من العجز إلى الأزمة: هل تنقطع الكهرباء عن الدوائر الحكومية في إيران هذا الصيف؟
لن تقتصر انقطاعات الكهرباء في إيران على الصناعات فقط، بل ستشمل الدوائر الحكومية أيضًا، التي أصبحت مُلزمة بتأمين احتياجاتها من الكهرباء عبر الطاقة الشمسية.

ميدل ايست نيوز: تجاوز الوضع الراهن لتوليد الكهرباء واستهلاكها في إيران مرحلة العجز ودخل مرحلة الأزمة. وللنظر إلى عمق هذه الأزمة بشكل أفضل يكفي المرور على التصريحات الأخيرة المنسوبة إلى الرئيس الإيراني مسعود بزشکیان في زيارته أمس إلى مدينة قم، حيث قال: “لن نزود الدوائر الحكومية بالكهرباء في الصيف.”
وشدد بزشکیان، في تصريحات نشرتها صحيفة هم ميهن، على ضرورة أن “تُزوَّد جميع الإدارات بألواح شمسية”، مضيفًا: “في الصيف، لن تُمنح الكهرباء للدوائر الحكومية ما لم تستخدم الطاقة الشمسية، ومن المقرر أن يقدم الوزراء تقارير عن إجراءاتهم بهذا الصدد يوم الأربعاء المقبل.”
وعلى مدار سنوات، عقدت جلسات فنية لمعالجة اختلال التوازن بين العرض والطلب في الكهرباء الإيرانية، وقد تم التحذير مرارًا من أزمة مستقبلية. لكن البرامج المتعلقة بزيادة قدرة الإنتاج لم تتجاوز حدود القوانين والخطط القصيرة والمتوسطة الأمد.
خلال عهد الحكومة الثالثة عشرة، حين أصبح النقص في الكهرباء واضحًا بشكل صارخ، قامت الدولة بتقنين الكهرباء أولًا للصناعات ثم للمنازل. وفيما بعد، اتفقت وزارتا الطاقة والصناعة على أن تقوم بعض الصناعات بتأمين احتياجاتها الكهربائية عبر إنشاء محطات توليد خاصة بها.
وبالرغم من أن بعض الصناعات أنشأت محطات توليد، إلا أن وزارة الطاقة أدخلت الكهرباء المنتَجة من هذه المحطات إلى الشبكة الوطنية بسبب النقص الحاد الذي تجاوز حتى مستوى استهلاك الصناعات. وواجهت هذه الصناعات أيضًا انقطاعات متكررة خلال ذروة الاستهلاك، رغم إنتاجها للكهرباء. المثير للدهشة أن وزارة الطاقة، استنادًا إلى هذا الاتفاق بين الوزارتين، باتت تدعي اليوم أنها غير مُلزمة بتأمين الكهرباء للصناعات.
والآن، يُصور بزشکیان، مشهدًا جديدًا من هذا النقص، حيث لن تقتصر انقطاعات الكهرباء على الصناعات فقط، بل ستشمل الدوائر الحكومية أيضًا، التي أصبحت مُلزمة بتأمين احتياجاتها من الكهرباء عبر الطاقة الشمسية. لكن السؤال الأهم هو: ما الضمانة بألّا تستحوذ الحكومة أيضًا على الكهرباء المنتَجة من قبل هذه الإدارات، كما فعلت مع الصناعات؟
هذا الغموض يترافق مع نقص المعدات اللازمة لإنتاج الطاقة الشمسية، والتي في ظل العقوبات تتطلب تكاليف استيراد أعلى، أو بشكل أدق، دفع “رشاوى أكبر” لدول مثل الصين.
حصة الطاقة المتجددة: 0.5٪ فقط
يبلغ الخلل بين العرض والطلب على الكهرباء في السنوات الأخيرة نحو 12 ألف ميغاواط، وهو رقم ارتفع بسبب زيادة الاستهلاك من جهة، والمحدودية في زيادة الإنتاج ونقص الوقود اللازم للمحطات من جهة أخرى.
ورغم أن إيران تمتلك إمكانية توليد 124 ألف ميغاواط من الطاقة المتجددة، منها 71 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية، إلا أنها لم تستطع الاستفادة من هذا الإمكان.
هذا القصور لا يعود إلى القوانين، إذ يتم سنويًا في البرامج السنوية والخطط الخمسية توقع نمو في حصة الطاقة المتجددة، لكن حتى اليوم لا تتجاوز مساهمتها 0.5٪ فقط من إنتاج الكهرباء.
ويأتي ذلك في وقت تُشير فيه الإحصاءات الدولية إلى أنه بحلول نهاية عام 2050، سيرتفع الطلب على الكهرباء بمقدار 1.6 مرة، وستشكل الطاقة المتجددة 43٪ من إنتاج الكهرباء عالميًا.
أما سبب عدم تطور هذا القطاع رغم التوجيهات القانونية، فيكمن في السياسات السعرية الحكومية. إذ لا يوجد ضمان مالي لتعويض المستثمرين في هذا المجال، مما يُشكّل عقبة كبرى أمام نمو الطاقة المتجددة. كما أن انخفاض أسعار الوقود المقدم لمحطات الطاقة الحرارية في إيران يجعل من المستحيل على الطاقة المتجددة المنافسة اقتصاديًا مع غيرها من المحطات.