صراحة دبلوماسية أم تهديد عسكري؟ نظرة على تصريحات روبيو بشأن إيران

إن تصريحات ماركو روبيو، وزير الخارجية الأميركي، التي وصف فيها إيران بأنها "ضعيفة"، لاقت ترحيباً من إسرائيل وبعض حلفاء الولايات المتحدة في الخليج.

ميدل ايست نيوز: جاءت آخر تصريحات ماركو روبيو، وزير خارجية الولايات المتحدة، بشأن إيران في مقابلة مع «فوكس نيوز»، بالتزامن مع توقّف المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في روما.

وركزت هذه التصريحات، التي حظيت بتغطية واسعة في وسائل الإعلام الأميركية، على ممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران ومنعها من امتلاك الأسلحة النووية والتأكيد على الدبلوماسية السلمية التي تنتهجها إدارة ترامب. في حين يشكّل توقّف المفاوضات، والذي حدث لأسباب تتعلق بخلافات فنية وضغوط إسرائيلية وقضايا لوجستية مرتبطة بتغييرات في حكومة ترامب، خلفية معقدة لتحليل هذه التصريحات.

المحاور الرئيسية لتصريحات وزير الخارجية الأمريكي

ركّزت تصريحات روبيو على ثلاث قضايا رئيسية:

منع إيران من حيازة أسلحة نووية:
أكّد روبيو، متماشياً مع موقف ترامب، أن على إيران ألا تصل إلى سلاح نووي تحت أي ظرف. وقد أشار إلى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) الصادر في الأول من مايو، والذي وصف إيران بأنها “أقرب من أي وقت مضى” إلى السلاح النووي. هذا الأمر، الذي سلّطت عليه صحيفة “نيويورك تايمز” الضوء، يعكس القلق الأمريكي المتزايد من تقدّم البرنامج النووي الإيراني.

الضغط الأقصى والعقوبات:
أيّد روبيو الاستمرار في سياسة الضغط الأقصى، واعتبر العقوبات المفروضة في 30 أبريل على الشبكة النفطية الإيرانية “ضرورية”. ووصف إيران بأنها “في أضعف حالاتها”، متماشياً مع تحليله للاقتصاد الإيراني المتدهور وتراجع نفوذها الإقليمي.

دبلوماسية مشروطة:
أشار روبيو، متحدثاً عن مفاوضات مسقط وروما، إلى التزام ترامب بالدبلوماسية، لكنه شدد على شروط صارمة تشمل وقف التخصيب وقبول عمليات تفتيش أمريكية. كما أرجع فشل الاتفاق النووي في عهد أوباما (JCPOA) إلى غياب التفتيش على المواقع العسكرية، مطالباً باتفاق “دائم”.

أسباب لهجة روبيو الصريحة

١- السياق السياسي الداخلي:
إن نبرة روبيو، والتي بدت أكثر حدة مقارنة بتصريحاته الأكثر حذراً في “The Free Press” (حيث قال: “نحن لا نريد الحرب”)، تعود إلى عدة عوامل. أولاً، أدت التغييرات في حكومة ترامب، ولا سيما إقالة مايكل والتز في الأول من مايو، إلى تسليط الضوء على روبيو بصفته البديل المؤقت لمستشار الأمن القومي، وأحد الشخصيات الأساسية في السياسة الخارجية. وذكرت “نيويورك تايمز” أن إقالة والتز جاءت بسبب “مواقفه المتطرفة المؤيدة للحرب”، ما دفع روبيو إلى توضيح موقف أمريكا بشكل صريح.

٢- الضغوط الخارجية والإسرائيلية:
كانت الضغوط الإسرائيلية، التي أبرزتها “فوكس نيوز” و”جيروزاليم بوست”، عاملاً آخر دفع روبيو إلى الحديث بصراحة. حيث دعا بنيامين نتنياهو إلى وقف كامل للتخصيب الإيراني، فيما دعم رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، “العمل العسكري” خلال زيارته لواشنطن. وذكرت “وول ستريت جورنال” أن إسرائيل تعتبر المفاوضات “فرصة لإيران لكسب الوقت”، مما جعل روبيو يشعر بضرورة توجيه تهديد عسكري لتطمين إسرائيل.

صراحة دبلوماسية أم تهديد عسكري؟ قراءة في تصريحات روبيو بشأن إيران

تداعيات التصريحات في ظل توقّف المفاوضات
جاءت تصريحات روبيو في وقت توقّفت فيه مفاوضات روما، ما أضفى عليها دلالات مزدوجة بالنسبة لإيران. وقد ذكرت “رويترز” أن أسباب التوقف تعود إلى “مشاكل لوجستية” وعقوبات جديدة وتغيرات في الحكومة الأمريكية. ووصفت “فوكس نيوز” تهديد روبيو العسكري بأنه “التحذير الأخير”، ما يمكن أن يدفع إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات أو يؤدي إلى تصعيد التوترات. وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أن إيران ربطت استمرار المفاوضات بـ”سلوك الولايات المتحدة”، ما يجعل من الممكن تفسير تصريحات روبيو على أنها دليل على “غياب حسن النية”.

لذلك، فإن تصريحات روبيو، التي وصف فيها إيران بأنها “ضعيفة”، لاقت ترحيباً من إسرائيل وبعض حلفاء الولايات المتحدة في الخليج. حيث أفادت “جيروزاليم بوست” أن إسرائيل أيدت التهديد العسكري، لكنها طالبت بـ”تحرك فوري”. وفي السياق ذاته، كتبت “الجزيرة” أن إيران اتهمت إسرائيل بـ”التخريب” في مسار المفاوضات، ما يجعل من تصريحات روبيو بمثابة رد على هذه الاتهامات.

وكانت صراحة روبيو نتيجة تفاعل مركّب بين عوامل داخلية وخارجية. فقد وضعته التغييرات في الحكومة الأمريكية، لا سيما إقالة والتز، في موقع يستدعي التعبير الحازم عن موقف الولايات المتحدة، في حين دفعت الضغوط الإسرائيلية، كما أبرزتها “فوكس نيوز” و”جيروزاليم بوست”، إلى استخدام لهجة تهديد عسكري لتأكيد دعم الحلفاء.

وقد تلقّت هذه التصريحات ترحيباً من إسرائيل وحلفاء أمريكا في الخليج، ما قد يوجّه المفاوضات نحو إطار أكثر صرامة أو يؤدي إلى تصعيد في التوتر. ويبقى نجاح الدبلوماسية مرهوناً بانسجام حكومة ترامب وإدارة الضغوط الخارجية ومدى مرونة إيران في التعامل مع المتغيّرات.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة + 18 =

زر الذهاب إلى الأعلى