حالة الغموض في السياسة الخارجية یخلق تحديات جديدة للتجارة الرسمية في إيران
يرى الفاعلون الاقتصاديون أن التجارة الخارجية الإيرانية تمر حالياً بحالة من عدم الاستقرار، وأن استمرار هذا الوضع سيزيد من تعقيد الأمور.

ميدل ايست نيوز: يرى الفاعلون الاقتصاديون أن التجارة الخارجية الإيرانية تمر حالياً بحالة من عدم الاستقرار، وأن استمرار هذا الوضع سيزيد من تعقيد الأمور.
وعلّق العديد من هؤلاء الفاعلين، الذين علقوا آمالاً في الأسابيع الأخيرة على انفراجة محتملة نتيجة المحادثات بين إيران والولايات المتحدة، بأنهم يواجهون مجدداً مستقبلاً غير واضح المعالم. ويعتقدون أن التوقف الكامل في مسار المفاوضات لا يؤثر فقط على سعر الصرف والاستثمار، بل يحد أيضاً من إمكانية استمرار أو توسيع التجارة الرسمية.
ويؤكد كثيرون منهم أن رفع العقوبات، حتى إن تحقق، لن يكون كافياً لتحسين التجارة الخارجية دون إجراء إصلاحات جذرية في السياسات الداخلية، وتحقيق استقرار قانوني، وشفافية في التعامل مع القطاع الخاص. لذلك، فإن التركيز لا يزال على إصلاح البنية الداخلية.
وقال أمير رضا اعتمادي، ناشط اقتصادي، لموقع “إيكو إيران” إن التجارة الخارجية في إيران تتأثر أكثر بالمعادلات السياسية منها بالمنطق الاقتصادي. وأكد أن مصير المفاوضات مع الولايات المتحدة لا يؤثر فقط على سوق الصرف والبورصة، بل ينعكس مباشرة على أداء القطاع الخاص وقدرته على التصدير والاستيراد.
ووصف اعتمادي الوضع الحالي للتجارة الخارجية الإيرانية بأنه “معلّق لكنه لا يزال حياً”، موضحاً أنه رغم القيود المصرفية والتأمينية التي تعرقل وصول التجار الإيرانيين إلى الأسواق العالمية، لا تزال هناك بعض قنوات التجارة قائمة، إما بفضل مبادرات القطاع الخاص أو عبر طرق غير رسمية. لكنه شدد على أن هذا الوضع غير مستقر ولا يمكن الاعتماد عليه أو تطويره.
وأشار هذا الخبير الاقتصادي إلى أن تأجيل انطلاق جولة جديدة من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة يرسل إشارات سلبية للأسواق والفاعلين الاقتصاديين، ويزيد من المخاطر التجارية، ويضعف العلاقات مع الشركاء التقليديين، ويجمّد الاستثمارات الأجنبية.
وقال إنه في حال التوصل إلى اتفاق – حتى لو كان محدوداً وتدريجياً – فإن التجارة الخارجية الإيرانية يمكن أن تلتقط أنفاسها من جديد، موضحا أنه بعد الأثر النفسي لتحسن الأوضاع على سوق الصرف، كما حدث في الأسابيع الماضية، يمكن على المدى المتوسط ملاحظة تحولات مثل تسهيل التحويلات المصرفية وخفض تكاليف تأمين الشحن وضمان استعادة عائدات الصادرات. لكنه نبّه إلى أن هذا هو “الوجه الإيجابي” فقط من القصة.
وأضاف أن غياب الإصلاحات البنيوية في الداخل الإيراني قد يجعل من الاتفاق نفسه عديم الجدوى أو غير مستدام. فبدون سياسات واضحة في الضرائب وتحديد الأسعار واستقرار سعر الصرف والتفاعل الفعّال مع المؤسسات الدولية، قد يتحول الاتفاق من فرصة إلى تهديد، ويوفر الريع والامتيازات لفئات محددة فقط.
وشدّد اعتمادي، مثل كثير من الفاعلين الاقتصاديين، على أن العقوبات ليست العائق الوحيد أمام التجارة الخارجية الإيرانية. ففي كثير من الأحيان، حتى مع رفع العقوبات، ظلت العقبات الداخلية مثل البيروقراطية والفساد وتعدد الجهات صاحبة القرار وضعف البنية التحتية اللوجستية، تعرقل أو تُبطئ مسار التجارة.
وختم بالقول: إذا أردنا للتجارة الخارجية الإيرانية أن تنتعش في المرحلة المقبلة، فعلى صناع القرار أن يعترفوا بدور القطاع الخاص، لا بالشعارات، بل بالممارسة الفعلية. ويجب أن يبتعد صناع السياسات عن النظرة التقليدية التي ترى أن كل شيء يجب أن يكون تحت سيطرة الدولة. فالدول الناجحة أثبتت أن الاعتماد على القطاع الخاص لا يؤدي فقط إلى كفاءة أعلى، بل يمنح قدرة أكبر على الصمود في وجه الأزمات.