البطالة والضمان والعمالة الأجنبية.. ثلاثية تؤرق عمال العراق

تحول عيد العمال في العراق إلى مناسبة سنوية للكشف عن حجم الإهمال الذي تعانيه شريحة أساسية في قطاع العمل الحكومي والخاص.

ميدل ايست نيوز: تحول عيد العمال في العراق إلى مناسبة سنوية للكشف عن حجم الإهمال الذي تعانيه شريحة أساسية في قطاع العمل الحكومي والخاص، وفيما تُشرع القوانين وتُطلق الوعود، تبقى بيئة العمل محاصرة باللامساواة، ويبقى العامل فريسة سياسات اقتصادية مشوهة، وسط غياب الحماية، وفشل طويل في مساعي إعادة إحياء البنية الصناعية الحكومية.

ويتم الاحتفال بعيد العمال في الأول من أيار مايو من كل عام، باعتباره مناسبة لتكريم الطبقة العاملة، والاعتراف بدورها الحيوي في بناء الاقتصاد وتحقيق التنمية.

وفي هذا الصدد، يقول رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق ستار دنبوس، في حديث له مع “العالم الجديد”، إن “أوضاع الطبقة العاملة في البلاد تمر بظروف صعبة، مع تصاعد هموم العمال في ظل ضعف تطبيق القوانين العمالية من قبل عدد كبير من أصحاب العمل، في القطاع الخاص”.

ويضيف دنبوس، أن “نسبة امتثال أصحاب العمل للضوابط القانونية، خاصة بما يتعلق بشمول العاملين بالضمان الاجتماعي، وضمان حقوقهم الوظيفية، لا تزال دون المستوى المطلوب، وهو ما يشكل تحديا كبيرا أمام تحسين بيئة العمل”.

ويؤكد أن “مشكلة البطالة باتت من أخطر التحديات، خصوصا بين فئة الشباب والخريجين، الذين يجدون أنفسهم في مواجهة سوق عمل محدود، وإمكانات اقتصادية متواضعة، فضلا عن تفاقم الأزمة بسبب انتشار العمالة الأجنبية غير المنظمة”.

وتعد شريحة العمال في العراق، من أكثر الشرائح الاجتماعية التي تتعرض للظلم، فغالبا ما يتعرض أفرادها لإنهاء خدمة مفاجئ، لا سيما أن القطاع الخاص لا يزال حتى الآن دون ضوابط ومحددات بخلاف دول أخرى أقرت قوانين وتعليمات واضحة من قبيل تحديد الحد الأدنى من الأجور، والضمان الاجتماعي، إضافة إلى إلزام المؤسسات والشركات بتوقيع عقد مع العامل.

وبحسب تقديرات الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، فإن نسبة البطالة الفعلية بين أفراد الطبقة العاملة تتجاوز 20 بالمئة، رغم أن الأرقام الحكومية تشير إلى معدلات أقل من ذلك.

وفي ظل هذا الواقع، تتواصل الدعوات إلى تفعيل القوانين العمالية والحد من العمالة الأجنبية غير المنظمة، بالتزامن مع مطالبات لخلق بيئة استثمارية عادلة، تشجع على تشغيل العراقيين.

وفي هذا السياق، يؤكد نائب رئيس لجنة العمل النيابية، جاسم الموسوي، في حديث له مع “العالم الجديد”، أن “قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال يمثل خطوة مهمة في مسار دعم الحقوق القانونية والاجتماعية للعمال، ويعزز الاستقرار الوظيفي والمعيشي لهذه الفئة التي تعد ركيزة في عملية التنمية”.

ويوضح الموسوي، أن “اللجنة تواصل مناقشة مشاريع قوانين أخرى، منها قانون النقابات، الذي يسهم في تنظيم العمل النقابي بشكل أكثر فاعلية، ويمنح العمال أدوات قانونية للدفاع عن حقوقهم”، مشيرا إلى أن “هناك توجها لتطوير بيئة العمل في العراق، وتشجيع الاستثمار في القطاع الخاص”.

ويشدد على “أهمية استمرار التنسيق بين الجهات المعنية لضمان تطبيق القانون بشكل عادل وشامل، بما يحقق مصلحة العامل ويحفظ حقوقه القانونية والاجتماعية”.

ومنذ سنوات عديدة، برزت ظاهرة العمالة الوافدة إلى العراق، القادمة أغلبها من بنغلادش، في موجاتها الأولى، قبل أن تتراجع قليلا لصالح العمالة الوافدة من سوريا ولبنان، وتركزت هذه العمالة في المطاعم والفنادق والنوادي الليلية، كما في قطعات عمل أخرى.

ويقدر عدد العمال الأجانب في العراق بأكثر من مليون شخص، بحسب إحصاءات رسمية لوزارات العمل والتخطيط والداخلية، الأمر الذي فاقم من أزمة البطالة الحقيقية والمقنعة، خاصة بين صفوف الشباب والخريجين.

من جهتها، تقر الأمين العام للحركة المدنية الوطنية، شروق العبايجي، خلال حديث لها مع “العالم الجديد”، أن “الطبقة العاملة العراقية عانت من إهمال شديد امتد لعقود عدة”.

وتلفت إلى أن “هذه الطبقة كانت وقودا لحروب عبثية أضرت بالبنية الصناعية للبلاد، وأسهمت في تفكك منظومة التنمية والإنتاج”، موضحة أن “المنظومة السياسية المبنية على المحاصصة لم تقدم للعمال ما يستحقونه من دعم أو تطوير أو وسائل للعيش الكريم، بل ساهمت في تهميش هذه الشريحة الحيوية، وتغييب دورها في بناء الدولة”.

وتشدد العبايجي على أن “الطبقة العاملة اليوم بحاجة إلى سياسات تنموية سليمة، وبيئة تشريعية تضمن حقوقهم، وتشجع على الانتماء لهذه الشريحة بثقة وسلامة، بما يعيد لها مكانتها الطبيعية في الاقتصاد الوطني”.

يشار إلى أن قانون التقاعد والضمان الاجتماعي، الذي تم إقراره، يواجه تحديات كبيرة، في مقدمتها ضعف الوعي لدى شريحة كبيرة من العاملين، وغياب الحملات التثقيفية الشاملة، فضلا عن ضعف الرقابة على أصحاب العمل، والتلكؤ في تسجيل العاملين ضمن مظلة الضمان الاجتماعي، وهو ما يُبقي فجوة كبيرة بين النصوص القانونية والواقع الميداني.

يُذكر أن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، شدد في منهاجه الوزاري، على ضرورة تطوير الصناعة العراقية والاهتمام بالعمالة الوطنية، لكن في المقابل اتجه إلى فتح باب التعيين للوظائف الرسمية، التي تركز معظمها في المواقع الإدارية، وسط استمرار تلكؤ وتعطيل غالبية المصانع التابعة للقطاع الحكومي العام.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − 13 =

زر الذهاب إلى الأعلى