إيران.. ورفع أسعار المياه يثير جدلاً حول جدوى الحلول الاقتصادية

تتفاقم أزمة المياه في إيران يومًا بعد يوم، وسط استنزاف مفرط للمياه الجوفية وحفر آبار غير منظم لتوسيع النشاط الزراعي.

ميدل ايست نيوز: تتفاقم أزمة المياه في إيران يومًا بعد يوم، وسط استنزاف مفرط للمياه الجوفية وحفر آبار غير منظم لتوسيع النشاط الزراعي، ما أدى إلى انخفاض حاد في احتياطي المياه تحت الأرض. ومع غياب الإدارة الفعالة لترشيد الاستهلاك ورفع الكفاءة، باتت البلاد على شفا أزمة مياه شاملة.

في هذا السياق، أعلنت وزارة الطاقة الإيرانية عن رفع أسعار المياه للمشتركين بنسبة 28% في المتوسط خلال عام 2025، في محاولة للحد من الاستهلاك.

وبموجب القرار الجديد، سيتم تسعير المياه وفقًا لنظام شرائح: فالاستهلاك ضمن المعدلات المعيارية سيظل مدعومًا، بينما سيُحاسب المستهلكون المفرطون بنسبة دعم أقل، أما من يتجاوزون الضعف فسيُفرض عليهم تسعير غير مدعوم يعتمد على نظام تدريجي متصاعد.

كميات كبيرة من المياه التي كان يُفترض استخدامها خلال ذروة الصيف قد تم استهلاكها في الربيع لإنتاج الكهرباء، ما يضع البلاد في وضع مقلق جدًا مع دخول شهور الصيف الحارة

الزراعة وحفر الآبار.. الجاني الخفي في أزمة المياه

في ظل المناخ الجاف وشبه الجاف الذي يهيمن على معظم الأراضي الإيرانية، تشكل المياه أحد أهم الموارد الطبيعية الحيوية. لكن وبحسب خبراء، فإن أزمة المياه في إيران لا تعود فقط إلى الاستهلاك المنزلي، بل إلى القطاع الزراعي، الذي يُعد المسؤول الأول عن النضوب الحاد في المياه الجوفية.

وتُظهر بيانات وزارة الطاقة أن هناك نحو مليون بئر في إيران، نصفها غير مرخّص، تستخدم في الغالب لري أراضٍ زراعية في مناطق تعاني أصلًا من ضعف الهطولات المطرية، ما يؤدي إلى استنزاف متسارع لمخزون المياه الجوفية.

وفي دراسة أعدها باحثون إيرانيون في مجال البيئة بعنوان “الجفاف الاقتصادي-الاجتماعي في إيران”، تم التأكيد على أن الزراعة تستحوذ على أكثر من 92% من استهلاك المياه في البلاد، رغم ضعف العائد الاقتصادي الناتج عن هذا الاستهلاك، وسوء توزيع أنواع المحاصيل بما لا يتناسب مع وفرة المياه في مختلف المناطق.

وتشير الدراسة إلى أن أكثر من 55% من إجمالي الطلب على المياه يتم تلبيته عبر ضخ المياه الجوفية، ما أدى إلى انخفاض مستوى المياه وتدهور جودتها. كما أن نحو نصف السهول الإيرانية باتت في حالة حرجة بسبب الهبوط الأرضي وظهور الفجوات الجوفية نتيجة الإفراط في الاستخراج من المياه الجوفية.

هل يمكن لرفع أسعار المياه أن يكون حلًا؟

وسط هذه الأزمات المتراكمة، يطرح الخبراء تساؤلات حول جدوى الحلول الاقتصادية في معالجة أزمة ذات أبعاد بيئية وهيكلية. فمشكلة المياه في إيران لا تنفصل عن سياسات الأمن الغذائي والاعتماد على الزراعة المكثفة، التي تعتمد بدورها على المياه الجوفية، في غياب بدائل اقتصادية أخرى للمزارعين.

استهلاك المياه لتوليد الكهرباء يزيد الطين بلة

وفي تطور لافت، حذر رئيس اتحاد جمعيات الطاقة في إيران، هاشم أورعي، من تفاقم أزمة المياه بسبب تفريغ خزانات السدود لتوليد الكهرباء، رغم أن الطلب لم يصل بعد إلى ذروته الصيفية.

وقال أورعي في تصريح لموقع نبض بازار، إن “مستوى مياه السدود انخفض بنسبة 45%”، مضيفًا أن وزارة الطاقة عزت الأمر إلى انخفاض الأمطار، متسائلًا: “ألم يكن هناك خطة بناء على بيانات مناخية تمتد لـ50 عامًا؟ نحتاج لإدارة وليس لمعجزة!

وأشار إلى أن كميات كبيرة من المياه التي كان يُفترض استخدامها خلال ذروة الصيف قد تم استهلاكها في الربيع لإنتاج الكهرباء، ما يضع البلاد في وضع مقلق جدًا مع دخول شهور الصيف الحارة.

على ضوء هذا، يتساءل كثير من الخبراء: هل يكفي رفع أسعار المياه لتعويض التراجع الحاد في مصادر المياه الجوفية؟ أم أن الأزمة تتطلب إعادة هيكلة شاملة في السياسات الزراعية وتنمية بدائل اقتصادية مستدامة وتفعيل نظم رقابة صارمة على حفر الآبار واستهلاك الموارد؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى