إيران.. أموال الوقود المهربة تتحول إلى بضائع وأجهزة منزلية
إن البطالة في محافظة سيستان وبلوشستان وعدد الأسر الكبير هناك، من بين العوامل الرئيسية التي تدفع السكان المحليين إلى تهريب الديزل وجعله مصدر دخل.

ميدل ايست نيوز: لا يزال سوق تهريب الوقود في إيران مزدهرًا، ويبدو أنه لا أحد قادر على مواجهته. ووفقًا لتقديرات رمضان علي سنكدويني، نائب رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، فإنه يتم تهريب ما بين 25 إلى 30 مليون لتر من الديزل يوميًا إلى خارج البلاد.
وكتب موقع آوش في تقرير له، أنه حتى الآن لا أحد يعلم على وجه التحديد أين وكيف يتم تنظيم عمليات التهريب هذه. غير أن محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان، تحدث في شتاء العام الجاري في تصريحات مثيرة عن وجود “كارتلات” تعمل على تهريب المنتجات النفطية – ومن ضمنها الديزل – إلى خارج البلاد. تصريحات قوبلت برد من مسعود بزشكيان، الذي طرح سؤالًا على المسؤولين في الحكومة: إذا كانت كل الصلاحيات في مجال الطاقة بيد السلطة التنفيذية، فكيف يتم تهريب الوقود إلى خارج البلاد؟
إلى أين تذهب أموال الوقود؟
محمد رضا شهيدي، أمين رابطة منتجي الأجهزة الصوتية والمرئية، تحدث قبل عامين (أي في 2023) في برنامج إذاعي عن تحول أموال الوقود المُهرّب إلى أدوات منزلية، واعتبر الانتشار الواسع للبضائع المهربة في السوق الإيرانية نتيجة مباشرة لذلك.
وقال: إن تمويل العملات الأجنبية والدولار للبضائع المهربة يتم أساسًا عبر تهريب الوقود والأدوية إلى الخارج؛ حيث أن سعر منتجات مثل الديزل على جانبي الحدود يختلف بنسبة 1 إلى 20 ضعف، لذا فإن أي سلعة تدخل بشكل غير قانوني بهذه العملات تُحقق أرباحًا طائلة وتُحول بسهولة إلى الريال.
كما كشف حميد حسيني، رئيس اتحاد مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات، العام الماضي (2024) عن عملية مقايضة منظمة بين الديزل المهرب وفاكهة المانجو. وقال إن مثل هذه العمليات تتجاوز إمكانيات الأفراد العاديين، ويقودها بالتأكيد كارتلات ضخمة.
استمرار تهريب الوقود مقابل البضائع
فهل ما زالت عملية تهريب الوقود إلى خارج إيران تتم بنظام المقايضة وتحويله إلى سلع مهربة؟ يؤكد حسيني، في حديث لـ”آوش”، استمرار هذا النمط من التهريب.
وحول أسباب جاذبية تهريب الوقود والفارق السعري بين إيران والدول المجاورة قال: باكستان ليست دولة نفطية، فبالرغم من امتلاكها لكميات محدودة من النفط وبعض القدرة التكريرية البسيطة، إلا أنها تعد من كبار مستوردي المشتقات النفطية والغاز الطبيعي، ما يجبرها على الشراء بأسعار دولية.
وأوضح: لذلك، عندما تضطر باكستان لشراء الديزل بسعر 50 سنتًا للتر، ويكون سعر الديزل في إيران أقل من نصف سنت – بل يكاد يكون بلا قيمة – فمن الطبيعي أن يكون تهريب الوقود مجديًا للغاية.
وأشار حسيني إلى أن البطالة في محافظة سيستان وبلوشستان وعدد الأسر الكبير هناك، من بين العوامل الرئيسية التي تدفع السكان المحليين إلى تهريب الديزل وجعله مصدر دخل.
تنوع المستهلكين يعقّد السيطرة على التهريب
وأضاف: الديزل ليس كالبنزين الذي يُخصص فقط للسيارات؛ فالحكومة مجبرة على توزيعه على الوحدات الصناعية، ومضخات المياه الزراعية، والجرارات، وحتى السيارات. وكل شاحنة تقوم بتحميل ما بين 300 إلى 400 لتر. هذا التنوع في الاستهلاك يجعل من السهل نقل وتوفير هذا الوقود أكثر من غيره من المنتجات النفطية، كما أن مخاطر اشتعال الديزل أقل، مما يجعله الخيار المفضل للتهريب.
وتابع: كذلك بعض الوحدات التي تملك مولدات كهرباء وتتعرض لانقطاع التيار، تضطر لشراء الديزل لتشغيل مولداتها. الحصة التي تمنحها وزارة النفط لا تكفي، ويضطرون لشراء الديزل من السوق السوداء بسعر يتراوح بين 10 إلى 20 ألف تومان للتر.
وفي ظل عدم نجاح سياسات إشراك المجتمع المحلي في عوائد الوقود في كبح تهريب الديزل إلى باكستان، ومع ارتباط سوق التهريب هذا بأسواق موازية كالأجهزة المنزلية والمانجو، بحيث أصبح الربح الكبير الناتج عن هذه الأنشطة يجعل من تهريب الديزل عملًا مربحًا ومغريًا للغاية – يبقى السؤال: ما الفكرة أو الخطة التي تملكها الحكومة لردع الكارتلات عن الاستمرار في هذا النشاط التجاري المربح؟