العراق.. القمة التنموية تعزز الشراكات الاقتصادية العربية

تحتضن بغداد، اليوم القمة العربية الرابعة والثلاثين وسط ترقب واسع لأجندة اقتصادية تحمل معها فكراً تنموياً جديداً، يتطلع من خلاله العراق إلى إرساء قواعد شراكة عربية.

ميدل ايست نيوز: تحتضن بغداد، اليوم القمة العربية الرابعة والثلاثين وسط ترقب واسع لأجندة اقتصادية تحمل معها فكراً تنموياً جديداً، يتطلع من خلاله العراق إلى إرساء قواعد شراكة عربية، تعزز من تكامل الأسواق وتفتح آفاقاً رحبة للاستثمار والإنتاج المشترك.

وتؤكد أوساط اقتصادية أن هذه القمة تحمل طابعاً مختلفاً، حيث سيسعى العراق إلى طرح مقاربات جديدة في السياسة الاقتصادية العربية، مستفيداً من موقعه الجغرافي، وموارده الطبيعية، وإرادة سياسية عليا يقودها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لدفع عجلة التنمية نحو آفاق أرحب.

المدير التنفيذي لصندوق العراق للتنمية، محمد النجار، أوضح أن العراق يستعد لعرض رؤية اقتصادية عصرية منبثقة من توجهات وطنية رسم ملامحها السوداني، مشيراً إلى أن هذه الرؤية تتضمن مسارات شراكة جديدة وأساليب استثمار متطورة تنسجم مع طبيعة المرحلة والتحديات الاقتصادية الراهنة.

وأكد النجار في حديثه لصحيفة ”الصباح” العراقية أن وجود القادة العرب في بغداد يشكل منعطفاً في علاقات التعاون الإقليمي، ويرسخ الانفتاح العراقي على محيطه العربي، مضيفاً أن صندوق العراق للتنمية يمثل اليوم قاعدة استثمارية جاذبة ومتنوعة قادرة على استيعاب رؤوس الأموال والشركات الراغبة في دخول السوق العراقية التي يتسم باتساعها ونموها المتسارع.

منصة لتعزيز الثقة

من جانبه، يرى المستشار المالي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح، أن انعقاد القمة في بغداد يعكس استقراراً سياسياً وأمنياً يوفر بيئة مطمئنة للمستثمرين الإقليميين والدوليين، لافتاً إلى أن العراق يستعد لعرض مشاريع استراتيجية كبرى أمام القادة والمستثمرين العرب، أبرزها «طريق التنمية»، ومبادرات واسعة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا والزراعة والاقتصاد الرقمي.

وأشار صالح إلى أن العراق يعتمد في رؤيته التنموية على مجموعة من العوامل الجوهرية، في مقدمتها تطوير التشريعات الاستثمارية، وتحفيز الشراكات مع القطاع الخاص العربي والعالمي، إلى جانب التحول السريع في تحسين البنى التحتية.

تكامل وشراكات استراتيجية

رئيس اتحاد المقاولين العرب والعراقيين، علي فاخر السنافي، عدّ القمة فرصة نوعية لإرساء دعائم التكامل الاقتصادي العربي، مشيراً إلى أن حجم السوق العربية الواسع يتطلب تنسيقاً مشتركاً ومبادرات فعلية لتحريك القطاعات الإنتاجية والخدمية.

وأوضح السنافي لـ”الصباح” أن العراق يمتلك كفاءات تنفيذية عالية وخبرات متراكمة يمكن توظيفها في مشاريع مشتركة داخل البلدان العربية، خصوصاً أن الطاقات العراقية ما زالت حاضرة في العديد من الدول الإقليمية. واعتبر أن اجتماع القادة في مكان واحد يشكل فرصة نادرة لتسريع التفاهمات الثنائية والمتعددة الأطراف.

بيئة صناعية واعدة

وأكد رئيس اتحاد الصناعات العراقي، عادل عكاب، أن القمة تتيح فرصة ثمينة لتقريب وجهات النظر وتنسيق الجهود بين الدول الراغبة في إقامة شراكات صناعية فاعلة، مشيراً إلى أن المنطقة العربية تمتلك ثروات طبيعية وبشرية ومقومات سوقية تؤهلها لتأسيس قاعدة إنتاج صناعي متكاملة.

وبيّن أن الربط الجغرافي القائم بين الدول العربية عبر شبكة طرق وممرات لوجستية يختصر المسافات، ويزيد من فاعلية التعاون في الصناعات المختلفة، سواء الغذائية أو الثقيلة، لافتاً إلى أن هذه المقومات تفتح المجال أمام مشاريع عابرة للحدود من شأنها تعظيم الجدوى الاقتصادية.

تنمية بشرية مستقبلية

الخبير في الموارد البشرية هشام خالد عباس، دعا إلى اعتماد الموارد البشرية العربية كمحور أساسي للتنمية، من خلال الاستثمار في الطاقات الشابة وتأهيلها وفق خطط تدريب شاملة تركز على المهارات التكنولوجية والرقمية.

وأوضح أن تحسين جودة رأس المال البشري يمكن أن يحول المنطقة العربية إلى قوة إنتاجية قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية، داعياً إلى توحيد الجهود لتأسيس برامج مشتركة للتدريب والتأهيل المهني والصناعي.

إعادة تعريف الاقتصاد العراقي

أما الأكاديمي الدكتور مصطفى محمد إبراهيم، فقد اعتبر أن القمة تشكل مناسبة لاستعادة العراق دوره الاقتصادي التاريخي، عبر إعادة النظر في السياسات الكلية، بما يشمل السياسات المالية والنقدية والتجارية.

وأشار لـ”الصباح” إلى أن العراق بات بحاجة إلى خطوات محددة لتعزيز موقعه، تشمل تفعيل الاستثمارات، وتثبيت استقرار سعر الصرف، والتعامل مع ملف الديون الخارجية، معتبراً أن عقد ندوات مصغرة على هامش القمة لتبادل الرؤى الاقتصادية قد يكون مدخلاً لتعزيز التنسيق.

تحفيز الصناديق السيادية

وفي محور آخر، شدد الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد الراوي على أهمية استثمار الأجواء الإيجابية التي أفرزها الاستقرار السياسي، والعمل على جذب استثمارات الصناديق السيادية الخليجية إلى مشاريع الطاقة المتنوعة في العراق، بما في ذلك الطاقة النظيفة والمتجددة.

وأشار الراوي إلى فرص استثمارية واعدة في قطاعات الغاز والفوسفات والزراعة، والإنتاج الحيواني، فضلاً عن مشاريع النقل العام وتطوير السكك الحديدية، مبيناً أن السوق العراقية تمثل مجالاً خصباً لاستيعاب منتجات وخدمات متنوعة، بفعل حجم الطلب والاستهلاك الكبير.

انفتاح تنموي

من جهته، اعتبر الباحث في الشأن الاقتصادي عماد المحمداوي أن العراق يسعى من خلال القمة إلى تأكيد موقعه كمحور ارتكاز اقتصادي في المنطقة، موضحاً أن التحضيرات تسير على قدم وساق لاستقبال القادة والزعماء العرب بما يليق بالمناسبة.

ولفت المحمداوي إلى أن القمة تُعقد في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية كبيرة، ما يجعل منها فرصة لتعزيز العمل العربي المشترك وتبادل الخبرات وبناء شراكات تنموية قادرة على خلق فرص عمل وتحقيق تقدم اقتصادي قائم على التفاهم والاحترام المتبادل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى