن.

وأكد اعتمادي أن هذه المقارنة تبيّن أنه في حال حدوث اضطراب طويل الأمد في ميناء رجائي، فلن يتمكن أي ميناء آخر في البلاد من تلبية كامل الاحتياجات التجارية لإيران، ما يبرز الحاجة الملحّة لإعادة تأهيل هذا الميناء بسرعة.

ويُعد ميناء رجائي من أهم موانئ الشرق الأوسط، وقد صُنّف في السنوات الأخيرة ضمن أكبر 50 ميناء حاويات في العالم. وأضاف اعتمادي أن الميناء يُشكّل محورًا رئيسيًا لربط ممرات الشمال-الجنوب والشرق-الغرب. وفي عام 2024، تم تسجيل مناولة أكثر من 2.39 مليون حاوية قياسية في هذا الميناء، وهو ما يشكل جزءًا كبيرًا من التجارة البحرية الإيرانية.

وبحسب اعتمادي، فإن أي اضطراب في هذا الميناء يمكن أن يؤدي إلى تراجع حصة إيران في الممرات التجارية الإقليمية، وخسارة فرص اقتصادية تنافسية لصالح موانئ مثل جبل علي وصحار والموانئ الباكستانية.

وشدّد اعتمادي على أن حادثة السبت في ميناء رجائي تمثل إنذارًا خطيرًا للنظام الاقتصادي الإيراني، وأن على البنية التحتية الحيوية، مثل الموانئ، أن تتمتع بقدرة عالية على الصمود أمام الحوادث الطارئة. وقال إن الأولويات العاجلة التي يجب أن تتبناها الجهات المعنية تشمل استعادة نشاط الميناء سريعًا وتعزيز القدرات اللوجستية في الموانئ الأخرى ووضع خطط بديلة لإدارة الأزمات.

واختتم هذا الخبير الاقتصادي تصريحه بالتأكيد على أن ميناء رجائي ليس مجرد ميناء، بل هو شريان حياة الاقتصاد والتجارة الخارجية لإيران، وأن أي اضطراب، مهما كان صغيرًا، في عملياته قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية جسيمة على المستويين المحلي والدولي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 − 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى