من الصحافة الإيرانية: دبلوماسية الإكراه بدلًا من الحرب.. نهج ترامب في التعامل مع إيران

أوقفت الدول التي سعت منذ ستينيات القرن الماضي إلى تخصيب اليورانيوم أو ترسيخ برامجها النووية، هذا المسار بنسبة تقارب 90% لأسباب مختلفة.

ميدل ايست نيوز: أوقفت الدول التي سعت منذ ستينيات القرن الماضي إلى تخصيب اليورانيوم أو ترسيخ برامجها النووية، هذا المسار بنسبة تقارب 90% لأسباب مختلفة. المثير للاهتمام أن أربع دول فقط نجحت في الوصول إلى دورة السلاح النووي الكاملة خارج إطار القوى النووية التقليدية، رغم أنها لم تكن في الأصل من ضمن هذه القوى؛ وهي إسرائيل وباكستان وكوريا الشمالية. وقد أكملت كوريا الشمالية هذا المسار تحديدًا في عام 2006.

وكتبت صحيفة هم ميهن، أن هذا المسار معقد للغاية بسبب الدوافع الأمنية والضغوط السياسية الدولية. كلٌّ من البرازيل والأرجنتين بدأتا برامجهما النووية في ستينيات القرن العشرين، وكانت البحرية البرازيلية تتابع البرنامج بجدية. لكن العامل الوحيد الذي أدى إلى وقف هذه البرامج كان الأزمة الاقتصادية في ثمانينيات القرن الماضي. من جهة أخرى، تتسم الولايات المتحدة بحساسية شديدة تجاه احتكار الأسلحة النووية، ولا تسمح لأي دولة، حتى حلفائها، بتوسيع برامجها النووية.

يسعى ترامب إلى التوصل إلى اتفاق متوسّط مع إيران، وهناك مؤشرات على وجود مرونة في مواقفه تجاه التوصل إلى هذا الاتفاق. بعد زيارته إلى المنطقة، تم استثمار نحو 2 تريليون دولار في المنطقة على مدى عشر سنوات، وهو ما يدل على أهمية أمن هذه المنطقة بالنسبة له. على سبيل المثال، تسعى الإمارات لتصبح مركزًا للذكاء الاصطناعي، وتفكّر في تخصيص أراضٍ لشركات متخصصة في هذا المجال.

أمن الخليج له أهمية قصوى لدى ترامب، ولذلك قد نشهد مرونة ملحوظة في مواقفه. في النظام الجديد للشرق الأوسط، لا بد من احتواء التهديد الإيراني، ومن الأفضل أن يتم ذلك عبر “دبلوماسية الإكراه” بدلاً من الخيار العسكري. بينما كانت مقاربة أوباما قائمة على الدبلوماسية، يتبع ترامب دبلوماسية الضغط المكثف.

وتواجه إيران ظروفًا خاصة ومعقّدة على عدة مستويات. مؤخرًا، انتشرت شائعات بأن الولايات المتحدة قدّمت اقتراحًا لإيران يتعلق بتعليق تخصيب اليورانيوم. لكن السؤال الجوهري هو: ماذا تقصد الولايات المتحدة بالتعليق؟ هل المقصود هو وقف ضخ الغاز في أجهزة الطرد المركزي بحيث يستمر العمل الفني لكن دون تخصيب اليورانيوم؟ أم المقصود تعليق دورة الوقود النووي بأكملها؟

هذا فرق جوهري. فوقف ضخ الغاز يعني الحفاظ على البنية التحتية وتعطيل عملية التخصيب فقط. بينما تعليق دورة الوقود بالكامل يعني خسارة أجزاء أساسية من البرنامج النووي. كلا الخيارين يمثلان تحديًا كبيرًا لإيران، ولهذا السبب، تأتي ردود طهران على هذه المقترحات بحساسية عالية.

من الناحية الفنية والسياسية، وضع إيران معقّد. فتجاوز الأخيرة لمستوى التخصيب الكامل هو من القضايا الحساسة لدول العالم. وقدّمت طهران عدة عروض لإثبات حسن نيتها، منها الموافقة على المزيد من عمليات التفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتأكيد على أن برنامجها النووي سلمي بحت. وصرّح أحد كبار الباحثين في السياسة الدولية بأن هذه المسألة تمثل أحد التحديات الرئيسية لإيران.

وأصبح التخصيب رمزًا للفخر الوطني وقوة الردع الإيرانية. بعض الأطراف الداخلية، بما في ذلك المؤسسات العسكرية والأمنية، يعارضون أي نوع من التعليق، ويعتقدون أن وقف التخصيب قد يضعف قدرة الردع الإيرانية. يمكن طرح عدة حلول وسط، مثل قبول تعليق محدود للتخصيب مع نقل اليورانيوم المخصب إلى الخارج. كما يمكن أن يُطرح اقتراح بإجراء بحوث وتطوير محدودة تسمح لإيران بالحفاظ على برنامجها النووي ضمن مستوى منخفض.

هناك احتمال للتوصل إلى اتفاق، لكن الظروف صعبة للغاية. فترامب يعتقد أن إيران مضطرة في نهاية المطاف للتفاوض، ويتجلى هذا في تصريحات الساسة الأمريكيين. فهم لديهم أمل أكبر في التوصل إلى اتفاق مع إيران أكثر من أوكرانيا. لكن في نهاية المطاف تراجع ترامب عن شرط تفكيك تخصيب إيران بشكل دائم، وقبوله بتخصيب محدود، يشير إلى وجود حافز نحو المرونة ويعزّز الأمل بالتوصل إلى اتفاق.

من الواضح أن إيران قد توافق على تعليق مؤقت. ففرصة التوصل إلى اتفاق موجودة، ولكنها أصبحت أصعب. يُقدَّر احتمال النجاح بنسبة 60% مقابل 40%، والشرط الأساسي لتحقيق الاتفاق هو وجود مرونة من كلا الطرفين.

 

رحمن قهرمان بور

محلل سياسي في إيران

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 + 11 =

زر الذهاب إلى الأعلى