من الصحافة الإيرانية: أهمية إيران في التطورات الراهنة في منطقة غرب آسيا

تشهد منطقة غرب آسيا تحولات كبرى وثقيلة الوطأة، من شأنها أن تحدد مستقبل الدول في المنطقة، وتوزيع موازين القوى ونطاقات النفوذ فيها.

ميدل ايست نيوز: تشهد منطقة غرب آسيا تحولات كبرى وثقيلة الوطأة، من شأنها أن تحدد مستقبل الدول في المنطقة، وتوزيع موازين القوى ونطاقات النفوذ فيها. فعلى عكس الرأي النمطي القائل بأن المواجهة الكبرى بين القوى العالمية ستكون في شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، تُظهر التطورات في غرب آسيا ومنطقة الخليج أن الجزء الأهم من هذه المواجهة يتمركز في هذه المنطقة بالذات، وأن الدولة التي تنجح في فرض هيمنتها هنا، ستحكم السيطرة على المنطقة لفترة طويلة، وتبقي الآخرين تحت نفوذها.

وفي هذا السياق، شهدت السنوات الأخيرة تزايد اهتمام دول مثل الصين وروسيا بهذه المنطقة، حيث تسعيان لتوسيع التعاون والشراكة مع دولها، وفي المقابل، بدأت دول المنطقة تدرك الخسائر الناجمة عن الاعتماد المفرط على قوة واحدة – حتى وإن كانت بحجم الولايات المتحدة – وتسعى حالياً لتنويع شركائها الاستراتيجيين.

من جانبها، تحاول الولايات المتحدة، خصوصاً منذ وصول دونالد ترامب إلى السلطة، فرض سيطرتها من خلال سياسة المواجهة المباشرة تحت شعار “السلام عبر القوة”. وتسعى واشنطن جاهدة لمنع تنفيذ المبادرات الاقتصادية ومشاريع الربط والنقل بين الشرق والغرب، التي تهدف إلى تقليص دورها في المنطقة. كما أن الأهمية الاستراتيجية للمنطقة، لكونها مصدراً رئيسياً للطاقة العالمية، وسوقاً جذابة في مجالات التعاون العسكري والدفاعي، تدفع القوى الكبرى إلى التعامل معها بجدية أكبر.

في هذه الظروف، يُعدّ الدور الفاعل لدولة كبيرة ومؤثرة كإيران بالغ الأهمية، إذ إن مشاركتها أو عدم مشاركتها في التطورات المقبلة سيكون له تأثير مباشر على نجاح أو فشل هذه التطورات. ولهذا السبب، ونظراً إلى ما تملكه إيران من قدرة ردعية، اضطرت الولايات المتحدة إلى انتهاج مسار تفاوضي، وقد انطلقت بالفعل محادثات بشأن الملف النووي، لكنها كلما تقدمت، ازدادت تعقيداً وظهرت فيها المزيد من التحديات.

وبناءً على أهمية المرحلة الراهنة من إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة، وحساسية مواقف وتحركات إيران في رسم موقعها الإقليمي، يمكن التوقف عند النقاط التالية لتوضيح معالم السياسة الخارجية الإيرانية:

  1. الشفافية والمسؤولية: إيران مستعدة للحوار حول الهواجس المزعومة المتعلقة بطبيعة برنامجها النووي، وهي تبدي انفتاحاً على طمأنة المجتمع الدولي وتوضيح موقفها، ما يعكس أنها دولة تتحلى بالمسؤولية وتدرك أبعاد قراراتها.
  2. ثقة بالنفس قائمة على العلوم المحلية: للجمهورية الإسلامية مبادئ ثابتة ومطالب منطقية، تستند إلى قدرات علمية وتقنية وطنية بُنيت بجهود علمائها ونخبها، وهي تملك الثقة اللازمة لإدارة حوارات بهذا المستوى، دون التفريط بمنجزاتها، بل مع تصميم راسخ على حمايتها.
  3. إشراك الجميع في الحلول الدبلوماسية: تنتهج إيران رؤية منسجمة مع المعاهدات الدولية في ما يخص الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وتسعى إلى إشراك كل الأطراف المعنية في المباحثات بالتوازي مع حوارها غير المباشر مع واشنطن، من أجل خلق شعور مشترك بالمسؤولية تجاه إنجاح المسار الدبلوماسي، بحيث يكون النجاح مشتركاً ومرحباً به من الجميع.
  4. الاعتماد على الذات كضرورة استراتيجية: أثبتت التجارب في السنوات الأخيرة، خاصة في غرب آسيا، أن الاعتماد على الآخرين محفوف بالمخاطر. وقد وصلت الجمهورية الإسلامية إلى مستوى معتبر من القدرة الردعية، بفضل الجهود المضنية والتضحيات الكبيرة، ما جعل من هذه القدرات ركائز غير قابلة للتنازل أو المساومة، لأنها صمّام أمان للأمن الوطني والاستقرار الإقليمي. وعلى الدول التي تراقب عن بُعد مجريات هذه التحولات أن تأخذ هذه الحقائق بعين الاعتبار، وتنظر للأحداث بعقلانية وشمولية، وتُطابق مواقفها مع المعطيات الواقعية على الأرض.
  5. مخاطر السياسات الإسرائيلية على الحلفاء الغربيين: النوايا العدوانية للكيان الصهيوني باتت واضحة حتى لحلفائه الرئيسيين، وقد تبيّن للجميع ما تسببه هذه السياسات من تكاليف باهظة، خاصة على الولايات المتحدة. لذا على الأطراف المعنية أن تتعامل مع المغامرات الإسرائيلية بواقعية، وألا تسمح بانحراف المسار التفاوضي عن طريقه المنطقي، مما قد يصعب الوصول إلى اتفاق. ومع ذلك، تؤكد الجمهورية الإسلامية أنها ستدافع بحزم عن أمنها ومصالحها، مهما كانت الظروف، وأمام أي مغامرة محتملة.

أحمد حسيني
صحفي إيراني

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
ميدل ايست نيوز
المصدر
دبلوماسي إيراني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر + 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى