من الصحافة الإيرانية: الفجوة لا تزال قائمة بين الإيرانيين والأمريكيين رغم استمرار الرغبة في التفاوض
الوضع الحالي لا يترك أمام إيران خيارًا سوى التوصل إلى اتفاق. وربما لا تزال تفاصيل شكل الاتفاق محل خلاف، لكن هناك إدراكًا مشتركًا لدى الطرفين بضرورة التوصل إليه.

ميدل ايست نيوز: اختُتمت الجولة الخامسة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة يوم الجمعة، 23 مايو 2025، في العاصمة الإيطالية روما، وسط تصريحات متفائلة حذرة. وأعرب وزير الخارجية العُماني، الذي يتولى الوساطة بين الوفدين المفاوضين، عن أمله في أن يؤدي توضيح القضايا العالقة خلال الأيام المقبلة إلى التقدم نحو اتفاق دائم.
من جانبه، صرّح عباس عراقجي بأن وزير الخارجية العُماني قدّم خلال هذه الجولة مقترحات جديدة ستُدرس في كل من طهران وواشنطن، وعلى ضوء ذلك سيتحدد مسار الجولة السادسة.
وجاءت هذه الجولة من المفاوضات في ظل تصاعد الجدل خلال الأيام العشرة الماضية حول استمرار برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني، ما أثار حساسيات كبيرة في الأوساط الدولية.
ورغم ما بدا أنه توتر قد يؤثر سلبًا على سير المحادثات، وصف عراقجي الجولة الخامسة بأنها «من أكثر المراحل مهنية»، مؤكدًا أن «إيران أوضحت مواقفها بشفافية، ويبدو أن الطرف الأميركي بات يملك الآن فهمًا أوضح وأدق لهذه المواقف».
وفي حديث لموقع اقتصاد 24، علق الدبلوماسي السابق قاسم محب علي، الذي شغل مناصب دبلوماسية في ماليزيا واليونان، ويعد من أبرز المحللين في الشأنين السياسي والدولي، على تطورات المفاوضات قائلاً: «عند مراجعة التصريحات والبيانات الصادرة من الطرفين أو من الجانب العُماني بعد الجولات السابقة، يتضح أن هناك رغبة في مواصلة الحوار، لكن لم يُتوصل إلى اتفاق شامل حتى الآن، ولا تزال الفجوات قائمة. وقد قدّمت عُمان بعض المقترحات لكسر هذا الجمود، ويبدو أن هذه المقترحات ستُناقش من قِبل الجانبين في طهران وواشنطن على مستويات رفيعة، قبل الرد والعودة إلى طاولة المفاوضات. ويبدو أن المفاوضات لا تزال في هذه المرحلة».
وأضاف: «بحسب ما جرى حتى الآن، من الواضح أن القضية المحورية هي مسألة التخصيب. وإذا لم تُحل هذه النقطة الرئيسية، ولم يبدِ الطرفان رضاهم عن حلها، فمن غير المرجح أن يُفتح النقاش حول قضايا لاحقة، مثل تعليق أو إلغاء العقوبات، إذ إن هذه المسائل تأتي بعد التفاهم على التخصيب».
هل لا يزال خطر آلية الزناد قائماً؟
وفيما يخص آلية إعادة فرض العقوبات المعروفة بـ”آلية الزناد”، أوضح محب علي: «من الخطأ الظن بأن هناك مهلة حتى أكتوبر. فالمهلة الفعلية تنتهي في سبتمبر. وهناك تقارير حاسمة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تُعد حاسمة لمسار المفاوضات: أولها سيصدر في نهاية يونيو، والثاني في سبتمبر.
وأضاف: التقرير الأول في يوليو سيحدد ما إذا كان سيتم إحالة ملف إيران إلى مجلس المحافظين. وإذا حدث ذلك، فقد تتحرك الدول الأوروبية نحو تفعيل آلية الزناد. الجدير بالذكر أن تفعيل هذه الآلية يتطلب وقتًا لا يقل عن شهر، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن.
وأكد المحلل السياسي على أهمية التقرير الأول قائلًا: «التقرير المنتظر في يوليو سيكون بمثابة نقطة مفصلية، لأنه سيوضح ما إذا كانت الأمور تتجه إلى مزيد من التصعيد أو إلى تسوية. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قبل صدوره، فستكون هناك حاجة ملحّة لإنهاء التفاوض خلال الفترة بين يوليو وسبتمبر، قبل دخول المسار في مرحلة أكثر خطورة».
لا خيار سوى الاتفاق
وفي ختام تحليله، شدد محب علي على ضرورة التوصل إلى تفاهم قائلا: «الوضع الحالي لا يترك أمام إيران خيارًا سوى التوصل إلى اتفاق. وربما لا تزال تفاصيل شكل الاتفاق محل خلاف، لكن هناك إدراكًا مشتركًا لدى الطرفين بضرورة التوصل إليه. ومع ذلك، فإن النجاح يعتمد على عنصرين أساسيين: مستوى التخصيب وآليات الرقابة، وموضوع رفع العقوبات. يجب مناقشة هذين المحورين بشكل متزامن، وإذا بقي أحدهما دون تسوية، فلن يكون من الممكن تحقيق اتفاق نهائي».