هل تتجه الحكومة العراقية إلى إنهاء وجود الأحزاب الكردية الإيرانية على أراضيها؟
يظهر صدور هذه التوجيهات من مستشار الأمن القومي العراقي بشأن منع الأنشطة السياسية والإعلامية وغيرها لهذه الجماعات، جدية الحكومة العراقية في إنهاء هذا الملف المثير للجدل.

ميدل ايست نيوز: أفادت وسائل إعلام بأن قاسم الأعرجي، مستشار الأمن القومي العراقي، أصدر قراراً موجهاً إلى الجهات العراقية المختلفة، من بينها مكتب رئيس الوزراء والأجهزة العسكرية والأمنية والسياسية في الحكومة المركزية ووزارة داخلية إقليم كردستان ووزارة البيشمركة، يقضي بمنع استمرار نشاط الجماعات والأحزاب الكردية الإيرانية في العراق.
وبحسب الوثيقة الصادرة عن مكتب رئيس الوزراء والمجلس الاستشاري للأمن القومي العراقي، فقد تقرر، بهدف حفظ أمن الحدود وتحسين العلاقات مع إيران، أن تتخذ جميع المؤسسات الأمنية والعسكرية، وإدارات المعابر الحدودية، وحكومة إقليم كردستان إجراءات تنفيذية تمنع أي نشاط عسكري أو سياسي أو إعلامي لتلك الأحزاب والتنظيمات المتواجدة في العراق، وخاصة في إقليم كردستان.
وتشمل هذه الإجراءات: إغلاق مكاتب الجماعات المذكورة، ومنع أي نشاط إعلامي أو سياسي أو عسكري لها، ومنع استخدام الأراضي العراقية كمنصة لتهديد أو مهاجمة إيران، وتكثيف الرقابة على المناطق الحدودية المشتركة، لا سيما المناطق الجبلية، وتعزيز التنسيق الأمني بين بغداد وأربيل. ويأتي هذا القرار تطبيقاً لاتفاقية التعاون الأمني المشترك بين إيران والعراق، التي وُقعت في مارس 2023 بين أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ومستشار الأمن القومي العراقي، بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وقد شددت الوثيقة على ضرورة زيادة التنسيق الأمني بين بغداد وأربيل لضمان تنفيذ القرار بالكامل. وتجدر الإشارة إلى أن الجماعات المسلحة الكردية الإيرانية متواجدة على الأراضي العراقية منذ عقود. وذكرت وسائل إعلام كردية محلية أن السلطات الأمنية في إقليم كردستان أمرت بعض الأحزاب اليسارية المتبقية بإخلاء مقارها والانتقال إلى معسكرات مخصصة.
ويظهر صدور هذه التوجيهات من مستشار الأمن القومي العراقي بشأن منع الأنشطة السياسية والإعلامية وغيرها لهذه الجماعات، جدية الحكومة العراقية في إنهاء هذا الملف المثير للجدل. وعلى الرغم من تقارير بعض وسائل الإعلام الإيرانية التي تفيد بأن عدداً من الأحزاب الكردية الإيرانية لا تزال تنشط في الإقليم ولم تُنقل إلى المعسكرات، يبدو أن القضية تتجه نحو مسار جديد.
ويُذكر أن تلك الأحزاب لم تقم بأنشطة مسلحة ملحوظة داخل إيران خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى أن العديد من كوادرها بلغوا مراحل متقدمة من العمر، في حين أن الأعضاء الشباب الذين انضموا في العقود الأخيرة لم يشاركوا كثيراً في الاشتباكات العسكرية. كما أن كثيراً من هؤلاء الأفراد يعيشون مع عائلاتهم في مقار تلك الأحزاب، في ظروف معيشية صعبة.
في ظل هذا الواقع، يمكن طرح مقترح يُراعي البعد الإنساني والمصلحة الوطنية، يتمثل في أن تعمل الجهات المعنية على وضع خطة مدروسة متعددة المراحل لإعلان عفو عام يسمح بعودة هؤلاء الأشخاص إلى إيران. ومن أجل إنجاح هذه المبادرة، يُقترح توفير ضمانات قانونية كافية للعفو والأمن لهؤلاء الأفراد، مع تقديم فرص للعمل والاندماج في الحياة الاقتصادية داخل إيران، ما قد يُعد حافزاً قوياً للعودة.
وفي مثل هذه الحالات، يمكن للحكومات من خلال التحرك الاستباقي خلق ظروف أفضل لتعزيز الوحدة الوطنية. والملفت في هذا المقترح أنه يأتي في وقت لم تُشكّل فيه هذه الأحزاب تهديداً أمنياً كبيراً في السنوات الأخيرة، ويمكن للدولة أن تستثمر الوضع المستجد بعد إعلان الحكومة العراقية، لتسهيل عودة جماعية لهذه الفئة مع عائلاتهم.
ومن جهة أخرى، فإن لهذا القرار تأثيراً إيجابياً محتملاً لدى بعض المواطنين الإيرانيين، خصوصاً أقارب وأسر هؤلاء الأشخاص. وإذا نجحت هذه الخطوة، يمكن للحكومة لاحقاً أن تصمم آليات حوار منظّمة مع هذه التيارات، وقد تفتح بذلك آفاقاً جديدة لحل نهائي لقضية الأحزاب الكردية الإيرانية الموجودة في العراق.
احسان هوشمند
خبير في الشؤون الإيرانية