من الصحافة الإيرانية: هل يدمر إصرار واشنطن على منع تخصيب اليورانيوم في إيران المفاوضات الجارية؟
مع مرور أربع جولات من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، لا یزال التعقيد والضبابیة يغيمان على مسار الحوار بين طهران وواشنطن.

ميدل ايست نيوز: مع مرور أربع جولات من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، لا یزال التعقيد والضبابیة يغيمان على مسار الحوار بين طهران وواشنطن. فتمسك إدارة دونالد ترامب المفرط بحرمان إيران من حق تخصيب اليورانيوم لم يزد الوضع إلا تعقيدًا، بل دفع الجولة الخامسة من المفاوضات إلى احتمال التأجيل أو حتى التعليق. هذا الإصرار الأمريكي، الذي يتعارض مع الحقوق المشروعة لإيران في إطار معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية دفع المفاوضات إلى حافة الهاوية، وزاد من احتمالية فشلها.
فحسب تقریر لصحیفة شرق الإيرانية، أضافت تحركات بعض الفاعلين الدوليين، خاصة الدول الأوروبية، واقتراح أفكار مثل “تحالف إقليمي للتخصيب”، طبقات جديدة من التعقيد على هذه المعادلة الحساسة.
وقال أحد المسؤولين الإيرانيين، الذي رفض الكشف عن هويته: “إيران لا ترغب في المشاركة في مفاوضات تكون نتيجتها مسبقًا فاشلة. إذا كان الهدف هو منع الحصول على السلاح النووي، فهناك حلول أخرى، لكن تصفير تخصيب اليورانيوم يعني تجاهل حقوق الشعب الإيراني.” هذه التصريحات تظهر عمق الفجوة بين الطرفين، حيث تصر إيران على الحفاظ على إنجازاتها العلمية والتقنية، بينما تواصل الولايات المتحدة الإصرار على مطالب غير واقعية، مما حول المفاوضات إلى لعبة الثعبان والسلم.
يعد الإصرار على عدم السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم انتهاكًا صريحًا للالتزامات الدولية وحقوق إيران تحت معاهدة NPT، فهو لا يهدد المفاوضات فقط، بل ستكون له تداعيات واسعة النطاق على الاستقرار الإقليمي والدبلوماسية العالمية. وقد أعلنت إيران مرارًا أن برنامجها النووي مخصص فقط للأغراض السلمية، وهي مستعدة للتعاون مع الوكالات الدولية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان الشفافية. لكن نزع حق تخصيب اليورانيوم بالكامل هو خط أحمر لن تتجاوزه طهران أبدًا.
الدور المدمر لأوروبا؛ تهديد آلية الزناد وهشاشة الدبلوماسية المتزايدة
في هذه الأثناء، زادت التحركات الأوروبية المخربة، خاصة من قبل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، بشأن تفعيل آلية الزناد، مما عقد الأوضاع لدرجة أن بعض التقارير الإعلامية وصفت اجتماع إسطنبول بأنه لم يكن مرضيًا. إذ يعتبر تهديد أوروبا بتفعيل آلية الزناد، التي قد تعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة، أداة ضغط على إيران. وقد تم التأكيد مرارًا على أن التنسيق بين الثلاثي الأوروبي والولايات المتحدة يهدف إلى تنفيذ سيناريو “الشرطة الجيدة والشرطة السيئة” في المفاوضات النووية.
ومع ذلك، حذر عباس عراقجي في مقال له في مجلة “لو بوان” الفرنسية من أن أي إجراء لتفعيل آلية الزناد قد “ينهي دور أوروبا في الاتفاق النووي” ويدفع التوترات إلى مستوى غير قابل للعودة.
تحالف إقليمي للتخصيب؛ هل يحل المأزق؟
في ظل التصعيد المتزايد، لاقت فكرة تشكيل تحالف إقليمي لتخصيب اليورانيوم التي طرحتها إيران، اهتمامًا كحل مبتكر لمعالجة المخاوف الدولية والحفاظ على حقوق إيران النووية. الآن وقد دفع الإصرار الأمريكي على تخصيب اليورانيوم بنسبة صفر المفاوضات إلى طريق مسدود، قد يكون من الجدير النظر في هذا الحل من زاوية أخرى.
يُقال إن هذا الاقتراح، الذي طُرح في الجولة الأولى من المفاوضات في عمان، يمكن أن يعمل كميزة لجذب دعم دول الخليج وتقليل الضغوط الأمريكية. في زياراته الأخيرة إلى الإمارات والسعودية، ناقش عباس عراقجي هذا الاقتراح مع مسؤولي هذه الدول، وأشار مصدر سياسي في طهران إلى أن أبوظبي أبدت موقفًا إيجابيًا تجاهه. ومع ذلك، لا تزال الرياض تتخذ موقفًا حذرًا. اقترح طارق رؤوف، الخبير النووي، أن تتحول منشآتي نطنز وفردو إلى مركز دولي لتخصيب اليورانيوم، بحيث تظل 60٪ من الأسهم بيد إيران والبقية لدول المنطقة أو لاعبين مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
الميزة الرئيسية لهذا الاتحاد الإقليمي هي زيادة الرقابة الدولية دون المساس بحق إيران في التخصيب. فمن خلال مشاركة الدول المجاورة، يتم القضاء على المخاوف الغربية والإقليمية بشأن الشفافية، بينما تحافظ إيران على ملكية تقنياتها النووية.
طهران ليست مسؤولة عن الفشل المحتمل للمفاوضات
على ضوء ما سبق،يبرز الآن السؤال الأهم: في حالة توقف أو تعليق أو فشل المفاوضات، من يتحمل المسؤولية؟ على الرغم من أن المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة تمر بمرحلة حساسة، فإن طهران، التي تدرك تمامًا هذه الحساسية، أظهرت حتى الآن مرونة دبلوماسية كبيرة. من ناحية أخرى، نرى نوعًا من سوء الفهم من جانب واشنطن، مما أدى إلى سوء تقدير من جانبهم.
إذا انتهت المفاوضات بالفشل، فإن المسؤولية بالكامل تقع على عاتق المطالب المفرطة للولايات المتحدة والمواقف غير البناءة من حلفائها. لا تزال الدبلوماسية تحمل فرصة للإنقاذ، ولكن فقط إذا احترمت جميع الأطراف الحقوق والالتزامات المتبادلة.