من الصحافة الإيرانية: ثلاث فرضيات رئيسية لانفجار ميناء الشهيد رجائي
إن ما يقلل حاليا من قوة فرضية وجود إيدي إسرائيلية وراء هذه الحادثة هو استمرار المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق جديد في المجال النووي.

ميدل ايست نيوز: يمكن طرح ثلاث فرضيات فيما يتعلق بسبب الانفجار في ميناء الشهيد رجائي في بندر عباس: تخريب خارجي، تخريب داخلي، والإهمال. في فرضية التخريب الخارجي، يتم توجيه الاتهام بشكل تلقائي نحو إسرائيل. إذ صرح وأشار المسؤولون العسكريون والسياسيون في إسرائيل مرارًا إلى أنهم قد قاموا بأعمال تخريب واغتيالات لوقف البرنامج النووي الإيراني، وهم الآن يهددون باستمرار تلك الأنشطة.
ومع ذلك، فإن ما يقلل من قوة هذه الفرضية في الوقت الحالي هو استمرار المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق جديد في المجال النووي. من المفترض أنه طالما استمرت هذه المفاوضات، فإن أي عمل تخريبي من إسرائيل داخل إيران سيعتبر تدخلًا في سياسة حكومة ترامب.
إسرائيل هي أقرب حليف للولايات المتحدة إلى درجة أن الحفاظ على أمنها قد تم تعريفه ضمن “المصالح الحيوية” الأمريكية من قبل الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة. بناءً على ذلك، لا يمكن للطرفين منطقياً أن يعملا ضد بعضهما البعض في القضايا الاستراتيجية.
على أي حال، إذا كانت إسرائيل متورطة في حادث ميناء بندر عباس المأساوي، فإن حكومة ترامب ستتلقى أيضًا اتهامًا، لأن القضية ستكون إما أنها كانت على علم بتدخل إسرائيل أو لم تكن على علم به.
إذا كانت الحكومة الأمريكية على علم بذلك، فهذا يعني أنها منحت الضوء الأخضر لإسرائيل للقيام بتخريب في منشآت الميناء الإيراني، لكن كيف يمكن أن يكون هذا منطقيًا بينما كانت حكومة ترامب تتفاوض مع ممثلي الحكومة الإيرانية للتوصل إلى اتفاق؟ لا يوجد أي منطق يبرر هذا التصرف، لأن ذلك لا يعني فقط أن المفاوضات ستكون بلا معنى، بل يقوض كل الثقة في النظام الدولي ويحوله إلى رماد.
من ناحية أخرى، إذا كانت الحكومة الأمريكية غير مطلعة على التخريب المزعوم من إسرائيل، فإنه يجب عليها فورًا إدانة ذلك بوضوح وفرض عقوبات ضد حكومة نتنياهو، لأن هذا التصرف يعد تعكيرًا لعمل البيت الأبيض. وإذا ترك هذا الفعل دون عقاب، فلن يكون هناك أي مصداقية لحكومة ترامب.
بناءً على هذه الأسباب، فإن فرضية التخريب من قبل إسرائيل دون علم الحكومة الأمريكية تصبح غير ممكنة.
الفرضية الثانية هي التخريب من قبل الجماعات الإرهابية المحلية. من بين هذه الجماعات، فإن جماعة “جيش العدل” هي الوحيدة التي أظهرت بعض النشاط في محاولاتها لتمديد نطاق أعمالها الإرهابية في منطقة الخليج الفارسي.
إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، فإن هناك حاجة للإجابة على ذلك من قبل الأجهزة الأمنية، ويجب أن تُتخذ آليات من قبل الهيئات العليا لتحليل أدائها وسلوكها.
الفرضية الثالثة هي أن الحادث كان عرضيًا نتيجة للإهمال أو أي نوع من عدم كفاءة المسؤولين.
رئيس السلطة القضائية في إيران قد تحدث مرارًا عن ضرورة محاسبة المسؤولين عن “الإهمال”، وقد طالب بعض الأوساط بجعل هذا الفعل جريمة. في الحقيقة، اعتبار “الإهمال” جريمة يبدو غير منطقي، لأن المدير أو المسؤول إما أن يكون كفؤًا وصالحًا وشجاعًا ومتخصصًا في عمله، وعادة ما يؤدي عمله بشكل صحيح، ما لم يرتكب خطأ عمدًا أو إهمالًا. أما المسؤول غير الكفء أو الفاقد للقدرة، فلا يأتي منه أي فعل صالح يستدعي تجريم تركه، بل إن ضرره سيكون أقل من قيامه بأي فعل.
إن الإهمال من قبل المسؤولين الإيرانيين هو في الواقع نوع من عدم الكفاءة أو الخوف من اتخاذ القرارات أو عدم فهم العمل. لذلك، المشكلة الأساسية ليست في “ترك الفعل”، بل في سبب تكليف هؤلاء الأشخاص بإدارة شؤون الدولة.
لماذا يوجد في هذا البلد الكثير من المديرين الضعفاء أو الجبناء أو غير الكفوئين؟ هل الأشخاص المؤهلون والشجعان والمتخصصون نادرون في إيران، ولا بد من اختيار المديرين من بين “الضعفاء”؟ أم أن أبناء هذا البلد الأكفاء قد تم استبعادهم بسبب أسباب أو تهم معينة من دائرة إدارة البلاد؟
إن وضع البيروقراطية في إيران فوضوي حقًا. في ظل هذا الوضع، حتى لو تم رفع العقوبات بشكل كامل، ودخلت مئات المليارات من العملات الأجنبية سنويًا إلى البلاد، فلا يمكن الاعتماد على تحسين حقيقي في وضع البلد والشعب. تحتاج البيروقراطية في جميع أجزائها الحكومية والخاصة إلى إعادة هيكلة لكي تعمل آلة الحكومة بسلاسة وفي الاتجاه الصحيح. من دون تجديد أساسي، فإن الكوارث الدورية ستستمر في هذه المجتمع.
أحمد زيد آبادي
صحفي إيراني