من الصحافة الإيرانية: الولايات المتحدة في موقع أكثر احتياجاً لإبرام اتفاق مع إيران
صرّح رئيس مركز أبحاث الحوكمة الذكية أن الاعتبارات الاقتصادية الكثيرة وتقلبات الدولار أمام العملات الأخرى تضع الولايات المتحدة في موقع أكثر احتياجاً لإبرام اتفاق مع إيران.

ميدل ايست نيوز: صرّح رئيس مركز أبحاث الحوكمة الذكية أن الاعتبارات الاقتصادية، مثل تراجع الدولار أمام الذهب وتنامي الاتجاه الدولي لفك الارتباط بالدولار وتعافي العملة الروسية ونهج الصين في تثبيت اليوان وتقليص استثماراتها في السندات الأمريكية، تضع الولايات المتحدة في موقع أكثر احتياجاً لإبرام اتفاق مع إيران.
وفي حديثه مع وكالة تسنيم للأنباء، أوضح طه حسين مدني أن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة حتى الآن جرت بشكل غير مباشر، وأكد الطرفان على استمرار هذه المحادثات؛ وأضاف: بعيداً عن الجوانب الفنية التي يتفاوض عليها الطرفان، من المهم أن ندرك حاجة الولايات المتحدة المتزايدة للوصول إلى اتفاق مع إيران.
وحول أسباب هذه الحاجة الأمريكية، أشار مدني إلى أن تحليل الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة، مع الأخذ بعين الاعتبار مؤشرات مثل أداء الدولار مقابل الذهب، والدولار مقابل الروبل واليوان، والأوضاع الإقليمية، وتوجهات مجموعة “بريكس” الصاعدة، يساعد كثيراً في إدراك هذا الواقع. وقال إن “فهم هذا الواقع بدقة يعزز من قدرة فريق التفاوض الإيراني على التفاوض بفعالية”.
وأوضح رئيس مركز أبحاث الحوكمة الذكية أن عمليات شراء الذهب الضخمة من قبل العديد من الدول، لا سيما الصين، تعكس هذه التحولات بوضوح. فقد حاولت الصين خلال السنوات الخمس الماضية الحفاظ على استقرار سعر صرف اليوان مقابل الدولار، ومن خلال استراتيجيتها لتقليل الاعتماد على السندات الأمريكية، قامت خلال العامين الماضيين باستيراد نحو 700 طن من الذهب، مما رفع نسبة الذهب في احتياطاتها إلى 8٪. هذه السياسات أسهمت بشكل كبير في إضعاف الدولار.
وتابع قائلاً: “يورونيوز” ذكرت مؤخراً في تقرير أن خفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين، لأن الأصول غير المدرة للعائد مثل الذهب تصبح أكثر جدوى اقتصادياً مع انخفاض الفائدة. وقد اعتبر المحللون هذا من العوامل التي أدت إلى زيادة الطلب على الذهب.
وأشار مدني إلى أن هناك العديد من التطورات العالمية التي لم تكن في صالح الولايات المتحدة سياسياً أيضاً. فمثلاً، على الرغم من أن حرب أوكرانيا أضعفت الروبل في البداية، فإن روسيا من خلال سياسات استجابة سريعة وبدعم من احتياطياتها الضخمة من الطاقة مثل الغاز، استطاعت استعادة قوة الروبل أمام الدولار أسرع مما كانت الولايات المتحدة تتوقع. كما أن تعطل ميناء عسقلان بعد هجوم السابع من أكتوبر عزز من الدور المحوري لروسيا في تصدير السلع والطاقة.
كما أشار إلى التطورات في سوريا قائلاً: على الرغم من أن سوريا لم تعد تُعد جزءاً من المحور الإيراني-الروسي في التطورات الأخيرة، إلا أن هذه التحولات لم تسر كما كانت أمريكا تأمل، وما زالت غير قادرة على التعامل مع سوريا كحليف موثوق.
تأثير “بريكس” في إضعاف الدولار
وتابع رئيس مركز الحوكمة الذكية حديثه قائلاً: إلى جانب كل ما سبق، فإن مواقف مجموعة “بريكس” أيضاً أسهمت في إضعاف الدولار. حيث أدت مواقف هذه المجموعة مؤخراً إلى تراجع الطلب على الدولار وزيادة الإقبال على الذهب، مما أسهم في رفع أسعار أونصة الذهب، وبالتالي أضعف من مكانة الدولار.
وأضاف: كل هذه التطورات دفعت الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى تبني نهج جديد في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، يهدف إلى وقف تراجع الدولار وتعزيز مكانته. وتُعد إيران، في هذا التوجه الجديد، إحدى الركائز الأساسية، ولذلك فإن الولايات المتحدة، من منظور اقتصادي بحت، جلست إلى طاولة المفاوضات مع إيران.
واختتم مدني حديثه بالتأكيد على ضرورة الاستعداد لجميع السيناريوهات قائلاً: حتى في حال التوصل إلى اتفاق، فإن مثل هذا الاتفاق مع دولة كأمريكا لا يمكن اعتباره طويل الأمد أو مستقراً. لذلك، يجب علينا أن نكون مستعدين لسيناريو فشل المفاوضات وعدم التوصل إلى اتفاق. وفي مثل هذا السيناريو، يجب أن ندرك أن الكثير من مشكلات البلاد تعود إلى تحديات إدارية يمكن حلها من خلال الاستعانة بالنخب وتحسين العمليات وزيادة الكفاءة، بل وفي بعض الحالات من خلال تغيير زاوية النظر إلى المشكلات.