من الصحافة الإيرانية: إيران والدبلوماسية التكنولوجية.. فرصة غير رسمية لإعادة تعريف العلاقات الدولية

بينما تتواصل المفاوضات الرسمية بين إيران والولايات المتحدة على مستويات تقليدية، يمتلك النظام البيئي للابتكار في إيران القدرة على الدخول الذكي والموجه لتفعيل نمط جديد من "الدبلوماسية التكنولوجية".

ميدل ايست نيوز: في عصر التحول الرقمي واقتصاد التكنولوجيا، لم تعد ريادة الأعمال التكنولوجية مجرد نموذج اقتصادي، بل أصبحت آلية لإعادة تشكيل المجتمعات وإعادة تعريف القوة وصياغة المستقبل. في هذا الإطار الفكري، يُعدّ أشخاص مثل إيلون ماسك رموزًا لفهم عميق للغة ومنطق النظم البيئية للابتكار؛ وهي لغة تعتمد على عناصر أساسية تشمل رأس المال البشري متعدد المهارات وأنظمة تقييم تستشرف المستقبل وبُنى قانونية شفافة وسلاسل تمويل ديناميكية قائمة على المخاطرة والمرونة.

وبينما تتواصل المفاوضات الرسمية بين إيران والولايات المتحدة على مستويات تقليدية، يمتلك النظام البيئي للابتكار في إيران القدرة على الدخول الذكي والموجه لتفعيل نمط جديد من “الدبلوماسية التكنولوجية” والمساهمة بدور غير رسمي وتخصصي في عملية إعادة تعريف العلاقات. هذه فرصة لعرض القدرات الإيرانية المنسية والواعدة على الساحة العالمية، ولاستقطاب اهتمام لاعبين عالميين مثل إيلون ماسك، الذي يمتلك فهماً عميقاً لمنطق الابتكار المتمحور حول التحول وحل المشكلات.

المنظومة الإيرانية للابتكار: منطق وادي السيليكون وفرصة إيرانية

يرتكز منطق الشركات الناشئة المستوحى من ثقافة وادي السيليكون على مبادئ أساسية:

  1. تقييم الفرق المبتكرة أكثر من المنتج النهائي.
  2. الاعتراف بالقيم الخفية والأصول غير الملموسة.
  3. توفر بنى قانونية تحمي حقوق الملكية الفكرية وتضمن الشفافية الاستثمارية.
  4. وجود أنظمة تمويل متخصصة تغطي المراحل الأولى حتى الخروج (Exit).
  5. تقبّل الفشل كجزء أساسي من التعلم والابتكار.

إيلون ماسك هو تجسيد عالمي لهذا المنطق، إذ يشارك بفعالية في صناعات الطيران والسيارات الكهربائية والاتصالات الفضائية والتكنولوجيا العصبية والنقل تحت الأرض. وقبل أن يكون صناعياً أو تقنياً، هو مهندس مفاهيمي يربط الاستثمار برؤية مستقبلية طويلة المدى.

إيران: لاعب خفي لكنه قوي في اقتصاد الابتكار

رغم العقوبات الدولية والقيود التكنولوجية والمشاكل البنيوية، تمكنت إيران خلال العقد الأخير من الحفاظ على أجزاء مهمة من منظومة ابتكارها وتعزيزها. ووفقاً للإحصاءات الرسمية:

  • تحتضن إيران أكثر من 7000 شركة ناشئة نشطة في مجالات تكنولوجية متعددة.
  • أُنشئ أكثر من 50 متنزهًا علميًا و350 حاضنة أعمال في أنحاء البلاد.
  • تشكل النساء 56% من طلاب مجالات العلوم الأساسية والتكنولوجيا والهندسة.
  • متوسط أعمار مؤسسي الشركات الناشئة الناجحة أقل من 35 عاماً.

تمتلك هذه المنظومة قابلية عالية للدخول في شراكات دولية في مجالات مثل: السيارات الكهربائية واللوجستيات النظيفة وأنظمة البيع الذاتي والخدمات الحكومية والبنكية الإلكترونية والطاقات المتجددة والسياحة الذكية والهوية الرقمية والخدمات الائتمانية اللامركزية.

إعادة تعريف موقع إيران في المنطقة

تتمتع إيران بأكبر احتياطي من الكفاءات المتخصصة في غرب آسيا وبموقع جغرافي مميز وتجارب محلية فريدة في التعامل مع الظروف المعقدة. بدلا عن الاقتصار على استهلاك التكنولوجيا أو تجميعها، يمكن لإيران أن تتحول إلى مركز إقليمي لإبداع الابتكار. ومع ذلك، فإن دولاً مثل الإمارات سبقتها بخطوات من خلال جذب النخب وتأسيس مؤسسات تقييم مستقلة، مما أتاح لها ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للابتكار.

لذا، حان الوقت لتحديد وتقديم “قدرات إيران في استضافة التكنولوجيا والابتكار” بالاعتماد على المزايا النسبية وتحديث نماذج التعاون التكنولوجي على الساحة العالمية.

أرض الابتكار الإيرانية الخصبة: انعكاس لمستقبل المنطقة

يُقترح أن تضع إيران استراتيجية شاملة لاستضافة الابتكار في المحاور التالية:

  1. تحديث قطاع الطيران وتطوير مدن مطارات ذكية.
  2. إعادة بناء قطاع السكك الحديدية باستخدام إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي واللوجستيات الذكية.
  3. تحديث قطاع الشحن عبر الرقمنة والطاقة النظيفة.
  4. إنشاء شبكات بيع ودفع آلية في الأماكن العامة.
  5. تطوير منظومة للخدمات الائتمانية اللامركزية والشراء بالتقسيط الرقمي.
  6. إحياء السياحة الذكية بتقنيات الواقع المعزز وإنترنت الأشياء.
  7. تحسين خدمات الصحة والتأمين الرقمي عبر السحابة والأمن الإلكتروني.
  8. دمج خدمات الحكومة الإلكترونية والعدالة الرقمية والهوية الوطنية الحديثة (UID).
  9. تمكين النساء الإيرانيات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والاستثمار الجريء على المستوى العالمي.
  10. تعزيز الاستثمارات المشتركة مع مؤسسات تكنولوجية عالمية عبر المشاريع ذات القيم الخفية.

الابتكار كأداة حديثة للدبلوماسية

إذا كانت الدبلوماسية التقليدية تقوم على التفاوض المباشر، فإن الدبلوماسية التكنولوجية تعتمد على التفاعل المتكافئ بين النظم البيئية للابتكار. فمشاركة الشركات الإيرانية التكنولوجية بشكل مهني وشفاف في المحافل الدولية، والتعاون العلمي مع المؤسسات المستقلة، والحوار مع رواد الأعمال أمثال إيلون ماسك، يمكن أن يمهد الطريق نحو اتفاقات أعمق وأكثر استدامة وأكثر ارتباطاً بالشعوب.

“هدفي هو بناء مستقبل أفضل. إذا ساعد شيء ما المستقبل، فسأقوم به.” إيلون ماسك

إن منظومة الابتكار الإيرانية ليست مشروعاً مؤقتاً، بل قدرة استراتيجية لبناء المستقبل، والعالم اليوم بحاجة إلى الحوار مع إيران المبتكِرة أكثر من أي وقت مضى.

حامد أكبري
باحث في اقتصاديات المعلومات

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنا عشر − إحدى عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى