من الصحافة الإيرانية: هل الاتفاق النووي المؤقت هو الحل؟

لا تزال المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، التي بدأت منذ عدة أشهر بوساطة سلطنة عمان، عالقة وسط خلافات جوهرية وتعقيدات سياسية.

ميدل ايست نيوز: لا تزال المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، التي بدأت منذ عدة أشهر بوساطة سلطنة عمان، عالقة وسط خلافات جوهرية وتعقيدات سياسية، في حين يسعى اللوبي الصهيوني إلى تعزيز الخيار العسكري، وتدعو روسيا مجددًا للوساطة بين طهران وواشنطن. وفي الوقت الذي تشير فيه بعض وسائل الإعلام الغربية إلى اقتراب التوصل إلى اتفاق شامل، وتنتشر شائعات حول وجود ما يُعرف بـ”إطار مسقط”، لا تزال الجهات الرسمية في إيران والولايات المتحدة تنفي تحديد أي زمان أو مكان للجولة المقبلة من المحادثات، وتؤكد استمرار الخلافات الأساسية. کما تشير مواقف الأطراف الإيرانية والأمريكية وبعض القوى الإقليمية إلى أن احتمال التوصل إلى اتفاق مؤقت قائم، لكن استمراريته وتأثيره موضع شك كبير.

الخطوط الحمراء وضرورة رفع العقوبات بالكامل

صرّح وحيد أحمدي، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، في مقابلة مع موقع “ديده‌ بان إيران“، أن مواقف الجمهورية الإسلامية واضحة تمامًا، وقد أوضحت إيران للطرف المقابل حقوقها وخطوطها الحمراء في الملف النووي. وأكد أحمدي أن مسار المفاوضات مرتبط بعدة متغيرات، وبالتالي فإن مستقبل هذه المفاوضات غير واضح ولا يمكن التنبؤ به.

وتطالب إيران بضمانات تحول دون عودة العقوبات “الظالمة وغير القانونية” في المستقبل، وتصرّ على الحفاظ على حقها في تخصيب اليورانيوم كحق أصيل بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT).

الطموحات الأمريكية والضغوط الداخلية واللوبي الصهيوني

من جانب آخر، تؤكد الولايات المتحدة، وخاصة خلال عهد إدارة دونالد ترامب، على ضرورة وقف إيران لتخصيب اليورانيوم، وتشير تقارير إلى إعداد ورقة شروط لتقديمها إلى طهران تتضمن هذا المطلب. وتتمسك بعض الجهات الأمريكية برأي مفاده أن على إيران، بصفتها دولة غير نووية وعضوًا في معاهدة NPT، ألا تخصب اليورانيوم، بل أن تعتمد على دولة ثالثة لتأمين الوقود النووي.

في موازاة ذلك، أقرّ الكونغرس الأمريكي مشروع قانون ثنائي الأحزاب يجعل العقوبات على قطاعي الطاقة والتسلح الإيرانيين دائمة وبدون سقف زمني. ويحظى هذا القانون بدعم من أعضاء مجلس الشيوخ مثل جاكي روزن وتيم سكوت، وبدفع قوي من اللوبي الصهيوني الأمريكي “أيباك”.

وفي هذا السياق، قال أحمدي إن “اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة قوي للغاية، ولا يرتبط بأي من الحزبين، إذ يخضع كل من الجمهوريين والديمقراطيين عمليًا لتأثير هذا اللوبي، وكان ترامب من أقرب الشخصيات إلى الصهاينة”.

ومع ذلك، شدد أحمدي على أنه لا ينبغي تصور وجود خلاف استراتيجي بين أمريكا وإسرائيل بشأن إيران: “قد تكون هناك اختلافات في التكتيك أو توزيع الأدوار، لكن لا يوجد أي خلاف استراتيجي بين الطرفين في عدائهما للجمهورية الإسلامية”.

آفاق الاتفاق المؤقت: واقع أم مناورة إعلامية؟

يرى أحمدي أنه مع سعي دونالد ترامب لتحقيق إنجاز في السياسة الخارجية في الفترة المقبلة، قد يُبرم اتفاق مؤقت، لكنه حذر من أن هذا الاتفاق قد لا يخدم المصالح الحقيقية للطرفين، بل يكون مجرد تحرك إعلامي لكسب مكاسب سياسية.

وأضاف عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني: “نحن نعتقد أن الاتفاق النووي كان خاسرًا محضًا بالنسبة لنا، وإذا أردنا التوصل إلى اتفاق جديد مع أمريكا، فيجب أن نحصل على مكاسب أكبر مما تضمنه الاتفاق النووي، وأي شيء أقل من ذلك غير مقبول”.

كما أشار إلى أن المفاوضات لم تدخل بعد مرحلة التفاصيل، وهي المرحلة التي غالبًا ما تظهر فيها الخلافات الحقيقية، ولذلك يصعب التكهن ببنود أي اتفاق محتمل.

الضبابية وأهمية ضبط النفس

رغم بعض التقدم النسبي، لا تزال هناك خلافات جوهرية بشأن الحقوق النووية الإيرانية وشروط رفع العقوبات. إذ تصرّ إيران على رفع كامل للعقوبات وحماية حقها في التخصيب، في حين تطالب الولايات المتحدة بقيود إضافية تشكك فعليًا في هذا الحق. يرى أحمدي أن أي اتفاق محتمل سيكون مؤقتًا، وقابلًا للانهيار، في ظل الضغوط الداخلية في أمريكا، واللوبيات الصهيونية، والهواجس الأمنية الإسرائيلية، التي تزيد من تعقيد مسار التفاوض.

من هنا، تبدو الحاجة ملحة للحفاظ على هدوء إعلامي وإفساح المجال أمام مفاوضات بناءة، قد تقود إلى اتفاق يخدم جميع الأطراف. فعلى الرغم من الآمال المحدودة في اتفاق مؤقت، لا تزال المحادثات النووية بين إيران وأمريكا تدور في فلك خلافات أساسية وضغوط سياسية داخلية وإقليمية. وبينما تصرّ إيران على حقوقها النووية ورفع العقوبات بالكامل، تفرض الولايات المتحدة شروطًا صارمة ومعقدة، ويزيد من تعقيد الصورة نفوذ اللوبيات الصهيونية والمخاوف الإقليمية. ولهذا، فإن مستقبل المفاوضات لا يزال غامضًا، وتحقيق اتفاق شامل ومستدام يتطلب صبرًا ومرونة وحوارًا واضحًا بين الأطراف.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر − 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى