من الصحافة الإيرانية: ثلاث اتفاقيات اقتصادية رئيسية لتوسيع التبادل التجاري بين إيران وعُمان
تشكل الزيارة الرسمية التي أجراها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى مسقط وتوقيع عدة اتفاقيات تعاون محطة مفصلية في مسار تعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية بين البلدين.

ميدل ايست نيوز: تشكل الزيارة الرسمية التي أجراها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى مسقط، وتوقيع عدة اتفاقيات تعاون مع المسؤولين العمانيين، من بينها ثلاث اتفاقيات اقتصادية رئيسية، محطة مفصلية في مسار تعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية بين البلدين. وتشمل هذه الاتفاقيات “اتفاقية التعاون الجمركي”، و”اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار المتبادل”، و”اتفاقية منح التفضيلات التجارية”، وكل منها تحمل أهمية فردية، لكنها مجتمعة توفر إطاراً متكاملاً لتعميق التعاون الاقتصادي بين طهران ومسقط.
تعد اتفاقية التعاون الجمركي حجر الأساس في تسهيل التبادل التجاري الثنائي، إذ توفر الإطار القانوني والتنفيذي لتبسيط إجراءات التخليص الجمركي وتنسيق التعريفات وتبادل البيانات الجمركية ومكافحة التهريب. ومن شأن هذه الاتفاقية أن تُمهد لتأسيس “ممر جمركي أخضر” بين البلدين، من خلال تقليص زمن توقف السلع في الموانئ ورفع مستوى الشفافية وخفض التكاليف التجارية، ما يعزز صادرات إيران إلى عمان، ويمكّن في الوقت ذاته من ربط الموانئ الجنوبية الإيرانية بأسواق شرق أفريقيا وشبه القارة الهندية عبر الأراضي العمانية.
أما اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار المتبادل، فتكتسب أهمية استراتيجية مضاعفة. فهي تضمن للمستثمرين العمانيين حرية تحويل الأرباح والحماية من المصادرة واللجوء إلى التحكيم الدولي في حال نشوب نزاعات، ما يزيد من ثقة هؤلاء المستثمرين في دخول السوق الإيرانية، خصوصاً في القطاعات المختلفة للاستثمار. وعلى الجانب الآخر، تتيح هذه الاتفاقية للشركات الإيرانية فرصاً أوسع للمشاركة في المشاريع العمرانية والهندسية والغذائية في سلطنة عمان. كما تفتح الباب أمام إنشاء صناديق استثمارية مشتركة ومناطق صناعية ثنائية وتطوير مشاريع بنى تحتية بين البلدين.
وتُعد اتفاقية منح التفضيلات التجارية أداة عملية لتعزيز الصادرات غير النفطية الإيرانية وزيادة تنافسية السلع الإيرانية في السوق العمانية. وتنص الاتفاقية على خفض تدريجي للتعريفات الجمركية على قائمة من السلع المختارة، ما يمنح المصدرين الإيرانيين فرصة دخول السوق بأسعار تنافسية وسهولة أكبر. ويمكن أن تستفيد من هذا التوجه قطاعات مثل الأغذية ومواد البناء والأدوية وبعض الصناعات ذات العائد السريع. كما يُتوقع أن تساهم الواردات الانتقائية من السلع العمانية في تحسين الجودة وتقليل كلفة المنتجات المصنعة داخل إيران. ومن منظور استراتيجي، يمكن أن تتيح قواعد المنشأ التفضيلية لإيران تصدير منتجاتها ذات المنشأ العماني إلى دول مجلس التعاون.
تتمثل الأهمية الكبرى لهذه الاتفاقيات في تأثيرها التكاملي، إذ يوفر الجمع بين تبسيط الإجراءات الجمركية، وتقديم مزايا تجارية، وضمان حقوق المستثمرين، بيئة نشطة للنمو المستدام في العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وفي ظل سعي إيران لتنويع شركائها التجاريين وتوسيع أسواقها الإقليمية، يمكن اعتماد هذا النموذج كصيغة ناجحة للتعاون مع دول خليجية أخرى.
ولتحقيق نتائج ملموسة من هذه الاتفاقيات، ينبغي تشكيل لجان تنفيذية مشتركة وتكثيف التوعية لدى القطاع الخاص وإيفاد وفود تجارية وتنظيم معارض متخصصة وافتتاح مكاتب تجارية متبادلة، لضمان استغلال هذه الاتفاقيات بأفضل شكل في خدمة التجارة والاستثمار.
في المجمل، إن توقيع هذه الاتفاقيات الاقتصادية الثلاث خلال زيارة الرئيس الإيراني إلى عمان، يشكّل دلالة واضحة على الإرادة السياسية لدى البلدين لتوسيع وتعميق علاقاتهما الاقتصادية، ومن المتوقع أن يؤدي التطبيق الدقيق لبنودها إلى مضاعفة حجم التبادل الثنائي على المدى المتوسط، وترسيخ موقع عمان كأحد أبرز المنافذ الاقتصادية لإيران في المنطقة.
عباس عبدالخاني
باحث في شؤون الخليج



