هل تُخرِج المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن إيران من أزمتها التجارية؟
إن أي انفراجة سياسية يمكن أن تُعيد التوازن إلى التجارة الخارجية الإيرانية وتفتح المجال أمام طفرة تصديرية تُخرِج الميزان التجاري من المنطقة الحمراء.

ميدل ايست نيوز: رغم نمو الصادرات الإيرانية في الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، إلا أن التراجع المستمر في الواردات أبقى الميزان التجاري للبلاد في المنطقة الحمراء، ما يثير تساؤلات في أوساط المهتمين بهذا القطاع: هل سيستمر هذا الاتجاه في عام 2025 أيضاً؟
بحسب تقارير مركز الإحصاء الإيراني، فإن التجارة الخارجية لإيران شهدت خلال عام 2024 اتجاهاً تصاعدياً، رغم التحديات الاقتصادية. إذ بلغت قيمة التجارة الكلية خلال الأشهر العشرة الأولى من العام نحو 158.18 مليون طن، بقيمة تجاوزت 103.84 مليار دولار، ما يعكس نمواً ملحوظاً مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وفي هذا السياق، سجلت الصادرات غير النفطية حجماً بلغ 127.396 مليون طن بقيمة 47.76 مليار دولار، محققة نمواً بنسبة 12% في الوزن، و18% في القيمة. وجاءت الصين في صدارة المستوردين بقيمة 12.3 مليار دولار، تلتها العراق بـ10 مليارات، ثم الإمارات بـ5.9 مليارات، وتركيا بـ5.5 مليارات دولار.
لكن النمو في الصادرات لا يعني نهاية المطاف. فوفقاً لبيانات تم تحليلها، لا يزال الميزان التجاري يعاني من عجز لا بأس به، إذ بلغت قيمة الواردات الإيرانية في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024 نحو 45.13 مليار دولار، ما أسفر عن عجز تجاري يقارب 7 مليارات دولار. هذا الواقع يكشف أن الواردات لا تزال تستحوذ على حصة كبيرة من التجارة الإيرانية، ما يستدعي تعزيز الصادرات والحد من الاعتماد على الخارج لتحقيق توازن تجاري مستدام.
وسبق أن قال صمد حسن زاده، وهو رئيس الغرفة التجارية الإيرانية، في مقابلة صحفية، أن عام 2024 مرّ على الاقتصاد الإيراني وسط استمرار القيود الناجمة عن العقوبات ومشكلات التواصل الدولي، ورغم ذلك بذلت الجهات الحكومية والقطاع الخاص جهوداً ملحوظة لتعزيز الانفتاح الاقتصادي.
وأكد حسن زاده أن التخطيط للتوسع في التصدير والتعاون مع دول الجوار وشركاء إيران التجاريين بدأ يأخذ شكلاً أكثر وضوحاً، وإن لم يرقَ بعد إلى مستوى القدرات الحقيقية للاقتصاد الإيراني، مشيراً إلى أن العديد من الأسواق الخارجية بحاجة إلى المنتجات الإيرانية، وهو ما يشكل فرصة واعدة في حال تخفيف العقوبات وتحسين بيئة الأعمال.
ووفقاً لتقارير إعلامية أخرى، فإن استمرار العقوبات يجعل من الصعب إجراء مقارنات دقيقة مع السنوات الماضية، غير أن الأدلة تشير إلى أن قدرات الإنتاج والتصدير لدى إيران تتجاوز بكثير الأرقام المسجلة حالياً. كما تُبرز التقارير أهمية قطاع الخدمات الهندسية والصناعية كأحد محاور دعم الصادرات، نظراً إلى الجودة المقبولة للمنتجات الإيرانية وإمكانية دخولها الأسواق الأوروبية.
توقعات التجارة الخارجية في 2025
يتفق الخبراء على أن مسار التجارة الإيرانية في عام 2025 سيتأثر بمجموعة من العوامل، أبرزها مصير العقوبات الدولية والسياسات النقدية والمالية للحكومة. ويتوقع محللون أن استمرار العقوبات سيحد من النمو الاقتصادي، بحيث لا يتجاوز 4% في أفضل الأحوال، وذلك بناءً على افتراضات بزيادة إنتاج النفط إلى 3.3 ملايين برميل يومياً، واستمرار الطلب من الصين والهند. وتشير التوقعات إلى نمو في قطاع النفط بنسبة 5 إلى 6%، مقابل نمو غير نفطي يقدر بنحو 3%.
وفي هذا السياق، تكتسب المحادثات غير المباشرة الجارية حالياً بين إيران والولايات المتحدة، والتي تتركز على تخفيف العقوبات وتبادل خطوات لبناء الثقة، بُعداً اقتصادياً حاسماً، إذ إن أي انفراجة سياسية يمكن أن تُعيد التوازن إلى التجارة الخارجية الإيرانية وتفتح المجال أمام طفرة تصديرية تُخرِج الميزان التجاري من المنطقة الحمراء.
ويعرب الخبراء عن تفاؤلهم الحذر، قائلين إن عام 2025 قد يشهد تحسناً في قدرة إيران التصديرية، في حال توفرت بيئة مالية ونقدية ملائمة، وتمت إزالة العقبات مثل الانضمام إلى مجموعة العمل المالي (فاتف) والخروج من قائمتها السوداء، التي تعرقل مشاركة الفاعلين الاقتصاديين الإيرانيين في الأسواق العالمية.
ومع ذلك، فإن أغلب التوقعات تُجمع على أن مستقبل التجارة الإيرانية في العام المقبل سيظل رهينة لمستوى الانفتاح السياسي والتعامل الدولي مع الملف النووي وإدارة سوق العملة الصعبة، ما يعني أن أي تحسن سيعتمد إلى حد بعيد على القرارات السياسية أكثر من المعطيات الاقتصادية البحتة.
إقرأ أكثر
من الصحافة الإيرانية: فصل تجاري جديد بين إيران والولايات المتحدة؟