المفاوضات الإيرانية الأميركية: هل تتبع إدارة ترامب أسلوب التشدد المؤقت تمهيدًا لتنازلات لاحقة؟

يعتبر ترامب وويتكوف أن إصرار إيران الرسمي على التفاوض غير المباشر ورفضها الظهور المشترك أمام الإعلام أو الرد على عرض ترامب للقاء، بمثابة إهانة شخصية لهما.

ميدل ايست نيوز: انتهت الجولة الرابعة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في ظل ظروف لم يكن يُتوقع أن تكون مواتية للنجاح. ففي ختام الجولة الثالثة، تم الحديث عن صعوبة المهمة وظهور “خلافات في التفاصيل والعموميات”. وكان من المقرر عقد الجولة الرابعة بعد أسبوع، لكنها تأجلت لأسباب فنية. وبالنظر إلى تصريحات ترامب في تلك الفترة، وتصريحات وزيري خارجيته ودفاعه ونائبه، وأخيرًا ويتكوف، بدا أن هناك إجماعًا داخل فريق ترامب على اعتبار تخصيب اليورانيوم داخل إيران خطًا أحمر للولايات المتحدة. وفي هذه الأثناء، كانت هناك مخاوف من أن إصرار إيران على التخصيب الداخلي قد يمنع حدوث تقدم في الجولة الرابعة.

ومن المتوقع أن يتضح خلال الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين ما إذا كان من الممكن النظر إلى هذه المواقف في إطار التكتيك المعتاد لترامب المتمثل في اتخاذ مواقف صارمة في البداية وتعديل المواقف في مراحل لاحقة.

وهنا يطرح السؤال: ما الذي طرأ على تلك الأجواء السلبية وجعل الطرفين يصفان الجولة الرابعة بأنها مفيدة ومشجعة، ويتحدثان عن استمرار العمل قريبًا على الجوانب الفنية؟ قد يكون الجواب في تغريدة الوسيط العماني التي قال فيها: “المفاوضات شملت أفكارًا مفيدة ومبتكرة تعكس رغبة الطرفين في التوصل إلى اتفاق مشرف”.

قد تشير “الأفكار المفيدة والمبتكرة” إلى مبادرات جديدة كانت مطلوبة. وقد صرّح عراقجي قائلًا: “قد نقبل، من باب بناء الثقة، بفرض قيود في فترة معينة على حجم ونسبة ومستوى التخصيب”. هذا الحد الأدنى من التنازلات التي طُرحت علنًا قد تكون سببًا لتفاؤل الطرف الآخر، وتشير إلى محاولة إيجاد صيغة فنية مبتكرة تكون مقبولة للطرفين. كما لا يُستبعد أن يكون قد تم الحديث عن نوع من التعليق المؤقت. وكان للدور الإيجابي لعُمان أيضًا أثرٌ مهم في هذه المعادلة.

ومع ذلك، يواصل بعض المتشائمين طرح فرضية أن الجانب الأمريكي ربما اختار تجنّب خلق أجواء سلبية قبيل زيارة ترامب للمنطقة، ولهذا يعتبرون الجولة الخامسة هي الجولة الحاسمة. كما أن قِصر زمن المفاوضات وغياب الخبراء الأمريكيين كانا من المؤشرات المهمة، وقد يدلان على أن النقاش لا يزال في إطار المبادئ العامة، وأن الجانبين بانتظار تعليمات من قادة دولهم.

حتى الآن، من الواضح أن السبب الرئيسي لعدم الوصول إلى طريق مسدود هو وجود إرادة مشتركة من الطرفين للتوصل إلى اتفاق. الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في إيران تتطلب تجنّب أي تدهور إضافي قد ينجم عن مواجهة عسكرية أو الدخول في حقبة جديدة من العقوبات الشديدة والطويلة. وعلى هذا الأساس، ينبغي للحكومة الإيرانية أن تكون واثقة من أن الشعب سيدعم حلًا سلميًا للنزاع، وأن قلّة من المتشددين الذين يفضلون المغامرة على حساب حياة الناس ومستقبل البلاد لن يكون لهم تأثير فعلي.

أما تفضيل إدارة ترامب الواضح، فهو إنجاز الاتفاق عبر الدبلوماسية، وتجنّب أي عمل عسكري ضد أهداف قد تؤدي إلى فقدان السيطرة ونتائج غير مرغوبة. كما أن مواقف دول المنطقة ليست بعيدة عن هذا التوجّه. وحدها إسرائيل وحلفاؤها في أمريكا وبعض الجمهوريين في الكونغرس ربما يفضّلون “نموذج ليبيا” أو الحرب. وهناك مؤشرات على وجود توتر في العلاقة بين ترامب ونتنياهو، ورغبة ترامب في كبح جماح إسرائيل. أما الجمهوريون في الكونغرس فليست لديهم قدرة كبيرة على التأثير، كما رأينا في عام 2015 حين تمكّن أوباما من تمرير الاتفاق النووي رغم معارضة 58 سناتورًا.

في هذا الظرف الحساس، يبقى إصرار إيران الرسمي على التفاوض غير المباشر نقطة ضعف. وبالطبع، إذا توفرت الإرادة للتوصل إلى اتفاق، فإن تبادل النصوص يمكن أن يكون وسيلة فعّالة، لكنه لا ينسجم مع حساسية المرحلة وخطورتها.

العلاقات الشخصية المباشرة في المفاوضات مهمة وتؤثر على الأجواء وإمكانية التفاهم. هذه نقطة ضعف لدى الفريق الإيراني، في حين أن إسرائيل ولوبيها لديهم إمكانية الوصول المباشر للمسؤولين الأمريكيين ونشر الدعاية السلبية. ومثال على ذلك اللقاء غير المعتاد بين وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي وترامب مؤخرًا. كما أن ترامب وويتكوف يعتبران إصرار إيران الرسمي على التفاوض غير المباشر ورفضها الظهور المشترك أمام الإعلام أو الرد على عرض ترامب للقاء، بمثابة إهانة شخصية لهما.

کوروش احمدي
دبلوماسي إيراني سابق

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
ميدل ايست نيوز
المصدر
صحيفة شرق الإيرانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى