كيف أثرت أيديولوجيا “جيل زد” على قرار حزب العمال الكردستاني في التخلي عن السلاح؟

تظهر تجربة العقدين الأخيرين للجماعات الأقليّة التي كانت تسعى للحصول على حقوقها عبر مسار فوهات البنادق، أن عصر الهيمنة العسكرية قد انتهى.

ميدل ايست نيوز: تظهر تجربة العقدين الأخيرين للجماعات الأقليّة التي كانت تسعى للحصول على حقوقها عبر مسار فوهات البنادق، أن عصر الهيمنة العسكرية قد انتهى، وأن الزمن الآن هو زمن الخطاب والوصول السلمي للحقوق من خلال التفاوض. حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) هو أحدث هذه الجماعات.

وحسب تقرير لموقع “آوش” الإخباري الإيراني أعلن حزب العمال الكردستاني، الذي خاض 46 عامًا من الكفاح المسلح وقدم أكثر من 40 ألف قتيل من أعضائه في صراعه مع تركيا، وبعد ما يقرب من شهرين من وضع سلاحه أرضًا، أعلن حل هذا الحزب كمجموعة شبه عسكرية.

بعد البيان الذي أصدره عبدالله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، قبل شهرين، ودعا فيه أعضاء حزبه إلى وضع أسلحتهم على الأرض واللجوء إلى الأساليب السياسية لتحقيق حقوقهم، كان الخبر الذي نشرته وسائل الإعلام الكردية يوم الإثنين 12 مايو مفاجئًا، رغم أنه لم يكن صادمًا تمامًا. إذ لم يكن أحد يتوقع أن يؤدي ذلك البيان إلى حل الحزب في وقت قريب بهذا الشكل. ومع ذلك، لم يكن أمام قادة حزب العمال الكردستاني خيار آخر.

وكتبت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” حول ذلك قائلة إن حزب العمال الكردستاني تأسس بهدف تحقيق الاستقلال وإنشاء دولة مستقلة للأكراد الذين يشكلون 20% من سكان تركيا. وقد تراجع هذا المطلب مع مرور الوقت من الاستقلال إلى الحكم الذاتي، ثم إلى تحقيق حقوق الأكراد.

حزب العمال الكردستاني، الذي يُصنف كمنظمة إرهابية في تركيا والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، عقد الأسبوع الماضي اجتماعًا لمدة ثلاثة أيام في العراق لبحث مسألة حل الحزب ونزع سلاحه. والآن يمكن رؤية نتائج ذلك المؤتمر في البيان الذي نشرته وكالة أنباء “إيه إن إف” التابعة للحزب. وجاء في البيان: “حزب العمال الكردستاني أنهى مهمته التاريخية، هذا يعني أن الحركة المسلحة قد انتهت.” كما أكد البيان في الوقت نفسه: “ستُتَابَع حقوق الأكراد الآن عبر الطرق السياسية الديمقراطية.”

بعد إصدار هذا البيان، شهدت العديد من المناطق الكردية في تركيا احتفالات واسعة. ما كان لافتًا في هذه الاحتفالات هو وجود جيل الشباب الذين كانوا في غاية السعادة، ويبدو أنهم قد تعبوا من حرب آبائهم التي دامت أربعة عقود. كانت الرقصات الكردية تعكس الحقيقة المؤلمة ربما، وهي أن أفكار الآباء لم تعد تلقى صدى لدى الأبناء. ما كان ظاهرًا في صور هذه الاحتفالات هو تباعد جيل زد من الأكراد عن الكفاح والنظرة السلبية والانتقادية التي يحملونها للمجاهدين الذين أمضوا حياتهم في الحرب ورأوا موت رفاقهم.

في الواقع، جزء من سبب ترك حزب العمال الكردستاني للسلاح يجب أن يُبحث في هذه اللامبالاة من جيل زد تجاه السلاح. كان الجيل الأكبر من الأكراد ذكيًا بما فيه الكفاية ليعرفوا فورًا أنهم لم يعد لديهم القدرة على تجنيد أعضاء جدد فعالين، ولم يعد لديهم القدرة على الصمود أمام انتقادات الشباب الذين كانوا يرون أربعة عقود من الكفاح بلا جدوى وبدون تأثير. هذا الجيل الشاب، مثل العديد من أقرانهم في جميع أنحاء العالم، تعب من الحروب الطويلة التي لا تحقق نتائج واضحة، ومن المستقبل الذي يبدو مظلمًا مع استمرار مثل هذه الحروب. ويفضلون الآن أن يعيشوا بعيدًا عن الحرب وآثارها.

هذه التحديات ليست خاصة بأكراد تركيا فقط، بل هي أيضًا “ألم مشترك” للأكراد في إيران والعراق. ولذلك، لم يكن من المفاجئ أن تُعلن وكالة الأنباء الرسمية في العراق عن حل حزب العمال الكردستاني في العراق بالتزامن مع إعلان الحل الذاتي للحزب التركي. ربما يكون هذا درسًا لكل أولئك الذين لا يزالون يفكرون في اللجوء إلى السلاح.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة − 7 =

زر الذهاب إلى الأعلى