من الصحافة الإيرانية: هل يحل اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم أزمة المفاوضات بين طهران وواشنطن؟
تكمن العقدة الأساسية لفكرة الاتحاد دائماً في الخلاف حول مكان منشآت التخصيب؛ داخل إيران أم خارجها. الولايات المتحدة كانت وما زالت، على الأرجح، توافق فقط على اتحاد يقام منشآته خارج إيران.

ميدل ايست نيوز: بعد الجولة الرابعة من المحادثات الإيرانية الأميركية، تناولت بعض وسائل الإعلام في إيران ما يُسمّى بـ«الاتحاد الدولي لتخصيب اليورانيوم» كحل محتمل ومفتاح لحل الأزمة. هذه ليست فكرة جديدة، بل قد طُرحت من قبل إيران وبعض الدول الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، خلال أكثر من عشرين سنة مضت.
وفي عام 2006، اقترحت روسيا أن يتم تخصيب اليورانيوم الذي تحتاجه إيران على الأراضي الروسية، وساندت الولايات المتحدة هذا الاقتراح كوسيلة لتأمين اليورانيوم المخصب لأغراض سلمية لإيران، مقابل تخلّي إيران عن التخصيب داخل أراضيها.
إيران، التي كانت تصرّ على التخصيب داخل أراضيها، رفضت هذا الاقتراح. لكن في أكتوبر 2006، اقترح نائب رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن تؤسس فرنسا اتحادا دوليا للتخصيب داخل إيران.
ورفضت فرنسا هذا الاقتراح، وطالبت بتعليق التخصيب في إيران وفقاً لقرارات مجلس الأمن. وبعد رفض فرنسا للاقتراح، اقترح السفير الإيراني في فرنسا أن تنشئ شركات دولية اتحادا للتخصيب داخل إيران.
وقد طُرحت نسخة من هذه الفكرة في إطار مبادلة الوقود النووي في 2009، حيث كان من المفترض أن ترسل إيران اليورانيوم منخفض التخصيب إلى روسيا وفرنسا لتحويله إلى وقود مناسب لمفاعل طهران البحثي. وكانت الولايات المتحدة آنذاك تدعم هذا المقترح.
ورغم موافقة إيران الأولية على هذه الخطة، إلا أنها لم تقبلها في النهاية، وقدمت مقترحاتها الخاصة التي لم تُقبل. فكرة مشابهة نوقشت في حوالي مايو 2010 مع تركيا والبرازيل، ووفقاً لبيان طهران تقرر أن ترسل إيران 1200 كغم من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى تركيا، وتتلقى خلال عام 120 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 20٪ من مجموعة فيينا (الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، والوكالة الدولية للطاقة الذرية).
لكن مجموعة فيينا، التي كانت تهدف إلى إخراج اليورانيوم المخصب من إيران، رفضت بيان طهران بحجة أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب تجاوز 1200 كغم، وبسبب ادعاءات حول تخصيب بنسبة 20٪ داخل إيران. وفي يونيو 2010، أدى صدور قرار مجلس الأمن رقم 1929 إلى فشل هذا المسعى.
وخلال مفاوضات الاتفاق النووي، طُرحت ترتيبات مختلفة في مراحل متعددة للسماح لإيران بالحصول على اليورانيوم المخصب من اتحادات دولية بدلاً من تخصيبه داخلياً، وهو ما كانت الولايات المتحدة تدعمه، لكنها لم تصل إلى نتيجة بسبب إصرار إيران على حق التخصيب داخل أراضيها.
لذلك، تكمن العقدة الأساسية لفكرة الاتحاد دائماً في الخلاف حول مكان منشآت التخصيب؛ داخل إيران أم خارجها. الولايات المتحدة كانت وما زالت، على الأرجح، توافق فقط على اتحاد يقام منشآته خارج إيران، بينما تصرّ إيران دائماً على أن تكون المنشآت داخل أراضيها. ولهذا السبب لم تؤتِ هذه الفكرة ثمارها حتى الآن.
وترى إيران أن وجود اتحاد داخل أراضيها يساهم في بناء الثقة، لأنه يسمح لخبراء الدول الشريكة بمتابعة سير العمل ورؤية أن إيران لا تُحوّل المواد نحو تصنيع قنبلة.
في المقابل، ترى الأطراف الأخرى أن إيران، إن كانت تنوي تصنيع قنبلة، يمكن أن تمتلك منشآت تخصيب سرية. كما أنها، في حال قررت لاحقاً صنع سلاح نووي، قد تطرد الخبراء الأجانب، تماماً كما يمكنها طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وهناك فكرة أخرى طُرحت مؤخراً، وهي أن تتعاون الولايات المتحدة والسعودية والإمارات مع إيران ضمن اتحاد تخصيب على الأراضي الإيرانية.
لكن التحدي الأساسي لهذه الفكرة أيضاً هو أولاً، الخلاف المستمر حول مكان المنشآت. وثانياً، من غير المرجح أن تشارك الولايات المتحدة حالياً في أي اتحاد مع إيران، نظراً لوجود عائقين رئيسيين: العقوبات الأولية الأمريكية، والبند 123 من قانون الطاقة الذرية السلمية الأمريكي لعام 1954، الذي يُلزم أي تعاون نووي مع الدول بموافقة الكونغرس.
وثالثاً، من غير المرجح أن ترغب السعودية والإمارات في أن تكونا شريكتين لإيران أو أن تحصلان على اليورانيوم المطلوب من منشآت موجودة في إيران.
کوروش احمدي
دبلوماسي إيراني سابق