من الصحافة الإيرانية: سيناريوهات النفط الإيراني ما بعد رفع العقوبات
قد تسهم المفاوضات الأخيرة مع الولايات المتحدة في رفع العقوبات، ما يعزز من عرض النفط العالمي ويقوّي مكانة إيران في السوق.

ميدل ايست نيوز: في ظل انعقاد خمس جولات من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، وسط تطلع لعقد جولة سادسة، يواجه سوق النفط العالمي في عام 2025 وضعًا هشًا يتسم بنمو ضعيف في الطلب ووفرة في المعروض وتوترات جيوسياسية. يأتي هذا في وقت يتوقع فيه البنك الدولي أن يصل سعر خام برنت إلى 73 دولارًا للبرميل.
وقال موقع اقتصاد 24 في تقرير له، إن إيران رغم العقوبات تمكنت من الحفاظ على موقعها بإنتاج يبلغ 3.3 مليون برميل يوميًا، واستمرت بالتصدير، خصوصًا إلى الصين. وقد تسهم المفاوضات الأخيرة مع الولايات المتحدة في رفع العقوبات، ما يعزز من عرض النفط العالمي ويقوّي مكانة إيران في السوق.
لكن من ناحية أخرى، لا تزال العقوبات الأمريكية تعيق وصول إيران إلى الأسواق العالمية والنظام المصرفي الدولي والتقنيات المتقدمة، مما يعرض الإنتاج لخطر التراجع. إذا استمرت الأوضاع الحالية على هذا المنوال، فقد يرتفع الإنتاج إلى 3.5 مليون برميل يوميًا، لكن في حال تشديد العقوبات أو تراجع الطلب الصيني، قد تهبط الصادرات إلى ما لا يقل عن 1.2 مليون برميل.
ومع ذلك، فإن رفع العقوبات – سواء عبر إحياء الاتفاق النووي أو التوصل إلى اتفاق جديد مع الولايات المتحدة – قد يتيح لإيران رفع إنتاجها إلى 4.2 مليون برميل يوميًا خلال 12 إلى 18 شهرًا، شرط استثمار ما بين 10 إلى 15 مليار دولار.
ويبلغ الاستهلاك المحلي في إيران حاليًا نحو 1.9 مليون برميل يوميًا، وهو استهلاك مرتفع بسبب دعم الوقود الذي يكلّف الحكومة 80 مليار دولار سنويًا، مما يشكل عبئًا كبيرًا على ميزانية الدولة. ورغم التقدّم في بعض المشاريع كمصفاة “نجمة الخليج الفارسي”، إلا أن الطاقة التكريرية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا تظل محدودة بسبب تقادم البنية التحتية.
الرابحون والخاسرون المحتملون من عودة إيران
في ظل التوترات الإقليمية – خاصة مع إسرائيل – قد تواجه البنية التحتية النفطية الإيرانية بعض التهديدات، إلا أن إيران حافظت على إنتاجها نسبيًا بفضل علاقاتها العميقة مع الصين، بما في ذلك اتفاق تعاون مدته 25 عامًا واستخدام تقنيات محلية.
الصين: مستفيد انتهازي أم في مأزق؟
تُعد مصاف التكرير المستقلة في الصين، المعروفة باسم “تي بات”، من أبرز مستوردي النفط الإيراني في السنوات الأخيرة. هذه المصافي، الموجودة أساسًا في مقاطعة شاندونغ، استمرت في استيراد النفط الإيراني المخفَّض السعر عبر قنوات غير رسمية خلال فترة العقوبات.
السعودية: منافس تقليدي يواجه ضغطًا سعريًا
تمثل إيران منافسًا تقليديًا قويًا للسعودية في سوق النفط. فأي زيادة في الإمدادات الإيرانية، خاصة نحو السوق الآسيوية، تهدد حصة السعودية في السوق وأسعار صادراتها. يعتقد بعض المحللين أن عودة النفط الإيراني، خصوصًا مع هبوط الأسعار من 82 دولارًا في يناير إلى 65 دولارًا في مايو، قد يؤدي إلى ضغط إضافي على الأسعار. وإذا ارتفع الإنتاج الإيراني بسرعة وتم تفريغ النفط المخزّن في الناقلات دفعة واحدة، فقد تتعرض السوق لتقلبات كبيرة.
هذا الوضع سيكون مقلقًا للدول المصدرة للنفط، لا سيما السعودية، التي تسعى لضبط الأسعار عبر خفض الإنتاج. وعودة إيران، ليس فقط كمصدر بل كلاعب رئيسي بكُلفة إنتاج منخفضة وبنى تحتية قائمة، قد تخلق تحديًا لتوازن القوى في أوبك وسوق الطاقة العالمي. كما أن هناك بُعدًا استراتيجيًا يتعلق بقيمة وأسهم شركة أرامكو، إحدى أكبر شركات العالم.
السيناريوهات المتوقعة لإيران بعد رفع العقوبات
السيناريو الأول: عودة سريعة وقوية
في هذا السيناريو، تدخل إيران السوق بكل طاقتها، وتستأنف صادراتها الرسمية بسرعة، مع تقديم خصومات كبيرة لاستعادة حصتها. وهذا السيناريو قد يُلحق الضرر الأكبر بـ روسيا والسعودية، ويمكن أن يخفض سعر النفط إلى 60 دولارًا للبرميل.
السيناريو الثاني: عودة تدريجية بتنسيق مع أوبك
هنا، تعود إيران كعضو في أوبك ضمن اتفاق مع المنتجين الآخرين. سيكون التأثير على السوق أقل حدة، لكن المنافسة في السوق الآسيوي ستظل قوية. وقد تحاول روسيا إقامة تحالف في التسعير مع إيران عبر الأدوات السياسية.
السيناريو الثالث: عودة محدودة محفوفة بالمخاطر السياسية
في هذا السيناريو، تكون الاتفاقيات النووية هشة أو مؤقتة، ما يمنع إيران من استغلال كامل طاقتها التصديرية. رد فعل السوق سيكون محدودًا، لكن الأثر النفسي لعودة إيران سيظل يُضعف الأسعار ويزيد من المنافسة، خاصة في آسيا.