من الصحافة الإيرانية: ما علاقة زيارة بزشكيان إلى عمان بالمفاوضات مع أميركا؟
رغم أن ملف زيارة الرئيس بزشكيان إلى عمان يشمل طيفًا واسعًا من القضايا السياسية والاجتماعية والتواصلية، فإن من المحتمل أن تكون هناك أفكار تُطرَح للوصول إلى تفاهم مشترك بين طهران وواشنطن بشأن شروط التفاوض.

ميدل ايست نيوز: ماذا تخفي كواليس زيارة الرئيس الإيراني إلى سلطنة عمان؟ هل تهدف هذه الزيارة إلى حلحلة عقدة من عقد المفاوضات القائمة؟ وهل طرحت عمان فكرة جديدة لتحقيق تفاهم مشترك بين إيران والولايات المتحدة؟ تكتسب هذه التساؤلات أهمية خاصة بالنظر إلى الدور البارز الذي تلعبه عمان كوسيط في المفاوضات بين طهران وواشنطن.
اكتسب الموضوع أبعادًا أوسع حينما بدأت بعض التحليلات تشير إلى وجود تناقض جوهري بين مطالب الجانبين الإيراني والأميركي. فالولايات المتحدة، التي كانت حتى الأيام الأخيرة التي سبقت المفاوضات تؤكد أن مطلبها الوحيد هو بناء الثقة لضمان ابتعاد إيران عن الأسلحة النووية، أضافت في تحول لافت طلب عدم السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم إلى قائمة مطالبها.
ويرى محللون أن هذا التغيير المفاجئ يعود إلى ضغوط التيار الداعي للحرب داخل الولايات المتحدة، واللوبي الإسرائيلي، والضغوط التي يمارسها الديمقراطيون، وهو ما يفسّر تغير موقف ترامب ومساعده ويتكوف. أما موقف إيران، فتمثّل في تأكيدها على حقوقها القانونية بموجب معاهدة الحد من الانتشار النووي (NPT).
ويرى فريق آخر من المحللين أن هذه التصريحات الجديدة ليست سوى مواقف معلنة من الجانب الأميركي، وأن الولايات المتحدة لن تتبنى في سياساتها الفعلية داخل أروقة التفاوض مواقف متطرفة أو متشددة. وقد تعزز هذا الاحتمال بعدما وصف عباس عراقجي، في ختام الجولة الخامسة من المفاوضات، المحادثات بأنها “بناءة وتتقدم إلى الأمام”، رغم كل الضجة الإعلامية الغربية حول اقتراب المفاوضات من طريق مسدود.
في هذا السياق، جاءت زيارة الرئيس الإيراني إلى سلطنة عمان، بهدف تعزيز العلاقات بين البلدين، واستعراض آفاق تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية. لكن صحيفة “اعتماد” استطلعت آراء عدد من الناشطين السياسيين، للوقوف على كواليس زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، واستشراف آفاق التوصل إلى اتفاق محتمل.
ناشط إصلاحي: إيران أبدت مرونة حتى في قضية التخصيب
وفي حديثه مع “اعتماد”، قال محمد صادق جوادي حصار، الناشط السياسي الإصلاحي، حول زيارة الرئيس الإيراني إلى عمان وآفاق المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة: “حتى الآن، لعبت عمان دور الوسيط في الملف التفاوضي بين إيران والولايات المتحدة، وكانت تُهيئ الزمان والمكان للمحادثات. لكن بعد الجولة الخامسة، التي انتهت دون نتائج ملموسة، باتت المبادرة التي طرحتها وزارة الخارجية والحكومة العمانية تخرج عمان من كونها مجرد وسيط، وتضعها كطرف فاعل في المحادثات. ما يُعزز إيجابية هذا الدور أن كلًا من إيران والأميركيين يعترفون بحسن نية العمانيين. ورغم أن ملف زيارة الرئيس بزشكيان إلى عمان يشمل طيفًا واسعًا من القضايا السياسية والاجتماعية والتواصلية، فإن من المحتمل أن تكون هناك أفكار تُطرَح للوصول إلى تفاهم مشترك بين الطرفين بشأن مطالبهما.”
وأضاف هذا الناشط السياسي: “من بين الاحتمالات الممكنة أن إيران وعمان دولتان تتقاسمان حدودًا بحرية في مضيق هرمز. أي قرار يتعلق بالملاحة البحرية أو بمضيق هرمز يجب أن يأخذ في الاعتبار وجهة نظر العمانيين. في استراتيجياتها الدبلوماسية الجديدة، تسعى إيران إلى رفع مستوى علاقاتها مع الدول الأخرى لتصل إلى علاقات استراتيجية. وبمعنى آخر، تحاول إيران تقريب مواقف عمان من مواقفها.”
وحول وضوح مطالب الطرفين، قال جوادي حصار: تطالب إيران برفع العقوبات وبالاحتفاظ بحق التخصيب على أراضيها، في حين تطالب الولايات المتحدة بضمانات على سلمية البرنامج النووي الإيراني، لكن النقطة المحورية في هذه المفاوضات تتمثل في النتيجة التي يمكن لكل طرف اعتبارها مكسبًا لصالح مصالحه الوطنية واستمرار قوته. إذ لا يمكن تصور نهاية حاسمة للمفاوضات يُقال فيها إن إيران لا يمكنها تحت أي ظرف إبداء مرونة في موضوع التخصيب. إيران كانت قد خفّضت مستوى التخصيب من 60% إلى 20%، ومن 20% إلى 3.7%.”
وتابع: “لقد أثبتت إيران أنها تضبط استراتيجياتها بما يخدم مصالحها الوطنية بأقصى قدر من المرونة. في السابق، قال بعض الأشخاص والتيارات المتشددة إن إيران لن تتفاوض مع الولايات المتحدة في عهد ترامب بسبب دوره في اغتيال القائد قاسم سليماني، لكن إيران، من منطلق مصالحها الوطنية، أظهرت المرونة اللازمة. ومثال آخر هو ما جرى في عملية ‘الوعد الصادق 3’، حيث اتضح أن إيران تتصرف بما يتفق مع مصلحتها الوطنية، لا وفقًا لمطالب بعض الأشخاص أو التيارات الخاصة.”
وختم السياسي الإيراني بالقول: “هذه التصريحات لا تعني أن إيران ستتخلى عن حقها في التخصيب أو أنها ستوقف عملية التخصيب. لكن حق التخصيب، بل والتكنولوجيا النووية الإيرانية ككل، هم أداة قوية للضغط تُستخدم في تحقيق المصالح الوطنية وتلبية مطالب الشعب.”